فيتشر

في 6 أبريل 1832... قصة مجزرة فرنسية في حق قبيلة العوفية بالجزائر

07 أبريل 2023

شهدت الجزائر مع بدايات دخول قوات الاستعمار الفرنسي عام 1830، أعمالا وحشية، بينها المجزرة التي تعرضت لها يوم 6 أبريل 1832 قبيلة العوفية، قرب الجزائر العاصمة، وذلك عقب اتهامها من قبل قادة الجيش الفرنسي بمساعدة المقاومين في محيط العاصمة، على إثر استسلام الداي حسين واندلاع المقاومة من طرف أهالي سهل متيجة والبليدة.

من هي قبيلة العوفية؟

توجد قبيلة العوفية جنوب شرق الجزائر العاصمة، التي تعرف بمنطقة الحراش حاليا، وشكلت همزة وصل ما بين المقاومين في قصبة الجزائر، والمقاومين الآخرين في سهل متيجة والأطلس البليدي والتيطري ومنطقة القبائل وكلها مناطق بمثابة المحيط القريب للعاصمة.

ويقول المؤرخ الجزائري، يوسف تلمساني، لـ"أصوات مغاربية" إن قبيلة العوفية، المعروفة بشجاعة فرسانها، ظلت محل شكوك واتهامات بمشاركتها في أعمال المقاومة التي قادها أبناء متيجة، وشرق شرشال في تلال العاصمة والأطلس البليدي، منذ أن سقطت المقاومة داخل الجزائر العاصمة.

وفد الزيبان.. الذريعة

ويروي المؤرخ تلمساني أن أحد شيوخ منطقة الزيبان، ويدعى فرحات بن سعيد، أرسل وفدا للحاكم العام بالعاصمة، الدوق "دي روفيغو"، يطلب منه "الاعتراف به  في منصب شيخ للعرب، مقابل الولاء لفرنسا".

ويضيف المتحدث أن الوفد حظي باستقبال الدوق وعاد محملا بالهدايا، وخلال مروره بمحيط قبيلة العوفية تعرض للاعتداء من قبل قطاع الطرق، وينفي المؤرخ تلمساني أن يكون فرسان أو أهل القبيلة هم من نفذوا هذه العملية، لأن من قاموا بها اكتفوا بنهب الهدايا فقط. 

وعاد الوفد مرة ثانية ليشكو ما وقع له للحاكم العام الفرنسي بالجزائر "الذي اقتنص فرصة الحادث واتهم القبيلة بمعاداة فرنسا".

وحسب يوسف تلمساني فإن الحاكم العسكري الفرنسي االدوق "دي روفيغو" اختار 400 قناص من أمهر رجاله و"خطط لمباغتة القبيلة ليلا وإبادة كافة أفرادها".

المجزرة..

دامت المجزرة يومين كاملين من 6 إلى 7 أبريل 1832، حين هاجم القناصة الفرنسيون خيام قبيلة العوفية الذين كانوا نياما، ويذكر المؤرخ تلمساني أن شهادات الجنود في ذلك الوقت أكدت أنهم "لم يستخدموا الذخيرة الحية أو إطلاق النار على أفراد القبيلة، بل اكتفوا بحراب بنادقهم، وطعن الضحايا".

ويصف المتحدث ما جرى بشكل مأساوي، حول طريقه سلب النساء للحلي والذهب، بينما علقت روؤس قادة القبيلة في باب عزون بالعاصمة على الرماح. 

ويشير المصدر إلى أن نتيجة تلك المجزرة التي أبادت أغلب أفراد قبيلة العوينة أدت إلى مقتل 1200 شخص من الجنسين ومن مختلف الأعمار بما في ذلك الأطفال.

جريمة حرب ضد الإنسانية

يصف أستاذ التاريخ محمد بن يوب في تصريحه لـ"أصوات مغاربية" مجزرة "قبيلة العوفية" بأنها كانت من أبشع الجرائم التي تعرض لها الجزائريون خلال فترة الاستعمار الفرنسي، ويقول "كانت جريمة حرب لا تتقادم".

ويرى بن يوب أن تلك الوحشية عبر عنها قادة الجيش الفرنسي لاحقا في عدة مناطق وحوادث إبادة تعرضت لها قبائل أخري خارج الجزائر العاصمة.

وحسب بن يوب فإن قادة وجنرالات الجيش الفرنسي "أرادوا بث الهلع والخوف بين باقي السكان والقبائل"، وأن رسالتهم "استهدفت عزل المقاومة الشعبية بترهيب الأهالي بمجازر في حق كل من تثبت مشاركتها في المقاومة،" معتبرا أن ذلك كان "عقابا جماعيا للجزائريين".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

تتميز الجزائر بتفرد لباس النسوة التقليدي
تتميز الجزائر بتفرد لباس النسوة التقليدي

تألقت "البلوزة الوهرانية"، وهي لباس تقليدي منتشر بغرب الجزائر، وترتديه النسوة في المناسبات والأفراح، بمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي في نسخته الثانية عشرة التي افتتحت الجمعة، بعد ظهور فنانات وهن يلبسنه.

بين البساطة والفخامة

لا تخلو أفراح وهران من حضور "البلوزة"، فهي جزء من طابع المدينة الثقافي والاجتماعي.

إنهاء "البلوزة الوهرانية" يتطلب أحيانا شهورا من العمل

زاوجت "البلوزة" بين تقاليد الماضي المحافظ منذ ظهورها في القرن السادس عشر، وبين ما تفرضه موضة الحاضر من دقة في الخياطة وتناسق في الشكل والألوان، بعدما عرفت تطورا من كونها عباءة فضفاضة بسيطة إلى لباس حريري فخم مخصص للمناسبات ومطرز بالجواهر غالية الثمن في المدن الكبرى.

⚜البلوزة الوهرانية🇩🇿👑 مباشرة من مسقط رأسها مدينة وهران🦁 الباهية بعدما تألقت بها الفنانة الوهرانية القديرة "فضيلة حشماوي"...

Posted by ‎الثراث الجزائري العريق‎ on Saturday, October 5, 2024

إلا أن وجود البلوزة لا يقتصر على الأفراح فقط، بل يتخذ شكل البساطة في المناطق الريفية، كونه يعد لباسا يوميا للنساء، خصوصا المسنات.

و"البلوزة الوهرانية" هي ثوب طويل زاهي الألوان تطور خلال تعاقب حضارات إسلامية على المغرب الأوسط، وبرز بأشكال مختلفة وبسيطة إلى أن اتخذ شكله الحالي في القرن التاسع عشر، وأطلق عليا الفرنسيون اسم "البلوز" ومعناه "الثوب الطويل".

لباس في شكل لوحة

تتكون "البلوزة الوهرانية" من عدة قطع تشكل ما يشبه لوحة فنية لزي قادم من الماضي، لكنه يتماهى كثيرا مع الحاضر وألوانه وأشكاله.

فبعد اختيار لون القماش وشكله ومقاسه، تبدأ مرحلة "التعميرة" عبر زخرفة الصدر بجواهر ملونة في أشكال متناسقة، كما يصمم تطريز فريد في منطقتي الخصر والأكمام.

وفي مرحلتها الثانية، تأخذ أكمام "البلوزة" أشكالا بحسب النوعية المطلوبة والقياس.

وتحمل "البلوزة الوهرانية" أسماء عدة، أشهرها "بلوزة الزعيم"، وهي النوع الأفخم الذي ترتديه العرائس. وتتميز بزخرفها المنمقة، وتستعمل فيها مختلف أنواع أحجار التزيين مثل "المور" و"الكريستال".

كما توجد "بلوزة الكبيرات" و"بلوزة الوقر"، وفق ما توضح دراسة خاصة بـ"البلوزة الوهرانية" لمجلة "دراسات فنية" الصادرة عن جامعة تلمسان.

زي واحد وأسعار مختلفة

تتباين أسعار "البلوزة الوهرانية" التي تنتشر على نطاق واسع بمدن الغرب الجزائري، حسب حجم "التعميرة" (التطريز) ونوعية الأحجار المستخدمة في التزيين، وتتراوح بين 200 إلى 376 دولار، وفق ما صرحت به مصممة البلوزة، زوليخة، لـ "أصوات مغاربية"، موضحة أن السعر يختلف أيضا حسب استعمالات "البلوزة"، هل هي معدة لباسا يوميا ومناسباتيا.

ونظرا للإقبال عليها، لجأ كثيرون إلى إطلاق مشاريع خياطة بـ"البلوزة" وتأجيرها في المناسبات.

 

المصدر: أصوات مغاربية