Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

آثار مدينة قورينا الإغريقية في ليبيا - أرشيف
آثار مدينة قورينا الإغريقية في ليبيا - أرشيف

حذرت دراسة نشرتها المجلة العالمية للبحوث العلمية "بلوس ون" (PLOS ONE) من تعرض المواقع الأثرية على طول الخط الساحلي الليبي لخطر التلف بسبب زيادة تآكل السواحل هناك. 

وأضافت الدراسة - التي نقلت منظمة "فيز" (Phys)، المتخصصة في علوم الأرض والفيزياء - مقتطفات منها، أن ساحل برقة بالشرق الليبي، الممتد من خليج سرت إلى الحدود المصرية الليبية الحالية، ينطوي على "تاريخ طويل من التواجد البشري يعود إلى العصر الحجري القديم"، لكنه في الوقت الراهن مهدد بالضياع.

"تآكل سريع" في شاطئ برقة

وأشارت إلى هذه المنطقة "تحوي العديد من المواقع الأثرية المهمة والتي غالبا ما تكون غير مدروسة"، لكنها تتعرض لـ"معدلات عالية من التآكل" مما يهدد بإلحاق الضرر أو "حتى محو" العديد من هذه المواقع المهمة. 

واعتمدت الدراسة الجديدة على السجلات التاريخية والحديثة لشاطئ برقة باستخدام الصور الجوية والأقمار الصناعية والمراقبة الميدانية لتقييم أنماط تآكل السواحل بالقرب من المواقع الأثرية الهامة.

 وقد أظهرت هذه المعطيات حصول "تآكل واسع للشواطئ ومعدلات متزايدة من التعرية في السنوات الأخيرة".

ورجحت أن يكون سبب هذا الوضع مرتبطاً بالأنشطة البشرية، مثل استخراج الرمال، والتحولات السكانية من المناطق الريفية إلى الحضرية.

وخلصت نتائج الدراسة إلى أن "المعدلات الحالية لتآكل السواحل مشكلة رئيسية لهذه المواقع"، مرجّحة أن "تزداد في المستقبل مع زيادة الأنشطة البشرية وارتفاع مستويات سطح البحر بسبب تغير المناخ، ما يعرض هذه المواقع لخطر الضرر التدريجي وبالتالي فقدان معلومات تاريخية قيّمة".

واقترح الباحثون ضرورة وضع خطط للتخفيف من الوضع الحالي، وزيادة الوعي بالعوامل التي تؤدي إلى تفاقم تآكل السواحل، علاوة على "الحاجة الماسة لدعم زملائنا الليبيين في التخفيف من الأضرار التي لحقت بهذه المواقع التراثية المهددة بالاضمحلال والتي لا يمكن تعويضها". 

وكان دراسة صادرة عن البنك الدولي، في يناير الماضي، حذرت من آثار تآكل المناطق الساحلية في شمال أفريقيا بشكل عام، مشيرة إلى أن المنطقة المغاربية ثاني أكثر المناطق الساحلية تآكلا، بعد جنوب آسيا حيث تختفي أجزاء من بنغلاديش بسرعة شديدة.

وأوضحت أن بعض المناطق التي وصفها بـ"النقاط الساخنة" تختفي بمعدلات سريعة تصل إلى أمتار عدة في العام الواحد.

تدعيات الوضع السياسي المتدهور

لكن الإرث الثقافي الليبي يتعرض أيضا للإهمال وسنوات من النهب بفعل الفوضى السياسية والحرب في البلد.

فقد تضررت المعالم الأثرية خلال السنوات الماضية بسبب انعدام الأمن وتنافس فصائل متناحرة على السيطرة على البلاد.

وتضم ليبيا خمسة مواقع أثرية عالمية مدرجة على قوائم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، من بينها آثار شحات ولبدة الكبرى وصبراتة وجبال أكاكوس في عمق الصحراء.

وكانت هذه المعالم تجلب آلاف السياح الأجانب، لكنها تعرضت إبان الانتفاضة ضد الدكتاتور السابق، معمر القذافي، للتخريب والتشويه والتدمير من طرف مليشيات مسلحة وجماعات دينية متشددة.

ورغم نجاة أغلب المعالم الأثرية من الحرب، إلا أنها ما تزال مهددة، وفق مسؤولي صيانة الآثار في ليبيا، بأخطار التهريب والسرقة والإهمال.

والعام الماضي، أطلقت سفارة الولايات المتحدة في ليبيا مشروعا تحت شعار "الحقيبة المتحفيّة" من أجل حماية المعالم الأثرية في هذا البلد المغاربي. 

وقد انفتح هذا المشروع على المختصين والناشطين في دول المنطقة المغاربية عبر ورشات تدريبية بشأن المحافظة على الآثار وحمايتها من الاندثار والتهريب.

ورغم الانقسام الحكومي، تسعى السلطات الثقافية إلى استرجاع الآثار المنهوب والمهرّب خارج البلاد، بالإضافة إلى تطوير التشريعات التي تضمن حماية هذا الإرث التاريخي.

 لكن إرساء القوانين اللازمة يبقى مرهونا بالاستقرار السياسي في البلاد، علاوة على استرجاع قدرة الدولة على فرض رقابة دقيقة على المنافذ البرية والجوية. 

وبالرغم من كل هذه التحديات، تعلن السلطات الثقافية بين الفينة والأخرى اكتشافات أثرية واسترجاع معالم منهوبة. 

ففي 2019، أعلنت مصلحة الآثار الليبية اكتشاف مقبرة عائلية تعود إلى القرن الثاني الميلادي في منطقة قرقارش بالعاصمة طرابلس.

وفي فبراير الماضي، أعلن جهاز دعم الاستقرار في ليبيا استعادة تمثال "الذئبة كابيتولينا" التي ترمز لتأسيس مدينة روما الإيطالية وكانت اختفت من متحف السرايا الحمراء بالعاصمة طرابلس قبل سنوات.

وعلى غرار "الذئبة كابيتولينا"، تعرضت آلاف القطع الأثرية للسرقة، مثل تمثال "بيرسيفون" الرخامي الذي يعتقد أنه يعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وصادرته السلطات البريطانية في مطار هيثرو بلندن في 2013.

وفي نفس الفترة التي أعلن فيها العثور على تمثال "بيرسيفون"، كشف المتحف البريطاني في لندن بأنه يحتفظ بقطع أثرية أخرى مصدرها مدينة قورينا (شرق ليبيا) ومنها أساور أفعى منحوتة في معصمها وتحمل دمية صغيرة، من دون الإشارة إلى كيفية حصوله عليها.

 وفي مارس 2022 أعادت الولايات المتحدة مجموعة من القطع الأثرية المهربة إلى ليبيا، بينها تمثالين يعود تاريخهما إلى القرن الرابع قبل الميلاد من مدينة قورينا القديمة، المعروفة حالياً بمدينة شحات في شرق البلاد.

 

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية