ذكرى معسكر اليرموك - ليبيا

تفاعل الليبيون يوم أمس الأربعاء مع مرور الذكرى 13 لقيام كتائب القذافي بقتل عشرات المعتقلين في أحد معسكرات طرابلس وإضرام النار في جثثهم، في حادثة توصف بأنها واحدة من أبشع الجرائم التي قام بها النظام السابق.

وتعود تفاصيل القصة إلى تاريخ 23 أغسطس 2011، عندما قام جنود "اللواء32 " التابع لخميس القذافي، نجل العقيد معمر القذافي، بإطلاق الرصاص عشوائياً على  عشرات المعتقلين المناوئين للنظام كانوا محتجزين بـ "معسكر اليرموك" جنوب العاصمة الليبية طرابلس في خضم أحداث ثورة 17 فبراير التي أطاحت بالقذافي.

تفاصيل مروعة

وحدثت الواقعة في الساعات الأخيرة قبل فرار آخر قوات القذافي من طرابلس التي كان "الثوار" قد دخلوها بالفعل في ذلك الوقت، وعند دخول هؤلاء للمعسكر، الذي كان بمثابة المعقل الأخير لأنصار القذافي في العاصمة، اشتموا روائح احتراق الجثث، ليكتشفوا مستودعاً به عشرات الأجساد المتفحمة.  

وتختلف الروايات في العدد النهائي لضحايا تلك المجزرة، إلا أن بعض التقديرات تشير إلى أن عددهم يتجاوز الـ 150 قتيلاً، حرقت جثث 45 منهم على الأقل، فيما نجا آخرون بإعجوبة ليرووا تفاصيل ذلك اليوم المروع.

وروى ناجون من تلك المحرقة كيف تمت الرماية عليهم بشكل عشوائي من قبل أفراد الكتيبة وهم داخل الزنزانة، ثم تجميع الجثث في مكان واحد وإضرام النيران فيها باستخدام إطارات السيارات "لإخفاء معالم الجريمة". 

فيما ما زالت عائلات الكثير ممن فقدوا في ذلك المعسكر تطالب الدولة بكشف مصير أبنائهم، الذين صعب التعرف عليهم وسط العظام المتفحمة، وبتحقيق العدالة لهم. 

وبحسب الروايات الموثقة وشهود العيان، فإن أعمار ضحايا "محرقة اليرموك" تراوحت بين من هم في بدايات الشباب تحت سن العشرين، بينما تجاوزت أعمار أكبرهم 75 عاماً كانوا قد اعتقلوا على خلفية تأييدهم لثورة 2011. 

ويروي أحد الناجين كيف قام جنود القذافي بإخراج العسكريين من بين السجناء وأعدموهم أولاً، ومن ثم أطلقوا الرصاص على بقية السجناء وهم في داخل الزنزانة وبينهم المتحدث الذي سقط على الأرض وظل منتظرا الرصاصة لكنها لم تأت، ليسمع بعدها الجناة يتحدثون عن إطلاق قنبلة يدوية للإجهاز على من تبقى منهم. 

وفرت آخر كتائب القذافي من طرابلس بعد سقوطها في أيدي الثوار بالكامل في ذلك  اليوم، وإنهاء نظام القذافي الذي حكم ليبيا لـ 42 عاماً يصفها معارضوه بـ "حقبة سوداء" في تاريخ هذا البلد.  

هكذا تفاعل الليبيون مع الذكرى 

وبينما غابت أي مظاهر رسمية، تفاعل مرتادو شبكات التواصل الاجتماعي في ليبيا بدورهم مع الذكرى 12 لمحرقة بوسليم، وقال أحد المدونين في منشور على منصة إكس، "مآسي حدثت لعائلات من وراء هذه الجريمة ... حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من أجرم في حق هذا الشعب وكل من طبل وأيد مثل هذه الأفعال".

وتساءل  آخر ون عن "غياب العدالة" وسط انشغال السياسيين بـ"صراعاتهم ومصالحهم الضيقة"، فيما استغل آخرون المناسبة للتذكير بفضائع أخرى ارتكبت على يد كتائب القذافي خلال الثورة وقبلها.  

وسقط نظام العقيد معمر القذافي عقب 8 أشهر من الثورة التي تحولت إلى قتال مسلح إثر قمع كتائب القذافي بقوة السلاح للمظاهرات السلمية التي شهدتها مدن ليبية منتصف فبراير  2011، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، ودفع المجتمع الدولي للتدخل عبر قرار من مجلس الأمن حينها بهدف حماية المدنيين. 

المصدر: أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

قصيدة شويخ من ارض مكناس لأبي الحسن الششتري الاندلسي ، كتبت بالاصل في المغرب ، واشتهرت في العراق ودول الخليج بعد أن لحنها...

Posted by Ghassan Mahdy on Sunday, July 4, 2021

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

قصيدة «شويّخ من أرض مكناس»، كتبها مولانا ابي الحسن الششتري قبل 700 عام.. انتشرت بشكل كبير مؤخرا بصوت عبد المجيد عبد الله وخلقت للمغرب ولمكناس اشهارا كبيرا.. هذه القصيدة لحنها الموسيقار البحريني خالد الشيخ وأول من غناها هو الفنان الخليجي البحريني احمد الجميري سنة 1982، ثم المغنية أحلام.. لكن لا أحد يعرف كيف حصل عليها.. القصيدة كتبت بالدارجة المغربية القديمة لكنها اشتهرت كثيرا بالخليج ويحفظها الجميع..

Posted by ‎فدوى رجواني‎ on Monday, January 23, 2023

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية