Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

فيتشر

أحمد بوقرة.. قصة العقيد الذي قاد "قلب" الثورة الجزائرية

04 مايو 2023

لم تكن الولايات التاريخية التي قُسمت وفقها مناطق البلاد من قبل قيادة الثورة الجزائرية، بعد اندلاعها في الأول من شهر نوفمبر عام 1954، تحكمها نفس الظروف.

ففي الوقت الذي حاصرت فيه الحكومة الفرنسية غرب الجزائر وشرقها بخطي شال وموريس الشائكين، شددت الخناق على الولاية الرابعة التي تضم الجزائر العاصمة ومحيطها.

وفي ظل تلك الظروف قاد العقيد أحمد بوقرة الولاية الرابعة مواجها قوات الاستعمار الفرنسي التي فرضت الحصار على المنطقة. 

"ظروف قاسية"

عاش أحمد بوقرة، المولود في أواخر عشرينيات القرن الماضي "ظروفا اجتماعية قاسية تقاسمها مع أقرانه في مدينة خميس مليانة بولاية المدية التي درس فيها وسط الجزائر"، يقول أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة المدية، مولود قرين.

ويضيف قرين في حديث مع "أصوات مغاربية" أن بوقرة تأثر بالجو الثقافي الوطني والسياسي الذي ساد المنطقة في نهاية ثلاثينيات ومطلع أربعينيات القرن الماضي، وانخرط في "الكشافة الإسلامية الجزائرية" ذات التكوين شبه عسكري، وتدرج فيها إلى أن أصبح "جوالا" (رتبة في نظام الكشافة)، ما سمح له بالسفر للمناطق المجاورة واكتشاف جبالها وتضاريسها التي ساعدته بعد التحاقه بالثورة.

ويشير قرين إلى "تأثر بوقرة بالجرائم التي ارتكبتها السلطات الفرنسية بحق أبناء جلدته في الولايات المجاورة للمدية ومناطق أخرى يوم 8 ماي 1945، ما دفعه للمشاركة في مظاهرات منددة بها".

وبحسب المتحدث ذاته فإن ذلك "عرضه للاعتقال من قبل الإدارة الفرنسية التي أفرجت عنه لاحقا ليلتحق بالمنظمة الخاصة التي أسسها قادة من حزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية سنة 1947" وهي حزب سياسي معارض أسسه مصالي الحاج بعد حل حزب الشعب من قبل الحكومة الفرنسية.

لاحقته السلطات الفرنسية عندما انكشف أمر المنظمة الخاصة، وأصدرت بحقه حكما غيابيا بالإعدام، ثم بالسجن لمدة 3 سنوات بعد اعتقاله مجددا، يضيف قرين الذي يشير إلى أن بوقرة "التحق بالثورة مباشرة بعد اندلاعها متدرجا في الرتب والمسؤوليات جراء شجاعته وبسالته في المعارك".

"وضع استثنائي"

من جانبه، يرى، أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر، سعيد شيكدان، أن أحمد بوقرة  الذي اشتهر خلال الثورة باسم "السي امحمد بوقرة" كانت له "بصمات قوية في تنظيم الولاية الرابعة وقدرتها على مواجهة ظروف الحصار العسكري الذي ضربته القوات الفرنسية عليها في محاولة لخنق الثورة من وسط البلاد".

ويصف شكيدان في حديث مع "أصوات مغاربية" بوقرة  بـ "القائد الميداني الكبير"، مشيرا إلى قيادته الولاية الربعة التي يصفها بـ"قلب" الثورة الجزائرية، والتي "واجه المقاومون فيها وضعا استثنائيا"، بسبب التواجد الكبير للقوات الفرنسية بها.

ويذكر المتحدث أيضا "الدور البارز" الذي لعبه بوقرة في نجاح مؤتمر الصومام الذي انعقد عام 1956، وأعاد تنظيم الثورة وحدد رتب الجيش وتدرجها وطرق الاتصال بين قادة الثورة في الداخل.

ويضيف المتحدث أنه نتيجة للضغط الذي مارسه بوقرة على القوات الفرنسية بتكثيف الهجمات وسط البلاد، "ضرب الجيش الفرنسي حصارا كبيرا على جبال الولاية الرابعة التي كانت تكيل الضربات لقوات الاستعمار".

وهكذا استمرت المواجهات لأشهر قبل أن يسقط القائد بوقرة وعدد من مرافقيه في مثل هذا اليوم قبل 64 عاما (5 ماي 1959) إثر كمين نصبه الجيش الفرنسي، لتفقد الثورة الجزائرية واحدا من أهم قياداتها، إذ يقول شكيدان إنه  قاد الولاية الرابعة في الوقت الذي كانت إدارتها "أمرا عسيرا جدا على أي قائد عسكري".

  • المصدر: أصوات مغاربية
     

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية