استقبلت ليبيا عددا مهما من الأجانب، هذا الأسبوع، في زيارة تُعد الأولى لفوج كبير من السياح في الأشهر الأخيرة.
وتعاني البلاد - التي تتوفر على مقومات سياحية مهمة تجمع بين التاريخ والطبيعة - من أزمة سياسية وفوضى أمنية أثرتا على قطاع السياحة المشلول منذ انتفاضة 2011.
وحتى الفوج السياحي الحالي الذي يزور البلاد - وكلهم يحملون الجنسية الرومانية - اضطر للاستعانة بقوات الأمن السياحي في التنقل عبر المدن.
ووفقاً لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، فإن السياح زاروا قصر كاباو الأثري، كما أشار المصدر إلى أن مكتب الشرطة السياحية وحماية الآثار تولى تأمين زيارة أكبر فوج سياحي يدخل الأراضي الليبية في الآونة الأخيرة.
ورغم كل هذه الظروف، فإن البلد يتمتع بوجهات سياحية رائعة تستحق الزيارة:
قصر كاباو.. جوهرة نفوسة
تقع هذه المعلمة التاريخية في قرية كاباو الأمازيغية بجبل نفوسة الواقع في المنطقة الشمالية الغربية للبلاد.
تعد المنطقة سياحية بامتياز، إذ تتوفر - إلى جانب القصر الشهير الذي يتجاوز عمره 900 عام - على وجهات أخرى هامة مثل "إباناين"، و"جليمت"، وقصر "طرشو".
وقصر كاباو هو عبارة عن مبنى دائري قطره من الداخل 20 مترا وارتفاعه 18 مترا تقريبا، ويتكون من ستة طوابق، ويضم 360 غرفة لتخزين المنتجات الزراعية من زيت وتمر وتين وقمح وشعير.
ويُعتقد أن القصر حمل اسم كاباو تيمناً بقائد محلي (كباون) ساهم في ردّ هجمات "الوندال"، وهي قبائل جرمانية أوروبية، عن جبل نفوسة (أدرار ن إنفوسن بالأمازيغية) في 498 ميلادية.
الأثرون.. بلدة الإغريق
الأثرون (Athrun) هي بلدة ساحلية صغيرة لا تبعد سوى 25 كيلومترا عن مدينة تاريخية أسسها الإغريق في الجبل الأخضر وهي "شحات" أو "قورينة"، الواقعة بأقصى شمال شرق البلاد.
اسم هذه البلدة يعود إلى عهد اليونان القدامى، إذ تعتبر حصناً لمجموعة من الآثار المتبقية من فترة الإغريق، والتي ترجع للقرن الخامس قبل الميلاد.
وتعني كلمة الأثرون (erythros) بلغة اليونان اللون الأحمر، لأن المنطقة اشتهرت بلون صخورها الأحمر، الذي ينعكس على مياه البحر فتصبح البلدة حمراء.
غير بعيد عن هذه المنطقة، تقع قرية "راس الهلال"، التي تتميز بشاطئها الذي يقع على مقربة من الغابة في منظر ساحر تلتقي فيه خضرة الأشجار بزرقة مياه البحر.
"لبتيس ماغنا".. "أفريكا الرومانية"
شيّد الفينيقيون "لبتيس ماغنا" (Leptis Magna) المعروفة اليوم بـ"لبدة الكبرى"، ثم احتلها الرومان، وفيها ولد الإمبراطور سيبتموس سيفيروس الذي حكمها بين عامي 193 و211 وجعل منها إحدى أجمل مدن الإمبراطورية الرومانية آنذاك، بحسب منظمة اليونسكو.
وُلد سيفيروس بهذه المنطقة الأثرية الشهيرة أيضا بـ"أفريكا الرومانية" في أبريل سنة 145 ميلادية لعائلة عريقة كانت من طبقة الإكواتيس الراقية في لبدة لأب من أصول ليبية بونيقية يدعى "بوبليوس سيبتيموس جيتا"، وأم ليبية تنتمي لعائلة من أصول إيطالية.
وشيّدت فيها روما أيضا ميدانا لسباقات الخيل ومسرحا يستوعب 15 ألف متفرج ويوفر إطلالة خلّابة على البحر الأبيض المتوسط.
وأثار تدهور الوضع الأمني والفوضى في البلاد مخاوف حول مصير هذا التراث المهمّ الذي صنفته منظمة اليونسكو عام 2016 من بين أهم الأماكن التراثية العالمية المعرضة للخطر.
ونجا موقع "لبتيس ماغنا" بآثاره الأخاذة من الصراع المسلح الذي شهدته ليبيا، وتزداد الدعوات لاستكشاف المنطقة إذ يعتبرها البعض "أجمل موقع روماني خارج إيطاليا".
تقع هذه المدينة الأثرية شرقي مدينة الخمس البعيدة بنحو 120 كيلومترا عن العاصمة طرابلس.
"تادرارت أكاكوس".. ليبيا قبل التاريخ
تحضر ليبيا في قائمة منظمة اليونسكو بخمسة مواقع تاريخية، بينها مواقع تادرارت أكاكوس، وهي منطقة صخرية تضم رسوما ونقوشا يرجع تاريخها إلى آلاف السنين قبل الميلاد.
ويقع هذا الموقع قرب منطقة "طاسيلي ناجر" بصحراء الجزائر، المدرجة أيضا على قائمة التراث العالمي، وتعد ضمن قائمة أفضل الوجهات السياحية بشمال أفريقيا.
ووفقا لليونسكو، فإن بعض الرسوم الصخرية في أكاكوس تعود إلى 21 ألف عام قبل الميلاد تقريبا.
وتضيف المنظمة الدولية "تعكس هذه الرسوم التعديلات العميقة التي طرأت على الثروة الحيوانية والنباتية وكذلك أنماط الحياة المتنوعة للشعوب التي تتالت على هذا الجزء من الصحراء الكبرى".
وبالإضافة إلى عبق التاريخ الذي تحتضنه المنطقة، فإن عشاق الصحاري قد يجدون في أكاكوس فرصة للتخييم تحت النجوم واستكشاف الصخور العملاقة والتلال الشاهقة والكثبان الرملية الضخمة.
- المصدر: أصوات مغاربية