بيكاسو رسم "نساء الجزائر" بعيدا عن الروح الاسشتراقية للوحة سابقة تحمل توقيع أوجين دولاكروا

أعاد مدونون ومثقفون جزائريون موضوع اللوحة الفنية الشهيرة "نساء الجزائر"، للرسام العالمي بابلو بيكاسو، إلى واجهة الأحداث بعد نداءات أطلقوها تدعو السلطات إلى التفكير في اقتنائها وضمها إلى معروضات المتحف الوطني للفنون.

وتساءل الأديب الجزائري، واسيني الأعرج في مقال، كتبه مؤخرا، عن سر عدم اهتمام السلطات في الجزائر بهذا العمل الفني المرتبط بأحد المراحل التاريخية للبلاد، مؤكدا أن هذه الخطوة "كانت ستحدث أثر ثقافيا وفنيا كبيرا".

ويرتكز  رأي الأديب الجزائري على الاهتمام الكبير الذي توليه كبار المؤسسات الفنية عبر العالم لهذه اللوحة الفنية التي تجاوزت قيمتها المالية 170 مليون دولار في أحد المزادات التي نظمت في مدينة نيويورك في سنة 2015، لتكون بذلك أغلى لوحة فنية بيعت في تاريخ المزادات العلنية الفنية.

اللوحة والمال(1): هذه هي لوحة"نساء الجزائر" وهي نسخة من عدة نماذج رسمها الفنان الكبير پابلو بيكاسو سنة1955 وقد بيعت...

Posted by Hazerchi ABaki on Saturday, April 24, 2021

فما قصة لوحة "نساء الجزائر"، ولماذا انجذب الرسام العالمي بابلو بيكاسو نحو المرأة الجزائرية وراح يقدم لها هذا العمل الفني المشهور؟

من هنا البداية؟

تجمع أغلب المراجع التاريخية، على أن هذا العمل الفني الرائد تم إنجازه بين سنتي 1954 و1955، وهو يصور وضعية نساء جزائريات شبه عاريات في القرن التاسع عشر.

تقول العديد من الدراسات التي بحثت في موضوع هذه الصورة إنها كانت ردا فنيا من قبل الرسام الإسباني، بابلو بيكاسو، على أعمال فنية أخرى أنجزها الفنان الفرنسي الشهير"أوجين دولاكروا خلال الفترة بين 1834 و1849، تناولت موضوع المرأة الجزائرية بعيدا عن الظروف المأساوية التي فرضها عليها الاستعمار.

فكرة بابلو بيكاسو من خلال "نساء الجزائر"، حسب هؤلاء، أرادت أن تضيف إسقاطات جديدة على واقع المرأة الجزائرية في تلك الفترة من خلال التركيز على الآثار السلبية للاستعمار على وضعيتها الاجتماعية والثقافية ما جعله "يتعامل بوحشية مع الجسد الأنثوي ممزقاً إياه على الطريقة التكعيبية، في إشارة إلى العنف والانتهاكات التي مارسها الاحتلال الفرنسي على النساء الجزائريات اللواتي تعرّضن للتعذيب والسجن والاغتصاب، وكأن الجسد يقاوم بعرّيه وتشظيه".

يقول الروائي واسني الأعرج معلقا على لوحة "نساء الجزائر"، "لقد جرد بيكاسو لوحة دولاكروا، من كل الأغلفة الرومانسية والزوائد الاستشراقية التي تخفي بصعوبة تصورا استعماريا للآخر، وفونتازما لا علاقة لها بالحقيقة".

ويضيف أن "نساء الجزائر" مكونة من 15 لوحة وليس من واحدة كما يظن الكثيرون. بدأ بيكاسو رسمها ما بين 1954م- 1955م، مباشرة بعد عودته من الجزائر في 1953. المجموعة اشتراها كلها فيكتور وسالي غانز عام 1956 من معرض غاليري لويس ليريس بحوالي مليوني دولار. باع غانز لاحقا 10 لوحات من المجموعة لغاليري سايدنبرغ، محتفظا بالبقية، التي بيعت منفردة في أمكنة عديدة، عبر العالم".

بين الإعجاب والتحفظ..

وتصطدم محاولات إقناع بعض المثقفين والمؤثرين السلطات الجزائرية بضرورة الالتفات إلى هذه الصورة والعمل على اقتنائها وضمها إلى التراث الفني المعروضة في المتاحف الوطنية، بالعديد من العقبات، لعل أهمها طبيعة الرسم الموجود عليها، حيث يصور "جسدا أنثويا عاريا".

وقد أثار هذا العمل الفني حفيظة العديد من التيارات المحافظة في الجزائر على اعتبار أن ذلك يتعارض مع القيم الدينية للمجتمع الجزائري.

وفيما يدافع المعجبون بلوحة "نساء الجزائر" على مضمونها الفني ويرون فيه "شاهدا إبداعيا على واحدة من الفترات المهمة في تاريخ الجزائر"، يؤكد أصحاب الرأي المخالف أن "العمل يخالف المعايير الأخلاقية والقيم الدينية للمجتمع".

وعاشت الجزائر في السنوات الأخيرة هجومات وأعمال تخريب طالت تماثيل ومنحوتات أنجزت على العهد الاستعماري، كان أهمها ما وقع لتمثال "المرأة العارية" بمدينة سطيف، شرق الجزائر.

بيكاسو.. والجزائر

وقصة الأعمال الفنية للرسام العالمي مع الجزائر لا تتوقف فقط عند لوحة "نساء الجزائر"، بل تجاوزت ذلك وترجمت تضامنا حقيقيا مع ثورة ومقاومة الشعب ضد المستعمر الفرنسي.

ولعل أكبر شاهد على ذلك، تقديمه لعمل فني آخر برسمه للمناضلة جميلة بوباشة، نهاية الخمسينات، عندما كانت تتعرض لتعذيب قاس على يد قوات الاستعمار بعدما تم القبض عليها بتهمة الانتماء إلى خلايا جبهة التحرير التي كانت تقوم وقتها بعمليات ثورية في أحياء العاصمة فيما يعرف بـ"معركة الجزائر".

ولاقت قضية المناضلية جميلة بوباشا تعاطفا دوليا كبيرا، وتشير العديد من المصادر إلى أن اللوحة التي قدمها الرسام بيكاسو ساهمت في التعريف بقصتها، ومن تمة التعريف بالقضية الجزائرية على نطاق واسع.

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

قصيدة شويخ من ارض مكناس لأبي الحسن الششتري الاندلسي ، كتبت بالاصل في المغرب ، واشتهرت في العراق ودول الخليج بعد أن لحنها...

Posted by Ghassan Mahdy on Sunday, July 4, 2021

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

قصيدة «شويّخ من أرض مكناس»، كتبها مولانا ابي الحسن الششتري قبل 700 عام.. انتشرت بشكل كبير مؤخرا بصوت عبد المجيد عبد الله وخلقت للمغرب ولمكناس اشهارا كبيرا.. هذه القصيدة لحنها الموسيقار البحريني خالد الشيخ وأول من غناها هو الفنان الخليجي البحريني احمد الجميري سنة 1982، ثم المغنية أحلام.. لكن لا أحد يعرف كيف حصل عليها.. القصيدة كتبت بالدارجة المغربية القديمة لكنها اشتهرت كثيرا بالخليج ويحفظها الجميع..

Posted by ‎فدوى رجواني‎ on Monday, January 23, 2023

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية