تشكل الخطارات في جنوب شرق المغرب، نظاما فريدا للتدبير العقلاني للموارد المائية، ساهم عبر مئات السنين في تأمين حاجيات سكان قصبات المنطقة من الماء خاصة خلال فترات الجفاف.
ويٌعرف الباحث المغربي عمر علاحمو، في بحث بعنوان "أهمية الحفاظ على الخطارات وإمكانية إدماجها في صيرورة البناء الترابي بواحة تودغا"، هذا النظام المائي بكونه من أقدم الأنظمة المائية التي ابتكرها الإنسان، مفيدا بأنه ظهر أول مرة في إيران عند الأشوريين منذ أكثر من 3000 سنة، وعرف عند الأفغان باسم "كيراز"، وعند اليمنيين والعمانيين بـ"الفلاج"، بينما عرف في الجزائر بـ"الفكارة" وفي المغرب بـ"الخطارات".
#Maroc #Marruecos #Morocco #المغرب الخطارة نظام تقليدي للسقي في جنوب المغرب و تعتبر ثراث إيكولوجي و معلمة تاريخية للمغرب انتشرت في المغرب منذ أزيد من ألف سنة وتعد الخطارات المائية كأنظمة نقل للمياه عبر أروقة تحت أرضية الخطارة المغربية معلمة تاريخية واقتصادية واجتماعية وتراثا pic.twitter.com/QQzvbe6RAQ
— #Maroc_trending #ماروك ترندينغ (@maroc_trending) August 12, 2020
نظام الأفلاج أو "الخَطارات" بمنطقة تافيلالت بالمملكة المَغربية ، حيث تتشابه كثيراً مع أنظمة الأفلاج العُمانية . pic.twitter.com/bdNmBE45FB
— كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج (@UCASA_) October 11, 2018
وتنتشر هذه الأنظمة المائية بالمغرب في مراكش وفي مناطق متفرقة جنوب شرق المغرب، أما عددها فيتجاوز 600 خطارة نشيطة، وفق تقرير لوكالة المغرب العربي للأنباء.
أما تاريخ وجودها بالمغرب، فيعود الى القرن الحادي عشر، إذ تم إنشاء أول شبكة للخطارات بمراكش مثلا في عام 1106، قبل أن تشهد الخطارات ازدهارا وتطورا خلال مختلف الدول المتعاقبة على حكم المغرب.
فما المقصود بالخطارات وما هي خصائصها؟
والخطارات عبارة عن قنوات مائية على شكل رواق أفقي تحت الأرض ترتبط بالآبار، وتمتد لبضع كيلومترات بهدف جمع المياه لفترة أطول وتوزيعها بعد ذلك على الواحات وفق نظام معين.
قصة إحدى #العجائب_الهندسية_بالمغرب🇲🇦 عمرها الف عام.على بعد 30 كليومتر عن مدينة #ارفود وبضبط بالجنوب الشرقي للمغرب بمنطقة تسمى #فزنا بالجرف يتواجد أعرق أنظمة السقي التقليدية والذكية بالمغرب يسمى #الخطارات وهي تقنية تحت أرضية في مجال السقي التقليدي كانت تستعمل قديما لجلب المياه👇👇 pic.twitter.com/pTeIeYg5mO
— benazzouz wafae (@wafae_benazzouz) June 24, 2022
وعن هذا النظام، يشرح عمر علاحمو "كل خطارة تنتهي عند مصبها بساقية رئيسية كبيرة مقسمة إلى عدة سواقي ثانوية صغرى وهذه الأخيرة هي التي تزود الحقول بالمياه، وفي حالة وفرة التساقطات المطرية يتم تصريف مياه الخطارة في ساقيتين أو ثلاث تفاديا لغمر الحقول بالمياه وضياعها، أما في حالة الجفاف، فيتم تصريف مياهها في ساقية واحدة".
هو إذن نظام هيدروليكي واجتماعي في الوقت نفسه، إذ بفضله تبقى الأراضي في هذه المناطق الجافة حية تقاوم الجفاف، أما متوسط عدد الأشخاص الذين يستفيدون من خدماتها فيتجاوز 300 ألف شخص، وفق تقرير لوكالة المغرب العربي للأنباء.
غير أن هذا النظام التقليدي أخذ في التراجع والاندثار انطلاقا من خمسينيات القرن الماضي، بعد أن حلت محله التقنيات الحديثة في جلب وتوزيع المياه، كما أدى تراجع عمليات الصيانة إلى إتلاف عدد من الخطارات جنوب شرق البلاد.
واليوم، تعمل منظمات محلية على إعادة الاعتبار للخطارات، منها مؤسسة "مفتاح السعد للرأسمال اللامادي بالمغرب"، التي تنشر من حين لآخر أبحاثا علمية حول الخطارات وتسلط الضوء على هذا النظام الهيدروليكي في مؤتمرات محلية ودولية.
وكانت المؤسسة، إلى جانب وزارة الثقافة المغربية، وراء إعداد ملف ترشيح "المهارات والمعارف التقليدية المرتبطة بالخطارات" ضمن لائحة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي عام 2019.
كما أعادت موجة الجفاف التي يشهدها المغرب في السنوات الأخيرة، مسألة إحياء نظام الخطارات كخطوة لمواجهة شح التساقطات المطرية جنوب شرق المغرب.
المصدر: أصوات مغاربية