مرت قبل يومين في ليبيا الذكرى 40 لتدشين مشروع النهر الصناعي العظيم الذي يلبي احتياجات 80 في المائة من سكان البلاد، ويوصف بـ"معجزة العالم الثامنة"، حيث ضخ أكثر من 12 مليار متر مكعب من المياه على مدى العقود الأربعة الماضية.
ومنذ تدشينه عام 1983، مر مشروع النهر الصناعي العظيم بمراحل عدة، لكن تدقف أولى كميات المياه كان بخزان "اجدابيا" شمالاً في عام 1989، فيما شرع في تنفيذ آخر مراحله عام 2001.
القضاء على العطش
ووضع العقيد الرحل معمر القذافي حجر الأساس للمشروع في 28 أغسطس 1983، بهدف توفير المياه العذبة للسكان، وحل أزمة المياه التي كانت تعاني منها البلاد لسنوات.
مع قرب حلول الذكرى الـ 40 لتأسيسه.. جهاز النهر الصناعي يعلن إنتاج أكثر من 12 مليار متر مكعب من المياه طوال العقود الأربعة الماضية، موضحا أن النهر يتكون من 1300 بئر، ويمتد طول أنابيبه 4 آلاف كيلو متر من الجنوب الشرقي والغربي إلى الشمال، لنقل 6.5 ملايين متر مكعب من المياه يوميا. pic.twitter.com/7kLKcfWWJF
— فواصل (@fawaselmedia) August 26, 2023
وتقوم فكرة إنشاء مشروع النهر الصناعي أساسا على مواجهة ما تعاني منه المناطق الساحلية في ليبيا من نقص شديد في المياه، سواء للاستعمال الحضري أو الزراعي أو الصناعي، عبر نقل كميات هائلة من مياه المخزون الجوفي في أقصى جنوب البلاد إلى مدن الساحل.
ويستخدم النهر أنابيب خرسانية "سابقة الإجهاد" تنقل يوميا حوالي 6.4 مليون متر مكعب من المياه، من آبار جوفية تحتوي على مخزون هائل من المياه العذبة في عمق الصحارء الليبية.
مشروع النهر بالأرقام
ويتكون النهر الصناعي العظيم من 1300 بئر جوفية يفوق مجموع أعماقها أعلى قمة أفرست (يقدر ارتفاعها بـ 8848 متر)، موزعة بين جنوب شرق وجنوب غرب البلاد. وهذه حقائق ومقارنات عن المشروع.
- يبلغ طول الأنبوب الواحد 7.5 متر وقطره 4 أمتار، فيما يتراوح وزن كل انبوب ما بين 73 إلى 80 طن، و تم تصنيع ناقلات الأنابيب والروافع التي استخدمت لنقلها خصيصاً لمشروع النهر الصناعي.
- بلغت كمية الإسمنت المستخدمة في تصنيع الأنابيب نحو خمسة ملايين طن، بما يكفي لتعبيد طريق خرساني من مدينة سرت في ليبيا إلى مدينة بومباي في الهند.
- يبلغ طول أسلاك الفولاذ سابقة الإجهاد المستخدمة في تصنيع الأنابيب، ما يكفي للإلتفاف حول الكرة الارضية 280 مرة.
- تكفي كمية الركام المستخدمة في إنشاء المشروع، لإنشاء 20 هرماً بحجم هرم خوفو الأكبر.
- بلغ طول منظومة نقل الأنابيب 4 آلاف كيلومتر، منتشرة في مساحة تعادل مساحة غرب أوروبا.
ومر مشروع النهر بمجموعة من المراحل حتى وصوله إلى المرحلة الرابعة التي ما تزال قيد الانجاز، استغرقت كل واحدة منها سنوات من أجل اتمامها، وتختص كل مرحلة بمنطقة جغرافية بعينها.
وتنقل المياه الجوفية من تلك الآبار إلى الشمال عبر منظومة أنابايب يصل طولها إلى 4 آلاف كيلومتر من الجنوب الشرقي والغربي إلى الشمال لنقل 6.5 مليون متر مكعب من المياه يوميا إلى المدن الرئيسية الكبرى على الساحل مثل مدن طرابلس والزاوية ومصراتة وبنغازي وطبرق وسرت وأجدابيا.
تحديات تواجه النهر
ورغم مساهمته في حل مشكلة نقص المياه في ليبيا، يواجه النهر الصناعي عدة تحديات بعضها ناجمة عن الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، وأخرى مرتبطة بمسائل الإجهاد المائي ونقص المياه في المنطقة عموماً.
وتقع ليبيا في محيط يعاني من مشاكل الإجهاد المائي عموماً وتصنف في المرتبة 6 ضمن الدول العشر الأكثر عرضة لمخاطر الإجهاد المائي في العالم، حسب تقارير دولية أحدها أعده معهد الشرق الأوسط بواشنطن العام الماضي.
وتعرضت منظومة النهر إلى عدة إغلاقات وأعمال تخريب أثرت على تدفق مياهها على مدى السنوات التي أعقبت 2011، ويتوقع تقرير معهد الشرق الأوسط أن تؤثر حالة الصراع السياسي التي تشهدها ليبيا على أمنها المائي في السنوات المقبلة إذا استمرت عرقلة صيانة وتأمين المشروع.
المصدر: أصوات مغاربية