الفنانة كليلة بونعيلات (يمين) وفاطمة خير (يسار) من داخل قبة البرلمان المغربي. المصدر: حساب فاطمة خير على انستغرام
الفنانة كليلة بونعيلات (يمين) وفاطمة خير (يسار) من داخل قبة البرلمان المغربي. المصدر: حساب فاطمة خير على انستغرام

أغرت الحياة السياسية عددا من الفنانات المغربيات اللواتي قررن في مراحل متفرقة من حياتهن التخلي جزئيا عن التمثيل والغناء لخوض تجارب سياسية تكللت في بعض الحالات بالدخول إلى البرلمان واستلام حقائب وزارية.

هن معدودات على رؤوس الأصابع، لكنهن تمكن من خلع عباءة الفن والشهرة ودخول المعترك السياسي بثقة الناخبين وبتزكية من الأحزاب السياسية ومن الديوان الملكي المغربي.

ثريا جبران

إلى جانب البطلة الأولمبية السابقة، نوال المتوكل، ضمت تشكيلة حكومة عباس الفاسي التي عينيها العاهل المغربي عام 2007 سبع نساء من أبرزهن الممثلة ثريا جبران التي أسندت إليها وزارة الثقافة.

ثريا جبران

لم يكن الحدث عاديا بالمغرب، فهي أول مرة تتقلد فيها فنانة منصبا حكوميا في تاريخ المغرب السياسي، ولعل ذلك ما دفع الكثيرين حينها إلى استغراب خبر استوزارها بل والسخرية منه.

وفي تصريحات إعلامية، قالت الفنانة الراحلة (توفيت في أغسطس عام 2020 عن عمر ناهز 68 عاما)، إنها غير مهتمة بتلك التعليقات، موضحة "جئت إلى وزارة الثقافة من المجال الفني، من مجال الشرف والقيم النبيلة جئت من عمق تجربتي على خشبة المسرح، (...) وإنني أرى أن المجتمع المدني والوسط الثقافي والفني والرياضي قادر بدوره على أن يطعم الحكومة بخيرة الكفاءات ولا أرى ما يستدعي الاستغراب إذا تولت فنانة أو رياضية مغربية مسؤولية حكومية".

ذكرت وسائل إعلام حينها أن العاهل المغربي الملك محمد السادس هو من اقتراح اسم جبران، التي تلقب بأيقونة المسرح المغربي، لشغل منصب وزيرة الثقافة، وهو ما أكدته الوزيرة السابقة لاحقا.

ومباشرة بعد تعيينها، باشرت جبران لقاءات مع عدد من المتدخلين في الشأن الثقافي المغربي ووعدت حينها بالعمل على النهوض بالوضعية الاجتماعية للفنان وبزيادة الدعم العمومي المخصص للفن بمختلف أصنافه.

وفي عام 2009، طلبت الراحلة بإعفائها من المنصب لأسباب صحية.

تبعمرانت.. أول سؤال بالأمازيغية داخل البرلمان

شكل فوز الفنانة المغربية الأمازيغية فاطمة شاهو الشهيرة باسم "تبعمرانت" بمقعد برلماني في انتخابات عام 2011، تحت مظلة حزب التجمع الوطني للأحرار، حدثا بارزا أيضا في تاريخ الفن الأمازيغي بالمغرب.

تبعمرانت

قبل ذلك التاريخ، فاقت شهرة تبعمرانت حدود المغرب، وكانت من أولى الفنانات الأمازيغيات اللواتي دافعن عن الهوية الأمازيغية في أشعارهن وأغانيهن.

دخلت تبعمرانت البرلمان، وكانت تحرص على إظهار افتخارها بهويتها الأمازيغية في كل جلسة تحضرها، فكانت ترتدي وشاحا به رموز "تيفيناغ" الأمازيغية قبل أن تقرر في إحدى الجلسات أن تطرح سؤالا شفويا باللغة الأمازيغية عم بعده صمت رهيب قاعة البرلمان.

