على أنغامه تغنى عمالقة مثل الشيخ قنيص وحسن عريبي بقصائد ما زالت تصدح في بيوت ومقاهي العاصمة طرابلس، حاضنته الأولى في ليبيا، ويرددها الناس في مختلف مناسباتهم.. تلك هي مكانة فن "المالوف" العريق، الذي جاءت موسيقاه من الأندلس وازدهرت في ليبيا على غرار باقي الدول المغاربية.
وفي ليبيا نشأ فن "المالوف"، تحديدًا في العاصمة طرابلس، منذ القرن الثامن عشر، بحسب بعض المصادر، واتخذ فيها طابعاً خاصاً كما تعود أقدم تسجيلاته المعروفة إلى فترة الثلاثينيات من القرن الماضي.
أصل "المالوف"
ويقول فنان المالوف الليبي، على مصطفى أبوجراد، إن هناك روايتين حول تسمية "المالوف" تعيد إحداهما التسمية إلى كلمة مألوف باللغة العربية، أي ما ألفه أو تآلف الناس عليه، (لكن بتخفيف الهمزة)، وتنسبه الأخرى إلى "تأليف" الشعر والأزجال التي يتكون منها أو يتألف منها هذا النوع من الغناء بشقيه الديني والدنيوي.
لمحبي المالوف نوبة من المالوف الليبي إستماع طيب 🎼🎵#حسن_عريبي#طرابلس_ليبيا ♥️🇱🇾 pic.twitter.com/wyBTKdiu6F
— ليبية وافتخر (@freelibyangirl_) January 27, 2023
وحول طريقة وصوله إلى ليبيا يقول أبوجراد، في حديث مع "أصوات مغاربية"، إن المالوف وصل إلى ليبيا عبر فترات من الزمن من خلال أفواج القادمين من الأندلس بعد سقوط غرناطة، وعبر الحجاج أيضاً الذين جاؤوا في رحلات عكسية بالأشعار والأزجال الدينية من المشرق العربي.
ويتابع أن "المالوف الليبي" تأثر بنوعين من النصوص والأشعار، تلك القادمة من بلاد الأندلس وأيضاً القادمة من المشرق العربي وهي ما تعرف لدى الموسيقيين بـ "التطريزات".
رموز المالوف في ليبيا
وعرفت ليبيا أسماء كبيرة تحضر كلما يدور الحديث عن فن المالوف ومن بينهم الموسيقار الراحل حسن عريبي، الذي ينسب له الفضل في تطوير والتعريف بالمالوف الليبي بشكله الحالي، و محمد تومية أو "الشيخ قنيص" الذي يلقب بـ "شيخ مشائخ المالوف الليبي" والذي تعلمت على يديه أجيال من الفنانين المعروفين.
وينسب لحسن عريبي الذي توفي عام 2009، أكثر الأعمال المشهورة حالياً، كما أن فرقته "فرقة المالوف والموشحات والألحان العربية" مثلت ليبيا في العديد من المهرجانات الدولية في أوروبا والدول العربية والمغاربية.
يا من ملك فؤادي أرفق بمن يهواك 💔🎵
— الحربي (@qehkio1) September 17, 2021
من روائع المالوف الليبي للشيخ محمد قنيص كلمات تفيض عشق وهيام 🎵🤍 pic.twitter.com/74jylTYNAE
ويصف على أبوجراد، وهو أيضاً رئيس "وحدة التربية الموسيقية" بوزارة التعليم الليبية، حسن عريبي بأنه "ظاهرة" في فن المالوف الليبي الحديث.
ويضيف أبو جراد أسماء أخرى لمعت في غناء المالوف الليبي قديماً وحديثاً، من بينها علي الكعامي، وجميل القاضي، وخليفة صبا، والطاهر عريبي، ومفتاح حمودة، إضافة إلى والده مصطفى بوجراد الذي اشتهر بملكة "الاستخبار" أي استلهام نوبة المالوف قبل بدايتها.
"طبوع" موسيقية
ويلفت أبوجراد إلى عدة عوامل يرى أنها ميزت "المالوف الليبي" عن نظيره في سائر البلدان المغاربية من بينها الموقع الجغرافي الذي بسببه تأثر فن المالوف بالأشعار والقصائد القادمة من المشرق، ودخول الموسيقى التركية بسبب فترة الاحتلال العثماني لليبيا والتي دامت نحو 400 سنة، إضافة لدخول الآلة الوترية التي أدخل معها السلم العربي "ذو السبعة أنغام" بينما يلحن المالوف التقليدي على "سلم خماسي أو سداسي".
ويشير بوجراد إلى أنواع (مقامات) المالوف، التي تسمى "طبوع" في الدول المغاربية، ومن بينها "رمل المايا"، و "سيكاه" و"الأَصبعين" إضافة إلى "رصد الذيل" المعروفة بكونها نوبة العاشق والولهان، والموسيقى المنطلقة منها تعبًر عن التهلل والشجن.
((نوبة نعس الحبيب))
— محمد أبوحجر (@MuhammadAbuhaj2) January 3, 2022
أداء فرقة الإذاعة الليبية بقيادة حسن عريبي. pic.twitter.com/aIQWla2iEP
ومن بين الفرق الليبية المعروفة في غناء المالوف فرق "السراي الحمراء" و "الشروق وفرقة حسن عريبي للمالوف والموشحات وفرقة تاجوراء وفرقة مصراتة.
ورغم ربطه بالأناشيد الدينية في كثير من الأحيان إلا أن المالوف يتغنى أيضا بالأمور الإنسانية العاطفية كالعشق والحب والفراق وغيرها، و لا يتقيّد في الصياغة بالقوافي والأوزان الموسيقية المعروفة.
وتشير موسوعة "معرفة" إلى أن المالوف عرف بأسماء أخرى في الدول المغاربية، تختلف من منطقة إلى أخرى حتى ضمن البلد الواحد، منها "الصنعة و "الغرناطي" و"المالوف" لكنها جميعاً ترجع إلي أصول واحدة أي الموسيقي التي نشأت في المجتمع الأندلسي.
المصدر : أصوات مغاربية