Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

صورة لعملية توزيع قفة رمضان (سوشل ميديا)
صورة لعملية توزيع قفة رمضان (أرشيف)

مع حلول شهر رمضان، يتجدد الحديث عن بنوك الطعام المخصصة للفئات الفقيرة بالبلدان المغاربية، إذ دأبت حكومات بالمنطقة على تغطية الحاجيات الغذائية للسكان ذوي الدخل المحدود في إطار مشاريع تضامنية تختلف شكلا، لكن مضمونها واحد وهو إعالة الأسر الفقيرة خلال شهر الصيام.

وتأتي بنوك الطعام هذه السنة في وقت تشهد فيه بلدان المنطقة غلاء معيشياً شديدا ومستويات تضخم مرتفعة بسبب أزمات عدة، من بينها الحرب الروسية على أوكرانيا وتأثّر الزراعة المعيشية بالتقلبات المناخية، بالإضافة إلى استمرار تداعيات فيروس كورونا على بعض القطاعات الحيوية، مثل السياحة. 

الجزائر.. "قفة رمضان"

انطلقت الحكومات الجزائرية في مساعدة الفئات الفقيرة خلال رمضان منذ أيام حكم الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019)، ضمن حملات تُسمى "قفة رمضان".

وعبر سنوات، وزعت الحكومات المتعاقبة ملايين الوجبات والمواد الغذائية الأساسية في إطار هذا المشروع.

وفي 2018، أعطى بوتفليقة تعليماته للحكومة من أجل "وقف اللجوء إلى توزيع قفة رمضان"، على أن "تتم هذه العملية التضامنية من قبل الدولة عن طريق مساعدات مالية"، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية حينها. 

لكن في الأعوام الأخيرة، رجعت هذه الحملات بقوة، إذ تستفيد منها حالياً أكثر من 300 ألف عائلة، وفق أرقام رسمية.

وبين الفينة والأخرى، تعلو الأصوات التي تشير إلى أن المشروع تشوبه "اختلالات تسييريّة"، وهو ما دفع الحكومة، العام الماضي، لإقرار مراجعة شروط الاستفادة من مشروع "قفة رمضان".

ومؤخرا، تجددت النقاشات بخصوص الجهات المستفيدة، ما دفع السلطات إلى إعلان فتح تحقيقات ووضع شروط جديدة للاستفادة.

ومن بين الإجراءات الجديدة المتخذة ألا تتجاوز أجرة المستفيد 18 ألف دينار جزائري شهريا، (حوالي 131 دولار أميركي)، كما تم إبعاد المطلّقات وذوي الاحتياجات دون أطفال من العملية.

ويعاني جزائريون - مثل بقية المغاربيين - من الغلاء الشديد، إذ تضررت القدرة الشرائية بسبب انهيار قيمة العملة المحلية وزيادة أسعار العديد من المواد الاستهلاكية في السوق المحلية. 

ولا توجد أرقام حديثة للفقر في الجزائر، لكن "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان"، أكدت، في آخر تقرير أصدرته قبل جائحة كورونا، وجود ما يزيد عن 10 ملايين جزائري يعيشون تحت خط الفقر.

المغرب.. "عملية رمضان"

يُقدِم المغرب أيضا سنويا على تغطية حاجيات ملايين الأسر المعوزة تحت حملات خيرية معروفة إعلاميا أيضا بـ"قفة رمضان".

وقد أطلق العاهل المغربي، محمد السادس، خلال رمضان الحالي "عملية رمضان 1444"، وهي مبادرة تقوم على توزيع سلل غذائية مكونة من المواد الأساسية.

وبحسب وكالة الأنباء الرسمية، فإن مبادرة هذا العام "استثنائية"، إذ تعرف "رفع عدد المستفيدين من الدعم الغذائي من 600 ألف عائلة في النسخة الماضية إلى 1 مليون عائلة".

وفي المجمل، تستهدف "عملية رمضان" سنة 2023 قرابة خمسة ملايين شخص. 

وتُكلف هذه العملية التضامنية - التي تغطي 83 إقليما وعمالة بالمملكة - 390 مليون درهم، أي نحو 38 مليون دولار. 

