تاريخ الاستعمار الفرنسي للجزائر ساهم في إثراء الذاكرة الشعبية
الوجود الفرنسي العسكري في الجزائر لقي رفضا من الفرنسيين أيضا

أعلنت وزارة الثقافة الجزائرية السبت عن انطلاق تصوير الفيلم السينمائي "الطيارة الصفرا" (الطائرة الصفراء).

وأشرفت وزيرة الثقافة صورية مولوجي على إعطاء إشارة بدء التصوير، كما "وقفت على سير تقدم تصوير وانتاج أفلام وثائقية وقصيرة تندرج في نفس البرنامج الاستثنائي للدعم المقدم للأعمال الفنية في الجزائر"، وفق بيان صادر عن الوزارة.

فما هي قصة الفيلم؟ وما هي حكاية "الطائرة الصفراء" التي استوحى الفيلم اسمه منها؟

أصل الحكاية

في تصريح لـ"التلفزيون العمومي"، توضح مخرجة الفيلم، هاجر سباطة، أن الفيلم، الذي لا تتجاوز مدته 30 دقيقة، يروي قصة جميلة الفتاة الجزائرية التي فقدت أخاها في الفترة ما بين 1956 و1957، أي خلال حرب الجزائر، وتسعى للانتقام من مقتله.

🔴 تصوير أعمال سينمائية في إطار برنامج ستينية الاستقلال بدعم من وزارة الثقافة و الفنون. أشرفت اليوم السيدة وزيرة الثقافة...

Posted by ‎وزارة الثقافة والفنون الجزائرية‎ on Saturday, May 27, 2023

وتعلم جميلة بخبر وفاة شقيقها من قبل نقيب فرنسي وتسعى للانتقام، لكنها تقع في حيرة من أمرها، هل تنتقم لشقيقها الذي قتل من طرف الفرنسيين أم تنتقم لوطنها المحتل.

ويأتي الفيلم ضمن مسعى يهدف "للمحافظة على الذاكرة الوطنية وإعادة الاعتبار لكثير من الأحداث والرموز والشخصيات التاريخية" بحسب تصريح وزير قدماء المقاومين في الجزائر، العيد ربيقة، الذي حضر بدء التصوير.

تراث تاريخي

ويستوحي الفيلم عنوانه وبعض تفاصيله من قصة حقيقة ذات صلة  بقصة الطائرة الصفراء التي اشتهرت بأغنية شعبية تحمل نفس العنوان وتختزل حزن امرأة على مقتل أخيها المقاوم إبان الثورة الجزائرية.

وقد رثته بأغنية روت فيها بشاعة قصف الطيران خلال الحرب، وتناشد في مقدمتها  الطائرة  الحربية ذات اللون الأصفر، المعروفة بين السكان، التوقف عن القصف، لكن شقيقها توفي تحت قصف الطائرة الصفراء وتحولت الأغنية إلى تراث وطني يخلد جانبا من حرب الجزائر.

*** الطيارة الصفراء …*** من الأغاني الخالدة للثورة الجزائرية من أقوى كلماتها : طيّارة الصفراء حبّسي ماتُضربيش*** عندي راس أخي أمي ما تضنيش. .

Posted by ‎الطاهر بوبحري‎ on Wednesday, October 5, 2022

وانتشرت هذه الأغنية بشكل واسع في الشرق الجزائري، خلال الحرب التحريرية التي عرفت استعمال الجيش الفرنسي للطيران بكثافة، خصوصا في جبال الأوراس مهد الثورة الجزائرية التي انطلقت في أول نوفمبر 1954.

وكانت مناطق الشرق قد عرفت هجومات 20 أغسطس 1955 التي اتبعتها الحكومة الفرنسية بحملات تمشيط وتشديد الخناق على الثورة التي فقدت العديد من قياداتها وجنودها من المقاومين باستعمال الطيران من بينها طائرات عرفت بين السكان بلونها الأصفر.

نوارة ترثي شقيقها

تُنسب أغنية الطائرة الصفراء، أو "الطيارة الصفرا" باللهجة المحلية في الجزائر، إلى امرأة تسمى نوارة لعيايدة المعروفة بـ"عائشة" من مدينة برج الغدير بولاية برج بوعريريج، شرق الجزائر، بحسب موقع "تحواس" المتخصص في السياحة والفنون بالجزائر.

الطيارة الصفراء...أتحداك أن تمنع عيونك من البكاء أثناء سماعها.... معا لتكريم الراحلة نوارة لعيايدة صاحبة رائعة الطيارة...

Posted by Abdelmalek Zeghba on Thursday, July 9, 2020

ولدت نوارة، التي عاشت حياتها كفيفة، بتاريخ 17 ماي 1937، وتوفيت في 10 ديسمبر 2010. تشير الحكاية إلى أنها رثت شقيقها إبراهيم لعيايدة بحزن شديد، فقد كان أخاها الوحيد، مثلما تذكر في القصيدة عندما ترجت الطائرة أن لا تقصف شقيقها الوحيد.

وخلال نفس القصيدة تنظر نوارة إلى والدتها، وتخاطبها بأن شقيقها "طلع للجبل ومايرانديش" أي التحق بالثورة ولن يستسلم، في إشارة إلى إمكانية النهاية المحتومة لشقيقها بسبب قصف الطيران وهو ما حدث فعلا، ونظرا لما حلمته الأغنية من مشاعر حزن قوي تحولت إلى أيقونة فنية تؤرخ لمرحلة قاسية من تاريخ الجزائر.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

فرسان خيول ليبيا
"عقود الخيل" مجموعة من الفرسان ينتظمون في كوكبة تسمّى "عِقدا"، يسيرون أو يركضون في حركة متناسقة

"عُقود الخيل" أو "لْهيد"، تقليد ليبي قديم يستعرض فيه مجموعة كبيرة من الفرسان أو فارس لوحده، مهاراتهم في التحكم في الخيل، مذكّرين بأيام الحرب ومحتفين بأيام السلم والأعراس والمناسبات السعيدة.

و"عقود الخيل" مجموعة من الفرسان ينتظمون في كوكبة تسمّى "عِقدا"، يسيرون أو يركضون في حركة متناسقة مع بعض، بلباس تقليدي موحّد، يظهر تجانسهم مع بعضهم ومع خيولهم.

يلتقي هؤلاء - وهم من الرجال فقط - في المناسبات مثل الأعياد الدينية والأعراس والمهرجانات، يقدّمون عروضا أمام الجمهور المصطف على يمين وشمال ميدان الاستعراض الكبير، يبرزون فيها شجاعتهم وبطولتهم وكأنهم يخوضون حربا ضد عدوّ.

 

أمّا "لْهيد" فهو عرض فرديّ يقدّمه فارس واحد، يُظهر فيه أمام الجمهور فروسيته وقُدرته على التحكم في فرسه.

ويعود أصل هذا التقليد إلى أجداد الليبيين الذي واجهوا الاحتلال الإيطالي بالخيل، وأشهرهم الثائر عمر المختار، ويروي الفرسان من خلال "عقود الخيل" و"لْهيد" بطولات وتاريخ الأجداد.

واليوم باتت "عقود الخيل" و"لْهيد" رياضة شعبية في ليبيا، دون أن يكون لها طابع رسمي، غير أن الاحتضان الجماهيري لها في المناسبات حوّلها إلى "فلكلور شعبي" يحظى بإقبال كبير.

ويتفاعل الجمهور مع العرض بالتصفيق والهتاف، وتُبعث الحماسة في الحاضرين خصوصا الأطفال، الذين يجرّبون ركوب الخيل خلال الاستعراض، ويحلمون بأن يكبروا ليصبحوا فرسانا يقدّمون عروضا مثل الفرسان الكبار.

 

ففي المناسبات مثل الأعياد الدينية والأعراس خصوصا، يتجمع مئات الفرسان من مناطق عديدة في ليبيا خصوصا في كبريات المدن، كبنغازي وطرابلس وسرت وغيرها.

ومن الأشعار والمقولات الشعبية الموروثة عن تقليد "عقود الخيل" هذه الأبيات:

العقد اللّي مسطر تسطير
العين تحير بلا تدبيــــر
الفارس فوق الخيل خْبيـر

أي أن عقد الخيل واقف في خط مستقيم مثل المسطرة، لدرجة أن العين تحار في هذه الانتظام، والفارس اللي فوق الخيل خبيرٌ بها وفي التحكيم فيها.

ولا يقتصر هذا النوع من الفروسية على ليبيا وحدها، ففي تونس والجزائر والمغرب توارثت الشعوب هذه الثقافة عن الأجداد. 

 

ففي تونس تسمى "عروض الفروسية"، وفي الجزائر والمغرب يطلق عليها اسم "الفانتازيا"، وأيضا "التبوريدة".

وتشترك الدول الثلاث في إقامة مهرجانات لهذا التقليد، ويكمن الاختلاف مع ليبيا في أن الفرسان بتونس والجزائر والمغرب يحملون بنادق البارود ويرمون بها وهو ما لا يوجد في "عقود الخيل" و"لْهيد" في ليبيا".

وتقيم تونس مهرجان دوليا للفروسية بمدينة بنقردان الساحلة يسمى "المهرجان الدولي للفروسية ببنقردان"،  وتقيم الجزائر "المهرجان الوطني للفنتازيا" كل سنة، وبالمغرب يُقام سنويا "معرض الفرس بمدينة الجديدة" الساحلية، وكلها مهرجانات تهدف للتعريف بتراث وثقافة المغاربيين في الفروسية.

المصدر: أصوات مغاربية