Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

سيدة مغربية تقف بجانب ما تبقى من خطارة قرب مراكش
سيدة مغربية تقف بجانب ما تبقى من خطارة قرب مراكش- أرشيف

تشكل الخطارات في جنوب شرق المغرب، نظاما فريدا للتدبير العقلاني للموارد المائية، ساهم عبر مئات السنين في تأمين حاجيات سكان قصبات المنطقة من الماء خاصة خلال فترات الجفاف.

ويٌعرف الباحث المغربي عمر علاحمو، في بحث بعنوان "أهمية الحفاظ على الخطارات وإمكانية إدماجها في صيرورة البناء الترابي بواحة تودغا"، هذا النظام المائي بكونه من أقدم الأنظمة المائية التي ابتكرها الإنسان، مفيدا بأنه ظهر أول مرة في إيران عند الأشوريين منذ أكثر من 3000 سنة، وعرف عند الأفغان باسم "كيراز"، وعند اليمنيين والعمانيين بـ"الفلاج"، بينما عرف في الجزائر بـ"الفكارة" وفي المغرب بـ"الخطارات".

وتنتشر هذه الأنظمة المائية بالمغرب في مراكش وفي مناطق متفرقة جنوب شرق المغرب، أما عددها فيتجاوز 600 خطارة نشيطة، وفق تقرير لوكالة المغرب العربي للأنباء.

أما تاريخ وجودها بالمغرب، فيعود الى القرن الحادي عشر، إذ تم إنشاء أول شبكة للخطارات بمراكش مثلا في عام 1106، قبل أن تشهد الخطارات ازدهارا وتطورا خلال مختلف الدول المتعاقبة على حكم المغرب.

فما المقصود بالخطارات وما هي خصائصها؟

والخطارات عبارة عن قنوات مائية على شكل رواق أفقي تحت الأرض ترتبط بالآبار، وتمتد لبضع كيلومترات بهدف جمع المياه لفترة أطول وتوزيعها بعد ذلك على الواحات وفق نظام معين. 


وعن هذا النظام، يشرح عمر علاحمو "كل خطارة تنتهي عند مصبها بساقية رئيسية كبيرة مقسمة إلى عدة سواقي ثانوية صغرى وهذه الأخيرة هي التي تزود الحقول بالمياه، وفي حالة وفرة التساقطات المطرية يتم تصريف مياه الخطارة في ساقيتين أو ثلاث تفاديا لغمر الحقول بالمياه وضياعها، أما في حالة الجفاف، فيتم تصريف مياهها في ساقية واحدة".

هو إذن نظام هيدروليكي واجتماعي في الوقت نفسه، إذ بفضله تبقى الأراضي في هذه المناطق الجافة حية تقاوم الجفاف، أما متوسط عدد الأشخاص الذين يستفيدون من خدماتها فيتجاوز 300 ألف شخص، وفق تقرير لوكالة المغرب العربي للأنباء.

غير أن هذا النظام التقليدي أخذ في التراجع والاندثار انطلاقا من خمسينيات القرن الماضي، بعد أن حلت محله التقنيات الحديثة في جلب وتوزيع المياه، كما أدى تراجع عمليات الصيانة إلى إتلاف عدد من الخطارات جنوب شرق البلاد.

واليوم، تعمل منظمات محلية على إعادة الاعتبار للخطارات، منها مؤسسة "مفتاح السعد للرأسمال اللامادي بالمغرب"، التي تنشر من حين لآخر أبحاثا علمية حول الخطارات وتسلط الضوء على هذا النظام الهيدروليكي في مؤتمرات محلية ودولية.

وكانت المؤسسة، إلى جانب وزارة الثقافة المغربية، وراء إعداد ملف ترشيح "المهارات والمعارف التقليدية المرتبطة بالخطارات" ضمن لائحة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي عام 2019.

كما أعادت موجة الجفاف التي يشهدها المغرب في السنوات الأخيرة، مسألة إحياء نظام الخطارات كخطوة لمواجهة شح التساقطات المطرية جنوب شرق المغرب.

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية