حتى بعد وضعه قيد الإقامة الجبرية من قبل ضباط استولوا على السلطة، الأربعاء، بعد ساعات من إعلان فوزه بولاية رئاسية ثالثة، خرج الرئيس الغابوني المعزول، علي بونغو ليخاطب "الأصدقاء حول العالم" بالتحرك ضد الانقلابين وهو يرتدي لباسا تقليديا مغربيا، وهو الرجل الذي جمعته بالمغرب علاقات "استثنائية" تعود لفترة حكم والده.
في أول ظهور... الرئيس الغابوني المحتجز يتحدث إلى الشعب بعد الانقلاب
— 🇲🇦عبد العالي الرامي (@erramiabdelali) August 30, 2023
قال رئيس الغابون المحتجز علي بونغو، من مقر إقامته، إنه يطالب العالم والأصدقاء للتحرك ضد من قاموا باعتقاله، مشيرا إلى أن ابنه محتجز في مكان ما وزوجته مفقودة. pic.twitter.com/VTL8Y9LATx
وظهر بونغو مرتديا "الجابادور" المغربي في مقطع فيديو نقلته وسائل إعلام محلية، يقول "أنا علي بونغو أونديمبا، رئيس الغابون، أبعث رسالة إلى جميع أصدقائنا في جميع أنحاء العالم، لأخبرهم أن يتحركوا، أن يسمعوا أصواتهم".
هادا علي بونغو أونديمبا، رئيس الغابون. العشق ديالو للمغرب خلاه يلبس اللباس التقليدي المغربي حتى خلال الزيارات الرسمية لدول أجنبية و اللقاء ات مع رؤساء الدول و الملوك. و اليوم، دشن في الغابون نسخة طبق الأصل لضريح محمد الخامس pic.twitter.com/uwfrkdy3EZ
— سُكَيْنَة (@Moreybah) January 31, 2021
واعتاد علي بونغو منذ انتخابه رئيسا للغابون خلفا لوالده عام 2009 الظهور في عدة مناسبات بالجلباب المغربي، كما يحرص على ارتدائه في كل مرة يحل فيها بالمغرب سواء في زيارات رسمية أو شخصية.
فما سر هذا التعلق بالمغرب؟
تعود العلاقات المغربية الغابونية إلى أوائل سبعينيات القرن الماضي أي منذ عهد أبير برنار بونغو (وصل إلى السلطة في 1967)، والد علي بونغو الذي قرر لاحقا اعتناق الإسلام وتغيير اسمه إلى عمر بونغو.
خلال السنوات الأولى لحكمه، تقوت العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وليبروفيل وصارت "استثنائية"، لدرجة أن عمر بونغو أمر شعبه بالخروج في مظاهرات شعبية مؤيدة للمسيرة الخضراء التي أطلقها الملك الراحل الحسن الثاني في نوفمبر عام 1975 لاسترجاع الصحراء الغربية من الاستعمار الإسباني.
في هذا الصدد، كتبت مجلة "دعوة الحق" التي تصدرها وزارة الشؤون الإسلامية المغربية، أن بونغو كان من بين الزعماء الذين أيدوا المسيرة والموقف المغربي من النزاع، مفيدة بأن "الرئيس الغابوني الحاج عمر بونغو صرح في ليبرفيل أن سكان العاصمة الغابونية مدعوون للقيام باستعراض جماهيري تضامنا مع المملكة المغربية في نفس اليوم الذي ستبدأ فيه المسيرة الخضراء".
وأضاف أن بعثة عن الحزب الديمقراطي الغابوني "ستتوجه قريبا إلى المغرب لتكون في طليعة المسيرة الخضراء" وأن الغابون "غير محتاج لنصائح أي أحد وأنه ينهج السياسة التي يراها صائبة وتأييده للمغرب يدخل في هذا الإطار".
"أخوة أبدية"
موازاة مع ذلك، أعجب الرئيس الغابوني بقوات الأمن المغربية وقرر إسناد مهمة تأمين أمنه الخاص لكتيبة مغربية تابعة لأمن القصور استمرت في حمايته لأزيد من 28 سنة، وفق صحيفة "الأخبار" المغربية.