وتتضمن السلل الغذائية لهذا العام مواد مطبخيّة، أساسية مثل الأرز والحليب، والدقيق، وزيت المائدة، والسكر، والعدس، والمعجنات، والشاي، وغيرها.   

وفي أكتوبر الماضي، كشفت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب (رسمية) أن حوالي 3.2 مليون شخص إضافي تدهورت أوضاعهم المعيشية، تحت التأثير المزدوج للأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا، والتضخم.

وارتفع معدل "الفقر المطلق" من 1.7 في المئة في 2019 إلى 3 في المائة خلال 2021 على المستوى الوطني، ومن 3,9 في المائة إلى 6,8 في المائة في المناطق القروية، ومن 0,5 في المائة إلى 1 في المائة في المناطق الحضرية، حسب معطيات المندوبية.

موريتانيا.. "عملية رمضان"

منذ سنوات، دأبت الحكومة الموريتانية على توفير المواد الغذائية بأثمنة مناسبة للأسر الأقل دخلا ضمن برنامج يُعرف بـ"عملية رمضان".

ورغم أن البرنامج انطلق منذ سنوات لتوفير السلع بأسعار مدعمة للفئات الهشة، إلا أن التوقعات تُشير إلى إقبال شديد هذه السنة بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق.

وتشمل "عملية رمضان" دعم مواد أساسية - مثل السكر والتمر والبصل والبطاطس والسردين - في ما يزيد عن 35 نقطة بيع في العاصمة نواكشوط ومناطق أخرى بالداخل.

وتوفر المبادرة دعما لأسعار المواد الغذائية بنسبة تتجاوز 50 في المئة.

ويظل المستفيدون أيضا من العملية مثار جدل، إذ يتهم البعض فئة من التجار بشراء مواد غذائية مدعمة قبل بيعها مرة أخرى بنفس أثمان السوق للفئات الأكثر احتياجا.

وفي الأسابيع الأخيرة، أثيرت ضجة كبيرة على خلفية ظهور مسؤول يقوم بـ"الاستيلاء" على أغذية مخصصة لـ"عملية رمضان".

وأثار نشر فيديو "التلاعب" بهذه المساعدات غضب العديد من النشطاء، الذين اشتكوا من غياب الشفافية والقدر الكافي من الرقابة على المبادرة الحكومية، في وقت يلفح غلاء الأسعار جيوب الفئات الهشة. 

وقد أكدت مفوضية الأمن الغذائي (مؤسسة رسمية) صحة الفيديو المنشور، مشيرة إلى أنه تم فصل الشخص المعني.

وتشير تقديرات للبنك الدولي إلى أن نحو 30% من سكان موريتانيا يعيشون تحت خط الفقر.

تونس.. مساعدات رمضانية 

وتشرع السلطات التونسية أيضا في توزيع مساعدات مالية وتوفير موائد إفطار لآلاف العائلات من ذوي الدخل المحدود.

ووفق تصريحات لرئيس الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي، فإن محمد الخويني - أوردها موقع إذاعة "موزاييك" المحلي، فقد وفّرت تونس هذا العام سلل رمضانية وموائد إفطار وكسوة العيد لـ 45 ألف عائلة بمبلغ يصل إلى 13 مليون دينار تونسي.

وتعيش تونس على وقع تضخم شديد وأزمة مالية أدت إلى مستويات كبيرة من البطالة والفقر.

واتسعت رقعة الفقر في تونس لتصل إلى 16.6 في المئة سنة 2021، مقابل 15.2 في المئة سنة 2015، وفقا لنتائج المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر لسنة 2021.

ليبيا.. مبادرات مدنية

وفي ليبيا، تقوم جمعيات مدنية  أيضا بتعبئة رمضانية لإعالة الأسر الفقيرة، في هذا البلد الذي يعيش على وقع الانقسام الحكومي.

ورغم غياب برامج حكومية رمضانية ضخمة، إلا أن نشطاء ينظمون حملات خيرية وموائد إفطار مجانية لفائدة الفئات الاجتماعية الهشة.

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية