أعاد قرار متابعة الوزير المغربي السابق، محمد مبديع، في حالة اعتقال على خلفية اتهامات بالفساد، إلى الأذهان قضايا مشابهة كان فيها وزراء ومسؤولون كبار محط شبهات واتهمات بالفساد وتبديد أموال عمومية.
وفيما يأتي رصد لأبرز المسؤولين المغاربة الذين كانوا موضوع تحقيقات بسبب مزاعم فساد أو توبعوا قضائيا بالتهمة نفسها.
خالد عليوة
بعد تقرير للمجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة مغربية للرقابة المالية) عام 2009، تحدث عن "اختلاسات وسوء تدبير" في الفترة التي تولى فيها خالد عليوة إدارة لنك "القرض العقاري والسياحي"، اعتقلت السلطات المغربية عليوة في يونيو عام 2012 رفقة أربعة متهمين آخرين.
وكان التقرير أشار أيضا إلى استفادة عليوة، الذي سبق له أن تقلد منصب وزير التنمية الاجتماعية والتضامن (1998-2000)، من "امتيازات حظي بها، رفقة عائلته ومعارفه، حينما سخّر موارد الفنادق التابعة لمؤسسة القرض العقاري والسياحي لفائدة عائلته وأقاربه، حيث استفاد من أجنحة ملكية كاملة الخدمات لنفسه، وكذا بعض معارفه، كما سخّر كل خدمات الفنادق العالية التكلفة لأقاربه ومعارفه، بشكل مجاني".
اعتقد عليوة بعد استدعائه للتحقيق أن الأمر لن يستغرق سوى ساعات، غير أنه أحيل في اليوم نفسه على سجن عكاشة بمدينة الدار البيضاء رهن الاعتقال الاحتياطي.
فين وصل ملف #خالد_عليوة يا دعاة "الإصلاح في ظل الإستقرار"؟؟؟ pic.twitter.com/3EGkjQ4vGR
— massage therapy et ventouses (@ADNAN_AHMADOUN) February 27, 2015
وفي الرابع من مارس عام 2013، سمح لعليوة بمغادرة سجن عكاشة في إطار رخصة استثنائية لحضور جنازة والدته، غير أنه لم يعد إلى السجن، ما أثار نقاشا بالمغرب حينها.
مزوار وبنسودة
وفي 13 يونيو عام 2012، أمرت وزارة العدل المغربية بفتح تحقيق قضائي للنظر في مزاعم تعويضات تبادلها وزير المالية السابق صلاح الدين مزوا والخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة بعد تحقيق لصحيفة "أخبار اليوم" المغربية.
تزامنت القضية مع تحقيق القضاء المغربي في قضية خالد عليوة، وساد جو من الارتياح لدى المواطنين المغاربة الذين لم يعتادوا رؤية مسؤولين كبار أمام القضاء بسبب مزاعم فساد.
وتحدث مقال "أخبار اليوم" حينها عن حصول مزوار على تعويض وظيفي شهري بعد توقيع من الخازن العام للمملكة قيمته 80 ألف درهم (حوالي 8 آلاف دولار) بينما حصل بنسودة على تعويضات شهرية موقعة من مزوار بقيمة 100 ألف درهم (حوالي 10 آلاف دولار).
وثائق سرية تكشف عن تعويضات خيالية حصل عليخا مزوار و بنسودة#twittoma #maroc #rni pic.twitter.com/35O5TDFG
— ayoub (@a_rafi9) June 13, 2012
غير أن "المفاجأة" كما كتبت الصحيفة المغربية أشهرا بعد ذلك، تمثلت في متابعة كل من المهندس محمد رضى، الموظف السابق في وزارة المالية، وعبد المجيد الويز، موظف سام بالخزينة العامة للمملكة بتهمة تسريب وثائق التعويضات إلى الصحافة، وفي مارس عام 2014 أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط حكما ببراءة رضى وإدانة الويز شهرين موقوفة التنفيذ.
الكروج وفضيحة "الشكلاط"
في يناير عام 2014، فتح محمد مبديع -المتابع حاليا بتهمة الفساد، والذي كان يشغل منصب وزير الوظيفة العمومية-، تحقيقا في ما بات يعرف بالمغرب بـ"فضيحة الشكولاتة"، بطلها عبد العظيم الكروج، الوزير المكلف حينها بالتكوين المهني.
وذكرت الصحافة المغربية حينها أن المسؤول المغربي اقتنى "كمية كبيرة" من الشكولاتة الفاخرة لحفل عقيقة ابنه من المال العام، وقدرت قيمة تلك المشتريات بحوالي 4000 دولار أميركي.
أشهرا بعد ذلك، صادق العاهل المغربي الملك محمد السادس، على طلب تقدم به رئيس الحكومة حينها، عبد الإله بنكيران، بإعفاء ثلاثة وزراء تقدموا باستقالتهم من الحكومة، وهم لحبيب شوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، وسمية بنخلدون، الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، وعبد العظيم الكروج، من مهامه كوزير منتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، المكلف بقطاع التكوين المهني.
مولاي الزين الزاهيدي
بعد تقارير برلمانية حول مزاعم فساد في بنك "القرض العقاري والسياحي"، الذي كان يديره مولاي الزين الزاهيدي في الفترة الممتدة بين 1985 و1999، قرر هذا المسؤول المغربي الهروب إلى إسبانيا قبل وصول القضية إلى القضاء.
تحدثت تقارير صحافية مغربية عن مسؤولية الزاهيدي في اختفاء "ملايير" الدراهم من المؤسسة البنكية، القضية التي أسدلت محكمة بالدار البيضاء الستار عليها أواخر عام 2006، بالحكم غيابيا على الزاهيدي بعشرين سنة سجنا، إلى جانب مسؤولين آخرين.
وقبل إدارته للمؤسسة البنكية المذكورة، تقلد الزاهيدي مناصب حكومية إذ شغل منصب وزير الشغل والإنعاش الوطني ما بين 1983- 1985، ثم وزيرا منتدبا للشؤون الاقتصادية ما بين 1985- 1992، وتقلد كذلك منصب وزير الصناعة والتجارة والخوصصة من سنة 1992 إلى سنة 1993. توفي الزاهيدي بإسبانيا في يناير عام 2021 عن عمر ناهز 85 عاما.
الحسن الثاني يحيل وزراء للقضاء
بدأت تفاصيل هذه القضية التي توصف بـ"أكبر عملية محاربة الفساد بالمغرب" بعد فشل المحاولتين الانقلابيتين على نظام الحسن الثاني بداية سبعينيات القرن الماضي (محاولة الصخيرات قرب الرباط عام 1971 وحادث الطائرة عام 1972).
وتعود تفاصيلها وفق مقال لأستاذ علم السياسة بجامعة الحسن الأول بسطات، عبد الرحمان شحشي، إلى نهاية الستينيات من القرن الماضي، وتحديدا بعد زيارة عمل قادت الجنرال محمد المذبوح إلى الولايات المتحدة، حيث أخبر هناك بتورط عدد من المسؤولين المغاربة في قضايا فساد.
أمر الحسن الثاني بفتح تحقيق في القضية وبعدها أعلن عن إقالة عدد من الوزراء في حكومة أحمد العراقي (1969 – 1971)، وإحالتهم بعد ذلك على المحاكمة.
بلغ عدد المتهمين 14 شخصا بينهم وزراء ومسؤولون كبار في الدولة، منهم مامون الطاهري وزير المالية ومحمد الجعيدي وزير التجارة والصناعة وعبد الكريم الأزرق وزير الاقتصاد وعمر بنمسعود الذي اتهم بالسمسرة.
ووجهت المحكمة التي ترأسها القاضي أحمد الزعاري تهمة الفساد واستغلال النفوذ إلى المتهمين الـ14 وكان ذلك في ديسمبر عام 1972، وحكم على الطاهري بـ10 سنوات سجنا وعلى الجعيدي وبنمسعود بـ8 سنوات سجنا، فيما برأت المحكمة عبد الكريم الأزرق.
المصدر: أصوات مغاربية