Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

ترجع أصول "المالوف" إلى الموسيقي التي نشأت في الأندلس وانتشرت في المنطقة المغاربية
ترجع أصول "المالوف" إلى الموسيقي التي نشأت في الأندلس وانتشرت في المنطقة المغاربية

على أنغامه تغنى عمالقة مثل الشيخ قنيص وحسن عريبي بقصائد ما زالت تصدح في بيوت ومقاهي العاصمة طرابلس، حاضنته الأولى في ليبيا، ويرددها الناس في مختلف مناسباتهم.. تلك هي مكانة فن "المالوف" العريق، الذي جاءت موسيقاه من الأندلس وازدهرت في ليبيا على غرار باقي الدول المغاربية.

وفي ليبيا نشأ فن "المالوف"، تحديدًا في العاصمة طرابلس، منذ القرن الثامن عشر، بحسب بعض المصادر، واتخذ فيها طابعاً خاصاً كما تعود أقدم تسجيلاته المعروفة إلى فترة الثلاثينيات من القرن الماضي. 

أصل "المالوف"

ويقول فنان المالوف الليبي، على مصطفى أبوجراد، إن هناك روايتين حول تسمية "المالوف" تعيد إحداهما التسمية إلى كلمة مألوف باللغة العربية، أي ما ألفه أو تآلف الناس عليه، (لكن بتخفيف الهمزة)، وتنسبه الأخرى إلى "تأليف" الشعر والأزجال التي يتكون منها أو يتألف منها هذا النوع من الغناء بشقيه الديني والدنيوي.

وحول طريقة وصوله إلى ليبيا يقول أبوجراد، في حديث مع "أصوات مغاربية"، إن المالوف وصل إلى ليبيا عبر فترات من الزمن من خلال أفواج القادمين من الأندلس بعد سقوط غرناطة، وعبر الحجاج أيضاً الذين جاؤوا في رحلات عكسية بالأشعار والأزجال الدينية من المشرق العربي.

ويتابع أن "المالوف الليبي" تأثر بنوعين من النصوص والأشعار، تلك القادمة من بلاد الأندلس وأيضاً القادمة من المشرق العربي وهي ما تعرف لدى الموسيقيين بـ "التطريزات".      

رموز المالوف في ليبيا

وعرفت ليبيا أسماء كبيرة تحضر كلما يدور الحديث عن فن المالوف ومن بينهم الموسيقار الراحل حسن عريبي، الذي ينسب له الفضل في تطوير والتعريف بالمالوف الليبي بشكله الحالي، و محمد تومية أو "الشيخ قنيص" الذي يلقب بـ "شيخ مشائخ المالوف الليبي" والذي تعلمت على يديه أجيال من الفنانين المعروفين.

وينسب لحسن عريبي الذي توفي عام 2009، أكثر الأعمال المشهورة  حالياً، كما أن  فرقته "فرقة المالوف والموشحات والألحان العربية" مثلت ليبيا في العديد من المهرجانات الدولية في أوروبا والدول العربية والمغاربية. 

 

ويصف على أبوجراد، وهو أيضاً رئيس "وحدة التربية الموسيقية" بوزارة التعليم الليبية، حسن عريبي بأنه "ظاهرة" في فن المالوف الليبي الحديث.

ويضيف أبو جراد أسماء أخرى لمعت في غناء المالوف الليبي قديماً وحديثاً، من بينها علي الكعامي، وجميل القاضي، وخليفة صبا، والطاهر عريبي، ومفتاح حمودة، إضافة إلى والده مصطفى بوجراد الذي اشتهر بملكة "الاستخبار" أي استلهام نوبة المالوف قبل بدايتها.   

"طبوع" موسيقية

ويلفت  أبوجراد إلى عدة عوامل يرى أنها ميزت "المالوف الليبي" عن نظيره في سائر البلدان المغاربية من بينها الموقع الجغرافي الذي بسببه تأثر فن المالوف بالأشعار والقصائد القادمة من المشرق، ودخول الموسيقى التركية بسبب فترة الاحتلال العثماني لليبيا والتي دامت نحو 400 سنة، إضافة لدخول الآلة الوترية التي أدخل معها السلم العربي "ذو السبعة أنغام" بينما يلحن المالوف التقليدي على "سلم خماسي أو سداسي".

ويشير بوجراد إلى أنواع (مقامات) المالوف، التي تسمى "طبوع" في الدول المغاربية، ومن بينها "رمل المايا"، و "سيكاه" و"الأَصبعين" إضافة إلى "رصد الذيل" المعروفة بكونها نوبة العاشق والولهان، والموسيقى المنطلقة منها تعبًر عن التهلل والشجن.

ومن بين الفرق الليبية المعروفة في غناء المالوف فرق "السراي الحمراء" و "الشروق وفرقة حسن عريبي للمالوف والموشحات وفرقة تاجوراء وفرقة مصراتة.

ورغم ربطه بالأناشيد الدينية في كثير من الأحيان إلا أن المالوف يتغنى أيضا بالأمور الإنسانية العاطفية كالعشق والحب والفراق وغيرها، و لا يتقيّد في الصياغة بالقوافي والأوزان الموسيقية المعروفة.

وتشير موسوعة "معرفة" إلى أن المالوف عرف بأسماء أخرى في الدول المغاربية، تختلف من منطقة إلى أخرى حتى ضمن البلد الواحد، منها  "الصنعة و "الغرناطي" و"المالوف" لكنها جميعاً ترجع إلي أصول واحدة أي الموسيقي التي نشأت في المجتمع الأندلسي.

المصدر : أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية