"مجزرة براك الشاطئ".. هي واحدة من أشنع الجرائم التي ارتكبت في حق 148 عسكريا ومدنيا ليبيا، دون أن تحدد الجهات القضائية بشكل رسمي الأطراف الضالعة فيها وسط اتهامات متباينة اتجهت أغلبها نحو تحميل حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج مسؤولية ما وقع في ذلك اليوم الأسود بتاريخ 18 ماي 2017، لكن بدون أي دليل، فما الذي حدث وقتها؟
ذكرى الواقعة
يحيي عدد كبير من الليبيين الخميس الذكرى السادسة للهجوم الذي استهدف القاعدة العسكرية "براك الشاطئ" وتسبب في مأساة كبيرة بالنسبة لمجموعة من العائلات تستمر، لحد الساعة، في مطالبة السلطات في الكشف عن ملابسات تلك "المجزرة" والجهة التي أمرت بتنفيذها.
بداية قصة "مجزرة براك الشاطئ" تعود حسب العديد من الشهادات إلى الإجراءات التي أعلنت عنها حكومة الوفاق الوطني، سنة 2017 بهدف محاربة التنظيم الإرهابي داعش على مستوى العديد من الجيوب الواقعة في جنوب ليبيا، خاصة بعدما فرض سيطرة شبه مطلقة على العديد من المدن والمناطق الحيوية هناك.
في شهر أبريل من نفس السنة، أعلنت حكومة فائز السراج في طرابلس عن إطلاق حملة عسكرية مكثفة من أجل تحرير القاعدة العسكرية "براك الشاطئ" من أفراد قالت إنهم ينتمون إلى هذا الانظيم الإرهابي.
وتذكر وسائل إعلام ليبية أنه بتاريخ 18 ماي "قررت مليشيات القوة الثالثة التابعة لوزارة "دفاع الوفاق"، ومليشيات أخرى متحالفة معها، شن هجوم على مقر قيادة اللواء 12 التابع للجيش الليبي، في قاعدة براك الشاطئ، تخللته عمليات قتل وتصفية جسدية لجنود عزّل جرى أسرهم، بالإضافة إلى مدنيين".
وقد نتج عن هذه العملية العسكرية وفاة 148 شخصا عسكريا ومدنيا، وهو ما أثار غضب العديد من الجهات في هذا البلد المغاربي، حيث اعتبروا ما وقع "جريمة حرب" ضد أشخاص أبرياء لا تربطهم أية علاقة بتنظيم "داعش".
أما على الصعيد الدولي، فقد أدانت العديد من العواصم ما حصل، كما طالبت بضرورة فتح تحقيق لمعرفة ملابسات هذه المجزرة.
وتضاربت وقتها الآراء حول الجهة التي نفذت العملية، بين من اتهم مباشرة حكومة الوفاق الوطني، وبين من نسب العملية إلى مجموعات متطرفة أخرى موالية لتنظيم "داعش" الإرهابي.
ووصفت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا ما وقع بأنه "مجزرة بشعة وجريمة حرب مكتملة الأركان، شارك فيها مقاتلون أجانب من المعارضة التشادية وقوات سرايا الدفاع عن بنغازي التابعة لتنظيم القاعدة والمتحالفة مع تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي في ليبيا"، محملة المسؤولية لحكومة الوفاق الوطني وحكومة الإنقاذ غير المعترف بها دولياً بقيادة خليفة الغويل والمفتي السابق الصادق الغرياني".
في انتظار نتائج التحقيق
وتصر العديد من الأطراف ليبيا على ضرورة تحريك الملف من قبل الجهات القضائية من أجل معاقبة المتورطين في هذا الحادث، مع العلم أنه سبق للسلطات تشكيل لجنة أوكلت إليها مهمة القيام بالتحريات المطلوبة في القضية، لكن لم تكشف عن المعلومات التي توصلت إليها إلى الرأي العام.
وأصدرت بعدها حكومة الوفاق الوطني قرارا بعزل وزير الدفاع وقتها، مهدي البرغثي، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي ضد سياستها الأمنية وردا كذلك على الاتهامات التي لاحقتها بخصوص هذه العملية.
لكن وزير الدفاع الأسبق البرغثي خرج في تصريحات لاحقة عن صمته ونفى تورط الوحدات العسكرية، التي كانت تحت سلطته، في "مجزرة براك الشاطئ".
وقال البرغثي إن "القوة التي اقتحمت براك الشاطئ لم تكن تحت إدارتي بل كانت تحت إمرة المجلس الرئاسي"، مجدداً "استعداده لأي تحقيقات".
وأضاف "ما قام به السراج كان ظلما في حقي، إذ تم تشكيل لجنة تحقيق قانونية تضم كلا من وزير العدل ووزير الداخلية وسلمت نتائج التحقيق لرئيس المجلس الرئاسي ولكن للأسف إلى وقتنا الحاضر لم يعلن عن نتائج التحقيق".
تدويل القضية
وفي انتظار الاطلاع على نتائج التحقيق في هذه المجرزة، قام أهالي الضحايا بتأسيس منظمة مدنية أطلقوا عليها تسمية "شهداء مجزرة براك الشاطئ"، تتكون من أعضاء ولجان قبلية ولها صلاحية العمل داخل وخارج ليبيا.
وارتفعت في الآونة الأخيرة العديد من الأصوات المطالبة بتدويل هذه القضية بالنظر إلى عدم تحرك السلطات القضائية في الأمر وتحديد الجهات المتورطة فيها.
وقبل نحو عامين طالب عضو مجلس النواب الليبي علي السعيدي، من النائب إعادة فتح ملف "مجزرة براك الشاطئ"، ومحاسبة المتورطين فيها، أيًا كان موقعهم من السلطة، واصفًا ما حدث بأنها "جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم وفق المواثيق الدولية".
المصدر: أصوات مغاربية / وكالات