Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

احتجاجات وسط الجزائر العاصمة ضد الاستعمار الفرنسي - أرشيف
احتجاجات وسط الجزائر العاصمة ضد الاستعمار الفرنسي - أرشيف

تشكل مظاهرات شهر ماي من عام 1945 ، بحسب مؤرخين، محطة حاسمة في مسار تحول نضال الحركة الوطنية بالجزائر من التظاهر السلمي إلى الثورة المسلحة التي اندلعت في 1 نوفمبر 1945.

وبدأت المظاهرات بمناسبة اليوم العالمي للعمال يوم فاتح ماي من العام 1945 في غالبية المدن الكبرى بالجزائر، للمطالبة بالاستقلال وبتحرير مصالي الحاج الذي كان منفيا في الكونغو.

وتواصلت المظاهرات وانتشرت في عدة مناطق بينها سطيف وقالمة وخراطة إلا أن سلطات الاستعمار واجهتها بقمع عسكري أسقط أكثر ما يناهز 45 ألف ضحية، بحسب تقديرات جزائرية.

"أول ظهور لعلم الجزائر"

في حديثه عن أسباب اندلاع مظاهرات ماي 1945، يقول المؤرخ الجزائري محمد لمين بلغيث إن "فشل مساعي النخبة الجزائرية في إقناع الحكومة الفرنسية بشأن استعادة  الجزائريين حقوقهم السياسية والمدنية وتمكينهم من حق تقرير المصير كان دافعا للتظاهر في فاتح ماي 1945 الذي صادف بداية استسلام النازيين في برلين لقوات التحالف".

ويتابع بلغيث سرده لتلك الأحداث في تصريح لـ"أصوات مغاربية" مشيرا إلى أن العاصمة الجزائرية شهدت مسيرة  ضخمة شارك فيها الآلاف وتخللتها صدامات مع قوات الاستعمار الفرنسي كما شملت  المظاهرات "أغلب المدن الجزائرية إلا أن أكبرها وأعنفها كانت تلك التي عرفتها مدن سطيف وقالمة وخراطة" يردف المتحدث.

وبحسب بلغيث فقد شهدت تلك المظاهرات "أول ظهور للراية الجزائرية في العاصمة"، ويقول بهذا الخصوص "بحسب معلومة أبلغني إياها المؤرخ الكبير محفوظ قداش (توفي عام ٢٠٠٦) فإن الدكتور شوقي مصطفاي وحسين عسلة والشاذلي مكي (قياديين في حزب الشعب) وزعوها في كل الفيدراليات التابعة للحزب" الذي كان محظورا حينها. 

وبحسب المتحدث ذاته فإن أول من حمل تلك الراية كان غزالي بلحفاف، صهر يوسف بن خدة (رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة إبان الثورة) مشيرا إلى أن بلحفاف توفي في مظاهرة العاصمة يوم فاتح ماي 1945، وتحديدا في الشارع "ايزلي" العربي بن مهيدي.

"ثورة مجهضة" 

استمرت المظاهرات مطالبة بتحرير زعيم التيار الوطني مصالي الحاج وبحق تقرير المصير، وتوسعت دائرة الغضب جراء سقوط ضحايا إلى كافة المدن الجزائرية.

وفي الثامن من ماي خرج آلاف الجزائريين في عدة مدن أبرزها سطيف وقالمة وخراطة مطالبين فرنسا بتنفيذ وعدها بالاستجابة لمطلب الاستقلال بعد مشاركة الجزائريين في الحرب ضد النازية، غير أن السلطات الاستعمارية واجهت المظاهرات بقمع عسكري أسقط آلاف الضحايا. 

ويشير المؤرخ بلغيث إلى أن "تقريرا عسكريا أميركيا نشرته مجلة (المارينز) المتخصصة في الدراسات العسكرية في ذلك الوقت وترجمه المؤرخ الجزائري بلقاسم سعد الله، وصف تلك المظاهرات بالثورة المجهضة"، وهو "وصف دقيق" بحسب بلغيث الذي أرجع "قوة القمع الذي ووجهت به المظاهرات إلى عزم المعمرين على وأد أي حركة احتجاج ضد الحكومة الفرنسية".

وبحسب المتحدث ذاته فإن "ما خلفته مظاهرات 1 ماي ومجازر 8 ماي 1945 من ضحايا كان نتيجة منطقية لكمية الحقد المتراكم من المعمرين ضد الجزائريين طيلة أزيد من قرن على احتلال الجزائر".

"التحضير للثورة المسلحة"

أستاذ التاريخ، محمد بن يوب، من جانبه يرى أن مظاهرات 1 و8 ماي 1945 وما نتج عنهما "كان درسا قاسيا وعنيفا مهد بعد ذلك الطريق نحو التحضير الحاسم والجدي للثورة المسلحة".

ويضيف بن يوب في حديث لـ"أصوات مغاربية" أن الحركة السياسية الوطنية في الجزائر "اقتنعت في ذلك الوقت بحتمية الذهاب نحو عمل مسلح ينهي عقودا من الهيمنة والاستعمار الفرنسي للجزائر على إثر مجازر ماي".

وبحسب المتحدث فإن "فقدان أزيد 45 ألف جزائري في مظاهرات ماي 1945 كان ردا واضحا من الفرنسيين على مواصلة سياسة الاستعمار في الجزائر دون أي تنازلات"، رغم مشاركة جزائريين ضمن القوات الفرنسية التي واجهت الجيوش الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية.

ويعتبر بن يوب أن تلك التطورات أدت إلى البدء في التحضير للمواجهة المسلحة، مستدلا على ذلك بـ"تأسيس تنظيم سري شبه عسكري في فبراير 1947 تحت اسم "المنظمة الخاصة" من قبل نشطاء الحركة الوطنية من الذين شكلوا النواة الأولى للنشاط العسكري الذي قاده بعد ذلك أبرز مفجري الثورة الجزائرية".

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية