الجيلالي بونعامة.. قائد بالثورة الجزائرية قتله الجيش الفرنسي وأخفى قبره
تحل اليوم الذكرى 62 لرحيل قائد الولاية الرابعة التاريخية (وسط الجزائر) الجيلالي بونعامة، الملقب بـ"أسد الونشريس"، وهي السلسلة الجبلية التي تقع شمال غرب الجزائر.
ويعتبر بونعامة أحد أبرز القادة الميدانيين للثورة الجزائرية، والذي ظل قبره مجهولا عقب مقتله على يد قوات الاستعمار الفرنسي يوم 8 أغسطس 1961.
الولادة.. قرن بعد الاحتلال
في ظروف اتسمت ببسط الاستعمار الفرنسي سيطرته على الجزائر، ولد الجيلالي بونعامة في شهر أبريل من عام 1926 بمنطقة "الونشريس" شمال غرب الجزائر.
كان ذلك في الوقت الذي كان الفرنسيون يحضرون للاحتفال بذكرى مرور قرن على احتلالهم الجزائر، بحسب ما يوضح الباحث في تاريخ الثورة الجزائرية، عبد الرحمان قدوري.
وعن مساره، يقول قدوري في حديث مع "أصوات مغاربية" إنه تلقى تكوينا سياسيا وعسكريا مبكرا وتم تجنيده سنة 1944 ضمن الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش الفرنسي وذلك بالفيلق الثامن للرماة الذي شارك بعد ذلك في حرب الهند الصينية.
وعقب عودته للجزائر التحق بونعامة بـ"المنظمة السرية الخاصة" (أنشأتها قيادات من حزب الشعب عام 1947 بغرض الإعداد والتعبئة للعمل الثوري) إلى أن تم حلها بعد أن كشفت عنها السلطات الفرنسية واعتقلت بعض قادتها.
بعد ذلك، يوضح المتحدث أن بونعامة انخرط في دوائر النشاط السياسي للحركة الوطنية التي كانت تقاوم الاستعمار سلميا، مبرزا في هذا الإطار أن "حنكته السياسية سمحت له بتنظيم إضراب لعمال المناجم، بصفته عاملا في هذا القطاع، عام 1951 للمطالبة بحقوقهم المهنية".
تكوين سياسي وعسكري
يقول الباحث في تاريخ الجزائر، محمد بن يوب، إن التكوين العسكري لبونعامة في الجيش الفرنسي والتجربة التي اكتسبها في حرب الهند الصينية ثم في "المنظمة السرية الخاصة"، سمح له بـ"اكتساب صفة القائد الذي يجمع بين السياسة والمقاومة العسكرية بعد التحاقه بالثورة سنة 1954".
ويوضح بن يوب في حديث مع "أصوات مغاربية" أن قيادة بونعامة "تجلت في نشره بيانات وخطب تشرح أهداف الثورة، وتحرير المنشورات والبيانات الموجهة للجزائريين، ثم في العمليات النوعية العسكرية التي قادها ميدانيا بمنطقة الونشريس".
و"تتميز الولاية التاريخية الرابعة في جغرافيتها إبان الثورة بكونها قلب الجزائر، فهي تمتد من شرق الجزائر العاصمة حاليا إلى غربها ثم إلى منطقة متيجة جنوبا وجبال الونشريس"، يقول بن يوب، مردفا أن "عملية الإشراف على هذه المناطق لم تكن أمرا سهلا، بل كانت تتطلب شخصيات عسكرية عالية التدريب والتكوين".
وبحسب المتحدث فقد وجدت قيادة الثورة في شخصية الجيلالي بونعامة مواصفات "القيادة والشجاعة والحكمة، حيث تولى أعلى المسؤوليات والمهام العسكرية فيها من التوعية والتدريب إلى قيادة العمليات الميدانية".
إخفاء مكان دفنه
يقول قدوري إن بونعامة "تحمل من أجل الثورة مقتل والده ووالدته على يد الجيش الفرنسي، والزج بشقيقه في السجن، انتقاما من نشاطه وشجاعته التي كبدت الفرنسيين خسائر فادحة".
وقد واصلت السلطات الفرنسية عمليات البحث عن بونعامة الذي تمت ترقيته سنة 1960 إلى رتبة رائد بعد توليه قيادة الولاية الرابعة التاريخية، كما نشرت الأعوان لمتابعة كل خطواته وتنقلاته.
"في ليلة 8 أغسطس كانت المعلومات كافية بيد السلطات الفرنسية بخصوص مكان تواجده"، يقول قدوري، مشيرا إلى أن الفرنسيين خصصوا وحدة للعمليات القتالية الخاصة (قوات النخبة) التي طوقت المكان حيث كان يوجد، وهو منزل أحد أصدقائه، و"تمكنت من القضاء عليه رفقة صاحب المنزل وعنصرين آخرين من قيادات الولاية الرابعة".
اعتبر الفرنسيون القضاء على بونعامة "انتصارا كبيرا لهم" يقول المتحدث، مشيرا إلى رفض السلطات الفرنسية الكشف عن مكان دفنه إلى اليوم.
- المصدر: أصوات مغاربية