لم تكن قصيدة "عبد القادر يا بوعلام" الصوفية، التي خلّدت أحد أقطاب الصوفية المسلمين، لتُعرف لولا أن غنّاها "ملك الراي" الشاب خالد، ليُخرجها بذلك من بطون الكتب والمخطوطات والتراث الشعبي إلى العالمية.
فما قصة هذه الأغنية؟ ومن هو عبد القادر بوعلام وما المقصود بكلمة بوعلام؟
"سلطان الأولياء"
تتغنى القصيدة بالقطب الصوفي الشيخ عبد القادر الجيلالي كما يسميه المغاربيون فيما يسميه أهل المشرق العربي عبد القادر الجيلاني، ويعرفه أهل المغرب والمشرق عموما بلقب "سلطان الأولياء"، وهي عبارة وردت في الأغنية.
اختلفت الروايات حول مولده بين قائل إنه ولد العام 1077 م في العراق وآخرين قالوا في إيران، وتوفي العام 1168 م، وكان صاحب علم غزير وتنسب له كرامات بزعم المعتقدين فيها.
هو صاحب الطريقة القادرية في التصوف، يعتبره أتباعه ومريدوه من "أولياء الله الصالحين"، ذاع صيته في المشرق والمغرب في زمانه، ولايزال اسمه يلمع إلى اليوم.
يُعرف الجيلالي أيضا بـ"صاحب الرايات" أو "صاحب الأعلام"، نظرا للأعلام التي كانت ترفع على قبّته للدلالة عليها فيعرفها الناس من بعيد.
روايتان لقصيدة "عالمية"
ومما جاء عن أصل الأغنية روايتان، تقول إحداهما إن الحاج زغادة المدعو الورشاني، وهو مؤلف شعر شعبي ملحون، ألفها عندما كان سجينا بسجن "لامبيز" الاستعماري الفرنسي بولاية باتنة شرقي الجزائر.
وتضيف بأن الورشاني رأى في منامه الولي الصالح عبد القادر الجيلالي، حيث زاره ليواسيه ويخفّف عنه قهر زنزانته، فاعتقد الورشاني أنها رؤيا، ومن هنا كتب القصيدة التي يبدأها بمناجاة الجيلالي وجميع الأولياء الصالحين.
بعد خروجه من السجن غنى الورشاني قصيدته فضلا عن كثيرين غيره، لكنها بقيت حبيسة الأماكن التي تغُنى فيها مثل الأعراس خصوصا.
الرواية الثانية تقول إن شاعر الملحون الجزائري عبد القادر بطبجي أصيل مدينة مستغانم غربي الجزائر هو صاحبها، وأنه ألّفها العام 1871، فضلا عن أن أغلب شعره كان في مدح عبد القادر الجيلاني.
في سنة 1948م توفى بطبجي، وكانت "عبد القادر يا بوعلام" من أشهر ما أبدعت قريحته.
تقول كلمات الأغنية، وكلها مناجاة واستغاثة بعبد القادر الجيلالي والأولياء الصالحين:
عبد القادر يا بوعلام ضاق الحال عليّ
داوي حالي يا بوعلام سيدي روف عليّ
عبد القادر يا بوعلام ضاق الحال عليّ
داوي حالي يا بوعلام سيدي روف عليّ
سيدي عبد الرحمن دير مجهودك وتحزم
وأنت راجل قايم خديمك دير مزية
ففضلا عن الجيلالي تتغنى القصيدة بغيره من الأولياء وخصوصا سيدي عبد الرحمان الجيلالي في الجزائر العاصمة، وسيدي بومدين الغوث في تلمسان (غرب الجزائر)، وقد غناها كثيرون غير الشاب خالد، لكن الشاب خالد كان أول من أدّاها وعرّف العالم بها.
- المصدر: أصوات مغاربية