في 6 أبريل 1832... قصة مجزرة فرنسية في حق قبيلة العوفية بالجزائر
شهدت الجزائر مع بدايات دخول قوات الاستعمار الفرنسي عام 1830، أعمالا وحشية، بينها المجزرة التي تعرضت لها يوم 6 أبريل 1832 قبيلة العوفية، قرب الجزائر العاصمة، وذلك عقب اتهامها من قبل قادة الجيش الفرنسي بمساعدة المقاومين في محيط العاصمة، على إثر استسلام الداي حسين واندلاع المقاومة من طرف أهالي سهل متيجة والبليدة.
من هي قبيلة العوفية؟
توجد قبيلة العوفية جنوب شرق الجزائر العاصمة، التي تعرف بمنطقة الحراش حاليا، وشكلت همزة وصل ما بين المقاومين في قصبة الجزائر، والمقاومين الآخرين في سهل متيجة والأطلس البليدي والتيطري ومنطقة القبائل وكلها مناطق بمثابة المحيط القريب للعاصمة.
ويقول المؤرخ الجزائري، يوسف تلمساني، لـ"أصوات مغاربية" إن قبيلة العوفية، المعروفة بشجاعة فرسانها، ظلت محل شكوك واتهامات بمشاركتها في أعمال المقاومة التي قادها أبناء متيجة، وشرق شرشال في تلال العاصمة والأطلس البليدي، منذ أن سقطت المقاومة داخل الجزائر العاصمة.
وفد الزيبان.. الذريعة
ويروي المؤرخ تلمساني أن أحد شيوخ منطقة الزيبان، ويدعى فرحات بن سعيد، أرسل وفدا للحاكم العام بالعاصمة، الدوق "دي روفيغو"، يطلب منه "الاعتراف به في منصب شيخ للعرب، مقابل الولاء لفرنسا".
ويضيف المتحدث أن الوفد حظي باستقبال الدوق وعاد محملا بالهدايا، وخلال مروره بمحيط قبيلة العوفية تعرض للاعتداء من قبل قطاع الطرق، وينفي المؤرخ تلمساني أن يكون فرسان أو أهل القبيلة هم من نفذوا هذه العملية، لأن من قاموا بها اكتفوا بنهب الهدايا فقط.
وعاد الوفد مرة ثانية ليشكو ما وقع له للحاكم العام الفرنسي بالجزائر "الذي اقتنص فرصة الحادث واتهم القبيلة بمعاداة فرنسا".
وحسب يوسف تلمساني فإن الحاكم العسكري الفرنسي االدوق "دي روفيغو" اختار 400 قناص من أمهر رجاله و"خطط لمباغتة القبيلة ليلا وإبادة كافة أفرادها".
المجزرة..
دامت المجزرة يومين كاملين من 6 إلى 7 أبريل 1832، حين هاجم القناصة الفرنسيون خيام قبيلة العوفية الذين كانوا نياما، ويذكر المؤرخ تلمساني أن شهادات الجنود في ذلك الوقت أكدت أنهم "لم يستخدموا الذخيرة الحية أو إطلاق النار على أفراد القبيلة، بل اكتفوا بحراب بنادقهم، وطعن الضحايا".
ويصف المتحدث ما جرى بشكل مأساوي، حول طريقه سلب النساء للحلي والذهب، بينما علقت روؤس قادة القبيلة في باب عزون بالعاصمة على الرماح.
ويشير المصدر إلى أن نتيجة تلك المجزرة التي أبادت أغلب أفراد قبيلة العوينة أدت إلى مقتل 1200 شخص من الجنسين ومن مختلف الأعمار بما في ذلك الأطفال.
جريمة حرب ضد الإنسانية
يصف أستاذ التاريخ محمد بن يوب في تصريحه لـ"أصوات مغاربية" مجزرة "قبيلة العوفية" بأنها كانت من أبشع الجرائم التي تعرض لها الجزائريون خلال فترة الاستعمار الفرنسي، ويقول "كانت جريمة حرب لا تتقادم".
ويرى بن يوب أن تلك الوحشية عبر عنها قادة الجيش الفرنسي لاحقا في عدة مناطق وحوادث إبادة تعرضت لها قبائل أخري خارج الجزائر العاصمة.
وحسب بن يوب فإن قادة وجنرالات الجيش الفرنسي "أرادوا بث الهلع والخوف بين باقي السكان والقبائل"، وأن رسالتهم "استهدفت عزل المقاومة الشعبية بترهيب الأهالي بمجازر في حق كل من تثبت مشاركتها في المقاومة،" معتبرا أن ذلك كان "عقابا جماعيا للجزائريين".
المصدر: أصوات مغاربية