إلى جانب ذلك، أمر عمر بونغو ببناء مسجد مشابه لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء في ليبروفيل مع الاحتفاظ بالاسم نفسه، بينما بعث الحسن الثاني المئات من الحرفيين لتشييده وتزيينه وفق النموذج المغربي.
انطلقت أشغال بناء المسجد عام 1978 وانتهت عام 1983، وعند تدشينه، قال الرئيس الغابوني الراحل إن "الأمر يتعدى بناء مسجد للصلاة، ويتجاوزه إلى بناء صرح أخوة بين بلدين أريد لها أن تكون أبدية، فقد كان القصد أن تبث هذه المعلمة التاريخية والروحية رسائل الحب والفضيلة والإنسانية التي ينادي بها الإسلام".
في المقابل، وخلال مختلف الزيارات الرسمية والشخصية المتبادلة بين الحسن الثاني وعمر بونغو، جمعت صداقة محمد السادس الذي كان حينها وليا للعهد بابن الرئيس علي، ونسجا هما أيضا علاقات صداقة خطفت الأضواء بعد توليهما الحكم..
حرص الرئيس الجديد منذ توليه مقالد الحكم على اختيار المغرب كأول وجهة يزورها كرئيس منتخب كما حرص على الظهور بالجلباب والجابادور المغربي في لقاءات رسمية في بلاده وخارجها.
وكان الغابون خلال فترة حكم علي بونغو التي قاربت الـ14 عاما داعما للمغرب في سياسته الخارجية، وكان ثالث دولة تعلن عن افتتاح قنصلية لها في العيون بالصحراء الغربية، بعد الكوت ديفوار وجزر القمر.
في المقابل، يعد المغرب من كبار المستثمرين في الغابون، باستثمارات تقدر بأزيد من 600 مليون دولار، وصادرات بلغت قيمتها عام 2021 حوالي 43 مليون دولار في حين تبلغ قيمة واردات الرباط من الغابون حوالي 24 مليون دولار.
وفي إحدى تدويناته على صفحته الرسمية على فيسبوك عام 2018، نشر بونغو صورتين له رفقة العاهل المغربي محمد السادس تعودان إلى فترتين زمنيتين مختلفتين، واحدة لمرحلة الشباب وأخرى خلال توليهما الحكم، وكتب "الصداقة الحقيقة هي تلك التي لا تنطوي على أسرار".
على صعيد آخر، قالت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية، إن تعلق علي بونغو بالمغرب، دفعه أيضا إلى تبني طفل من مراكش عام 2002، أطلق عليه اسم بلال، مفيدة بأن الطفل الذي كان يعيش في دار للأيتام في مراكش أصبح الآن ثالث طفل لعلي بونغو وزوجته سيلفيا بونغو.
إلى جانب ذلك، وسيرا على نهج والده، أمر علي بونغو بتشييد نسخة طبق الأصل لضريح محمد الخامس بالرباط، وأقيم على مساحة قدرت بـ6500 متر بليبروفيل، احتضن قبر والده وضم مسجدا ومتحفا مخصصا لتاريخ الجمهورية الغابونية.
"نتابع الوضع عن كثب"
🔴بلاغ: تتابع المملكة المغربية عن كثب تطور الوضع في الجمهورية الغابونية وتؤكد على أهمية الحفاظ على استقرار هذا البلد الشقيق وطمأنينة ساكنته. pic.twitter.com/WaB4dgTU1L
— الدبلوماسية المغربية 🇲🇦 (@MarocDiplo_AR) August 30, 2023
وبعد إعلان ضباط الإطاحة بنظامه، صدر بيان من الخارجية المغربية أكد فيه أن الرباط "تتابع عن كثب تطورات الوضع في الغابون" وأن المغرب "يثق في حكمة الأمة الغابونية وقواها الحية ومؤسساتها للسير قدما نحو أفق يتيح العمل من أجل المصلحة العليا للبلد".
- المصدر: أصوات مغاربية