احتجاجات وسط الجزائر العاصمة ضد الاستعمار الفرنسي - أرشيف
احتجاجات وسط الجزائر العاصمة ضد الاستعمار الفرنسي - أرشيف

في مثل هذا اليوم قبل 65 عاما، أعدمت السلطات الاستعمارية الفرنسية، طالب عبد الرحمان، الذي اشتهر بلقب "كيميائي الثورة الجزائرية" لدراسته الكيمياء ولعمله على صناعة القنابل التي كان يستعملها الثوار في عملياتهم ضد قوات الاستعمار. 

ويشير تقرير للإذاعة الجزائرية إلى أن طالب عبد الرحمان "أعدم بالمقصلة في سجن بربروس بعد أن تعرض لكل أنواع التعذيب"، علما أن سنه لم يكن يتجاوز حينها 28 عاما. 

ولادة عشية مئوية الاستعمار

عشية احتفال قوات الاستعمار الفرنسي بمئوية دخولها إلى الجزائر، وتحديدا في ربيع عام 1930، كان الحي الشعبي القصبة على موعد مع ميلاد طالب عبد الرحمان من عائلة تنحدر من آزفون بمنطقة القبائل.

وعن نشأته، يقول أستاذ التاريخ بجامعة الشلف (غرب الجزائر) محمد بن ترار، إن الأحداث التي عاشها "ساهمت في بلورة شخصيته المكافحة الرافضة لما يقوم به الاستعمار وما يرتكبه من جرائم بحق الشعب".

و"خلال مجازر 8 ماي 1945، كان طالب عبد الرحمان لا يزال فتى، لكنه كان يشعر بآلام الناس، ويسمع روايات تلك الأحداث الأليمة التي اعتصر قلبه لبشاعتها"، يضيف بن ترار. 

بدوره، يصف الأستاذ والباحث في تاريخ الثورة، بجامعة الجزائر، سعيد شيكدان، شخصية طالب عبد الرحمان بالقول "إنها كانت قوية  وكلها عزيمة وإصرار على التضحية"، مضيفا أن "الأوضاع الصعبة صقلت شخصيته بعد أن آمن بإمكانية مواجهة الاستعمار بالوسائل البسيطة المتاحة".

في الجامعة، "قضى طالب عبد الرحمان سنتين في دراسة الطب إلا أنه فضل بعد ذلك الالتحاق بكلية العلوم حيث درس الكيمياء، كما أتقن اللغة الألمانية"، يوضح بن ترار الذي يشير إلى أنه كان بموازاة ذلك "يتابع كافة أخبار الصناعات العسكرية في ذلك الوقت وتطورها".

الالتحاق بجيش التحرير والإعدام

وبعد سنة من اندلاع الثورة الجزائرية التحق طالب عبد الرحمان بجيش التحرير، ويقول بن ترار إن ذلك "شجعه على التفكير في وسائل أكثر فعالية لمواجهة قوات الجيش الفرنسي".

وفي السياق نفسه، يقول شيكدان إن الثورة "لم تكن بحاجة لحاملي السلاح فقط، بل أيضا للعلماء والطلبة والمفكرين والكتاب وغيرهم".

انطلاقا من ذلك، وفي منطقة أزفون، التي تنحدر منها عائلته، "كان أول نشاط له في الثورة، وتحديدا في صناعة القنابل للمقاومين، حيث تطور نشاطه إلى أن أنشأ مخبرا سريا لصناعة القنابل التقليدية في الجزائر العاصمة" يقول بن ترار.

وبحسب المتحدث ذاته فإن "نشاطه حينها لم يعد خافيا على قوات الاستعمار الفرنسي التي حددت هويته وشرعت في ملاحقته عبر مخبريها والعملاء الذين يشتغلون لديها"، مشيرا إلى أن "معركة الجزائر الشهيرة التي استعملت فيها المقاومة عشرات القنابل هي التي فتحت عيون الاستعمار على هوية صانعها".

ألقت قوات الاستعمار الفرنسي القبض على طالب عبد الرحمان وفي فجر يوم 24 أبريل 1958 تم إعدامه، وفي هذا الإطار يقول شيكدان إن الحكومة الفرنسية "أصرت على تنفيذ حكم الإعدام بحقه" مردفا أن ذلك "شكل خسارة كبيرة للثورة".

من جانبه، وفي إشارة إلي عدم خوفه من الإعدام، يقول بن ترار إن طالب عبد الرحمان قال لمن كانوا حوله لحظة إعدامه "إذا لم أمت بعد التنفيذ اعدموني مرة ثانية وثالثة".

  • المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

تتميز الجزائر بتفرد لباس النسوة التقليدي
تتميز الجزائر بتفرد لباس النسوة التقليدي

تألقت "البلوزة الوهرانية"، وهي لباس تقليدي منتشر بغرب الجزائر، وترتديه النسوة في المناسبات والأفراح، بمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي في نسخته الثانية عشرة التي افتتحت الجمعة، بعد ظهور فنانات وهن يلبسنه.

بين البساطة والفخامة

لا تخلو أفراح وهران من حضور "البلوزة"، فهي جزء من طابع المدينة الثقافي والاجتماعي.

إنهاء "البلوزة الوهرانية" يتطلب أحيانا شهورا من العمل

زاوجت "البلوزة" بين تقاليد الماضي المحافظ منذ ظهورها في القرن السادس عشر، وبين ما تفرضه موضة الحاضر من دقة في الخياطة وتناسق في الشكل والألوان، بعدما عرفت تطورا من كونها عباءة فضفاضة بسيطة إلى لباس حريري فخم مخصص للمناسبات ومطرز بالجواهر غالية الثمن في المدن الكبرى.

⚜البلوزة الوهرانية🇩🇿👑 مباشرة من مسقط رأسها مدينة وهران🦁 الباهية بعدما تألقت بها الفنانة الوهرانية القديرة "فضيلة حشماوي"...

Posted by ‎الثراث الجزائري العريق‎ on Saturday, October 5, 2024

إلا أن وجود البلوزة لا يقتصر على الأفراح فقط، بل يتخذ شكل البساطة في المناطق الريفية، كونه يعد لباسا يوميا للنساء، خصوصا المسنات.

و"البلوزة الوهرانية" هي ثوب طويل زاهي الألوان تطور خلال تعاقب حضارات إسلامية على المغرب الأوسط، وبرز بأشكال مختلفة وبسيطة إلى أن اتخذ شكله الحالي في القرن التاسع عشر، وأطلق عليا الفرنسيون اسم "البلوز" ومعناه "الثوب الطويل".

لباس في شكل لوحة

تتكون "البلوزة الوهرانية" من عدة قطع تشكل ما يشبه لوحة فنية لزي قادم من الماضي، لكنه يتماهى كثيرا مع الحاضر وألوانه وأشكاله.

فبعد اختيار لون القماش وشكله ومقاسه، تبدأ مرحلة "التعميرة" عبر زخرفة الصدر بجواهر ملونة في أشكال متناسقة، كما يصمم تطريز فريد في منطقتي الخصر والأكمام.

وفي مرحلتها الثانية، تأخذ أكمام "البلوزة" أشكالا بحسب النوعية المطلوبة والقياس.

وتحمل "البلوزة الوهرانية" أسماء عدة، أشهرها "بلوزة الزعيم"، وهي النوع الأفخم الذي ترتديه العرائس. وتتميز بزخرفها المنمقة، وتستعمل فيها مختلف أنواع أحجار التزيين مثل "المور" و"الكريستال".

كما توجد "بلوزة الكبيرات" و"بلوزة الوقر"، وفق ما توضح دراسة خاصة بـ"البلوزة الوهرانية" لمجلة "دراسات فنية" الصادرة عن جامعة تلمسان.

زي واحد وأسعار مختلفة

تتباين أسعار "البلوزة الوهرانية" التي تنتشر على نطاق واسع بمدن الغرب الجزائري، حسب حجم "التعميرة" (التطريز) ونوعية الأحجار المستخدمة في التزيين، وتتراوح بين 200 إلى 376 دولار، وفق ما صرحت به مصممة البلوزة، زوليخة، لـ "أصوات مغاربية"، موضحة أن السعر يختلف أيضا حسب استعمالات "البلوزة"، هل هي معدة لباسا يوميا ومناسباتيا.

ونظرا للإقبال عليها، لجأ كثيرون إلى إطلاق مشاريع خياطة بـ"البلوزة" وتأجيرها في المناسبات.

 

المصدر: أصوات مغاربية