أحدث ذلك السؤال جدلا واسعا في الأوساط السياسية المغربية وكان مدخلا لفتح النقاش حول ضرورة توفير الترجمة في المؤسسات الحكومية بعد دسترة الأمازيغية، إلى جانب العربية، لغة رسمية للبلاد عام 2011.

خير وكليلة

فازت الممثلتان فاطمة خير وكليلة بونعيلات بمقعدين برلمانين عن حزب التجمع الوطني للأحرار (قائد التحالف الحكومي) في انتخابات الثامن من سبتمبر عام 2021.

وفازت خير التي راكمت تجربة امتدت لنحو 30 عاما في التمثيل بمقعد بعد ترشيحها ضمن القائمة الجهوية للنساء في دائرة الدار البيضاء (وسط) بينما فازت بونعيلات بمقعد برلماني في دائرة انتخابية بجهة سوس ماسة (جنوب).

ولم تسلم خير وبونعيلات من سخرية مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، بينما في المقابل، دافع فنانون مغاربة عنهما وتمنوا لهما التوفيق في مهمة تمثيل الوسط الفني داخل قبة البرلمان.

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

An aerial view shows part of the Al Sahaba mosque standing in Libya's eastern city of Derna on September 18, 2023, following…
منظر جوي يطهر انجراف "مقبرة الصحابة" المجاورة لمسجد الصحابة الشهير بدرنة

جرف الإعصار دانيال مواقع أثرية كثيرة بمدينة درنة الليبية بينما أماطت اللثام عن أخرى، في وقت أبدت جهات محلية ودولية قلقها من أضرار ربما ألحقها الإعصار، غير المسبوق في ليبيا، بمناطق أثرية وسياحية أخرى في الجبل الأخضر.

وشهدت مدينة درنة التي تعد من أقدم المستعمرات الإغريقية في ليبيا دماراً واسعاً لحق بمواقع أثرية عديدة بالمدينة فيما يحاول المهتمون بالآثار في المدينة حصر تلك الأضرار.

موقع "مقبرة الصحابة"

ومنذ الساعات الأولى التي أعقبت العاصفة، أفاق أهالي درنة على "مقبرة الصحابة" الأثرية وقد جرفها الفيضان تماما باتجاه البحر.

 وتضم المنطقة المحيطة بجامع الصحابة في درنة مقبرة تاريخية تعود لبدايات الفتح الإسلامي لليبيا (سنة 642 م) وتضم قبوراً تعود لصحابة وقادة مسلمين من الفترة المعروفة بالفتح الإسلامي لبرقة تحت قيادة عمرو بن العاص.

وتحتوي مقبرة الصحابة بدرنة أكثر من 70 قبراً لعدد من الشخصيات المعروفة بينهم  زهير بن قيس البلوي، وأبو منصور الفارسي وعبد الله بن بر القيسي وغيرهم.

وجرفت السيول كامل منطقة المقبرة التي تعد من أبرز معالم درنة القديمة، ضمن بقية المناطق المدمرة القريبة من مجرى الوادي حيث جرف الفيضان مئات المباني والمنازل وحصد آلاف الأرواح.

وبينما تتواصل عمليات الإنقاذ وانتشال الجثث، أعلنت مصادر مختلفة في المدينة أن السيل أماط اللثام عن مواقع أثرية تعود لحقب تاريخية قديمة كانت مدفونة تحت طبقات الأرض.

ومن بين تلك المواقع العثور على آثار تعود للحقبتين الإغريقية والرومانية بالمدينة كانت مختفية منذ قرون، بينها نقوش أثرية وسور روماني ومعاصر زيتون في انتظار أن تجرى عليها المزيد من الأبحاث.

قورينا و أبولونيا اأثريتين

ومن بين المناطق التي أصابتها العاصفة بالجبل الأخضر مدينة شحات الأثرية (60 كم غرب درنة)، والتي كانت تعرف تاريخياً باسم "قورينا"، التي اتخذها الإغريق عاصمة لهم قبل الميلاد وتعد أكبر موقع لهم في شمال إفريقيا.

وقبل أيام نشرت الباحثة بمجموعة الأزمات الدولية، كلاوديا غازيني، تحذيراً من أن الفيضانات التي ضربت شرق ليبيا ألحقت أضراراً بالمنطقة الأثرية في شحات التي تعد من المواقع المحمية من اليونسكو.

وحذرت غازيني، عبر حسابها بمنصة "إكس" (تويتر سابقا) من احتمالية حصول المزيد من الضرر في الموقع والجدار الخارجي الذي يحميه إذا استمرت المياه في المرور عبره.

وناشدت السلطات المختصة إرسال خبراء ومهندسين إلى المنطقة "لفهم ما يجري ومنع المزيد من الضرر المحتمل لموقع أثري لا يقدر بثمن".

وعلى بعد عدة كيلومترات من شحات تقع مدينة سوسة الساحلية الأثرية (78 كم غرب درنة) التي يعدها علماء الآثاء "متحفاً مفتوحا"، ويخشى من أن تكشف الأيام عن حدوث أضرار بمواقعها الأثرية، لاسيما وأن جزءاً من أثار سوسة يقع تحت مستوى سطح البحر.

وتعد سوسة، التي تعرف تاريخياً بـ "ابولونيا"، ثاني أكثر مناطق الجبل الأخضر تضرراً بفعل الإعصار دانيال بعد درنة. غير أن الباحثة المهتمة بالشأن الليبي، نشرت مقطع فيديو من أحد المواقع الأثرية بمدينة سوسة قائلة إنه لم يتأثر بالفيضانات.

وتشمل المناطق الجبلية الواقعة في نطاق العاصفة دانيال مدنا ومواقع أثرية هامة أخرى بينها مدينة طلميثة الأثرية (بطليموس) شمال مدينة المرج، إضافة إلى مناطق الأثرون ورأس الهلال الواقعتين على الساحل قرب درنة.

تضرر معالم سياحية أخرى

وفي أول تقرير (رسمي) بخصوص المواقع السياحية في المناطق التي ضربتها العاصفة، تحدثت وزارة السياحة والصناعات التقليدية الليبية عن حجم الضرر الذي تعرض لها "وادي الكوف" غرب مدينة البيضاء، و الذي يعد أحد أهم المزارات السياحية بمنطقة الجبل الأخضر.

وأوضح التقرير، الذي صدر الخميس، أن السيول أسفرت عن انجراف طريق وجسر "وادي الكوف" القديم، وتغيير مظاهر سطح مجرى الوادي المتألف من الغطاء النباتي الكثيف من أشجار البلوط والجداري والعرعر والخروب والصنوبر.

ويعد وادي الكوف الواقع غرب مدينة البيضاء، أحد أهم المناطق السياحية في الجبل الأخضر، وهو محمية طبيعية مساحتها ثمانية آلاف هكتار وينطوي على تكوينات ومناظر خلابة، وغطاء نباتي كثيف، تشكل موائل للحيوانات البرية والطيور والزواحف، ومن أكثر المناطق إنتاجا للعسل.

 وإضافة إلى وادي الكوف، ذكر التقرير أن تجمع الركام الناتج عن السيول والفيضانات أحدث أضرارا بمنطقة "جرجار أمه" الساحلية التي تحوي شواطئ ومحميات السلاحف البحرية.

ويتوقع أن يستغرق تقييم الضرر الذي لحق بالمناطق الأثرية والسياحية نتيجة الإعصار "دانيال" وقتاً أطول، لاسيما وان الأولوية التي توليها السلطات الليبية في المرحلة الحالية هي للتخفيف من الآثار الإنسانية والاقتصادية المباشرة.

وضربت الإعصار دانيال في 10 و 11 سبتمبر الحالي مناطق شرق ليبيا ابتداءً من بنغازي، لكن أضرارها الكبيرة تركزت في منطقة الجبل الأخضر (شرق) حيث تسببت السيول والفيضانات في إحداث دمار كبير وأدت إلى مصرع وفقدان الآلاف الأرواح خاصة في مدينة درنة الساحلية.  

المصدر: أصوات مغاربية