إبريق شاي تارقي في صحراء الجزائر
إبريق شاي تارقي في صحراء الجزائر - أرشيف

يُعد الشاي  المشروب الأكثر استهلاكا بعد الماء عبر العالم، وفق الأمم المتحدة.

وتؤكد مصادر تاريخية أن استهلاك الشاي بدأ في الصين قبل نحو خمسة آلاف عام، وانتشر إلى أجزاء أخرى من آسيا ثم أوروبا وأفريقيا. 

ومنذ القدم، سحرت أوراق هذا المشروب الشعوب المغاربية منذ أن وصل إلى المنطقة في القرن الثامن عشر. 

وفي اليوم العالمي للشاي، الذي يصادف الأحد 21 ماي من كل عام، نستعرض أهم العادات الخاصة بالمشروب الأكثر شهرة في المنطقة المغاربية. 

ليبيا والجزائر.. شاي طارقي

يعتبر الشاي الطارقي التقليدي الأشهر بالمناطق التي تقطنها شعوب الطوارق بجنوب الجزائر وليبيا. 

والطوارق من المجموعات الأمازيغية التي استوطنت الصحراء الأفريقية، ويعتبرون أنفسهم السكان الأصليين للمنطقة.

 ويوجد أبرز تجمع لهم في المنطقة المغاربية، في الصحراء الجزائرية، حيث يعرفون بـ"الرجال الزرق"، نسبة للباسهم الأزرق الذي يميزهم عن باقي القبائل الأمازيغية.

الشاي ثقافة تخص الطوارق

وفي ليبيا، يتركزون في الجنوب الغربي، حول واحات غدامس وغات وجبال أكاكوس.

ويتميز الشاي الطارقي بأسلوبه في الإعداد والتقديم ويعكس تقاليد متوارثة منذ القدم، إذ يتم إعداده بالنعناع والسكر ثم يقدم على ثلاث مراحل، الأولى يكون فيها لون الشاي قويا وأقرب إلى السواد، بينما يفقد قوته مع إعداد الكأس الثالثة بنفس حباب الشاي لتطغى عليه عذوبة السكر وطعم النعناع.  

وفي السنوات الأخيرة، غزا الشاي الطارقي أيضا مدن شمال الجزائر، خاصة "شاي تيميمون" أو "الشاي الصحراوي"، الذي يقدم مع الحلويات والمكسرات، منافسا القهوة في بعض أحياء العاصمة.

وما يزال الشاي الطارقي الليبي محافظا على أصالته وتاجه الأبيض وزبد الرغوة المميز له. 

الشاي الموريتاني 

لا تستقيم جلسات الموريتانيين دون حضور الشاي، الذي يعد عنصرا مهما في  الجلسات، حتى أنه أصبح يعكس ثقافة وهوية البلد ككل. 

ويتميز شاي أهل شنقيط بمجموعة من الخصائص تتجاوز كونه مشروبا فقط، وتصاحبه طقوس خاصة تجعل من طريقة إعداده والجلسة المصاحبة له شيئا جد مميز في المجتمع.

من بين أبرز مواصفات الشاي الموريتاني أيضا أن يتضمن الرغوة أو الزبد (الكشكوشة بالعامية) عند صبه، بل إنها دليل على إتقان فن إعداده. 

ويختلف الشاي الموريتاني عن الطارقي بأنه لا يضاف له السكر والنعناع إلا بعد أن يصبح جاهزا، ليصب بعد ذلك في كؤوس من زجاج يتم ملؤها للنصف فقط. 

جانب من عملية إعداد الشاي الموريتاني

واحتساء الشاي الموريتاني لا يكتمل إلا بثلاث مراحل، الأولى وهي الجمر ويقصد إعداده فوق الفحم.

وبعد تقديمه للحاضرين، يتم جمع الكؤوس ليتم إعداده مرة ثانية وتسمى المهل أي التمهل أكثر في إعداده وشربه.

اأما المرحلة الثالثة فتسمى الجماعة أي أنه يحتاج إلى اجتماع أفراد العائلة والأحباب والأقارب خلال عملية الإعداد والاحتساء، وهذه المرحلة تهدف بالأساس لإطالة الجلسة بين الحاضرين.​

ويرجع الناقد والشاعر الموريتاني، الدي ولد آدبة، تاريخ دخول الشاي إلى المجتمع الموريتاني إلى نهاية القرن التاسع عشر وتحديدا في العام 1875.

المغرب.. الشاي بالنعناع

خلّد المغاربة حبهم الشديد للشاي في 2016 بإعداد أضخم "براد"، أي إبريق شاي، في العالم، إذ وصل طوله أربعة أمتار، بوزن 1200 كيلوغرام.

وبلغت كمية الشاي التي تم إعدادها في هذا الإبريق 1500 لتر، تتضمن ثلاثة كيلوغرامات من النعناع. وحلّ حينها ممثلون عن كتاب غينيس بمدينة مكناس، التي شهدت هذا الإنجاز.

ورغم أن المغرب فقد هذا اللقب في فبراير 2023 لصالح السعودية، إلا أن ولع المغاربة بالشاي لا يضاهيه سوى تنوع إعداده بين المناطق المختلفة من الشمال إلى الوسط والجنوب.

ويتميز "أتاي الشمال" (الشاي الذي يحضر في مناطق شمال المغرب) مثلا بتقديمه في كؤوس طويلة منقعة في النعناع ومملوءة عن آخرها.

وعلى عكس الشاي الموريتاني والطارقي الصحراوي، فإن "أتاي" شمال المغرب يتميز بخفّته وحلاوته الشديدة، وغالبا ما يتم تناوله مع فطائر أو حلويات. 

"شاي الحواضر"

وبالإضافة إلى التقاليد والطقوس المغاربية الفريدة في إعداد الشاي، فإن حواضر المنطقة تتميز باستهلاك كبير للشاي، إذ يتجاوز استهلاكه القهوة.

يختلف أسلوب إعداد الشاي بين المناطق المغاربية

فمن العاصمة تونس إلى طرابلس ثم الجزائر والرباط، يظل سكان المدن الكبرى أوفياء للمشروب التي تعتبره الأمم المتحدة "وسيلة عيش رئيسة لملايين الأسر في البلدان النامية". 

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

الثلوج تكسو واحات نخيل بزاكورة، جنوب شرق المغرب (أرشيفية)
الثلوج تكسو واحات نخيل بزاكورة، جنوب شرق المغرب (أرشيفية)

لا يحجب تهاطل كميات كبيرة من الأمطار وتسببها في سقوط العديد من الضحايا وتدمير جزء من البنى التحتية "استبشار" العديد من سكان المناطق والقرى المغاربية المعروفة بمناخها الجاف بتلك التساقطات خاصة أنها تأتي بعد سنوات طويلة من الجفاف.

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت مقاطع فيديو وصور توثق لـ"عودة الحياة" إلى العديد من المناطق الجافة، ما جعلها قبلة يحرص جزء من سكان المدن على زيارتها.

ففي موريتانيا التي يؤثر التصحر على ما يقرب من 84 بالمئة من إجمالي مساحتها، وفق أرقام وزارة البيئة، نشر نشطاء صورا تُظهر نمو الغطاء النباتي في العديد من المناطق الصحراوية الجافة بفعل تهاطل كميات كبيرة من الأمطار في الفترة الأخيرة.

🔴🔴| حمولة لا باس بها فهاد الأثناء ولله الحمد لواد زاوية سيدي بلال القادم من بوزار في اتجاه واد أحميدي الكبير . الحمد لله...

Posted by ‎زاوية سيدي بلال بعيون أبنائها‎ on Saturday, September 7, 2024

وفي المغرب، الذي يعاني شح المياه بعد ستة أعوام من الجفاف وانخفاض مخزون السدود إلى أقل من 28 بالمئة نهاية أغسطس، لقي أشخاص عدة مصرعهم إثر أمطار غزيرة شهدتها المنطقة.

ورغم الخسائر البشرية والمادية الفادحة لهذه الفيضانات، فإن ذلك لم يمنع سكان هذه المناطق من التعبير عن فرحتهم بعد سنوات طويلة من الجفاف.

وقال أحد سكان مدينة ورزازات لفرانس برس "لم نعرف مثل هذه الأمطار منذ نحو عشر سنوات. لقد جاءت في ظرف مهم لأن المنطقة تعاني الجفاف منذ عقد".

ويعد الجفاف مشكلة كبيرة في المغرب نظرا لتأثيره المباشر على القطاع الزراعي الذي يشغّل نحو ثلث السكان في سن العمل، ويمثل نحو 14 في المئة من الصادرات.

🔴👈 منظر مذهل 😍 حيث تحولت صحاري جنوب #الجزائر 🇩🇿 إلى #مروج خضراء بسبب #العواصف المدارية المتتالية في الآونة الأخيرة (أقوى وأكثر استمرارية من أي وقت مضى) ⛈️ #تمنراست .

Posted by ‎الجلفة تاريخ وحضارة‎ on Monday, September 9, 2024

وامتدت الظروف المناخية إلى غرب الجزائر أيضا، حيث هطلت أمطار غزيرة سببت سيولا جارفة اضطُرت مصالح الوقاية المدنية للتدخل مرات عدة ليل السبت الأحد، وفق ما أفادت في بيان.

وانُتشل جثمان فتاة جرفتها السيول في ولاية إليزي، فيما يتواصل البحث عن شخص آخر كان عالقا داخل سيارة داهمتها سيول في ولاية تمنراست، بحسب المصدر نفسه، علما أن كلا الولايتين في أقصى جنوب البلاد ومعروفتين بجفافهما.

تغيير استثنائي أم دائم؟

ويرجح الخبير المغربي في المناخ، محمد بنعبو، أن "تستمر التغيرات المناخية في التزايد خلال السنوات المقبلة، لتصبح أكثر عنفا وتطرفا"، معبرا عن مخاوفه من "آثارها السلبية على البنى التحتية وحياة السكان".

وقال بنعبو في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إن "بعض المناطق في المملكة المغربية استقبلت خلال 48 ساعة فحسب أزيد من ضعف معدلات التساقطات المطرية السنوية".

 

وأوضح بن عبو أن "بعض الأدوية لم تشهد سيلانا للمياه منذ 7 عقود"، مشيرا إلى أن "صحاري قاحلة شهدت موجات أمطار طوفانية أعادت الحيوية لهذه المناطق وأحيت مجموعات بيولوجية وطبيعية كادت أن تنقرض".

وتابع أن "هذه الأمطار تعيد الحياة للعديد من المنظومات البيولوجية، لكن ذلك لا ينفي المخاطر الكبيرة للتغيرات المناخية التي باتت تتسم بالتطرف".

 

المصدر: أصوات مغاربية