المغنية الجزائرية وردة في حفل غنائي عام 2008 في الجزائر العاصمة (أرشيف)
الفنانة الجزائرية وردة في حفل فني عام 2008 بالجزائر العاصمة

تتداول الأوساط الفنية العربية منذ أشهر عدة مشروع تحويل قصة الفنانة الجزائرية الراحلة وردة (1939-2012) إلى مسلسل درامي على غرار أعمال سابقة عن أم كلثوم واسمهان وغيرهما.

وظهرت خلافات كثيرة بشأن مضامين الفيلم ومحدداته الفنية، وهو ما يثير بعض الشكوك بشأن اكتمال هذا المشروع. 

وليست الخلافات بشأن إرث الأيقونة الجزائرية - التي سحرت لعقود المشرق بفنها - جديدة، إذ أن ابنها، رياض قصري، يشترط الإشراف على كتابة أي سيناريو مستقبلي لتجسيد سيرة والدته في العمل الدرامي.

 الأبناء أم الفنانين.. من "المرجع"؟ 

وأثار تصريحات أدلى بها لصحيفة "الشرق الأوسط" حفيظة بعض الإعلاميين والنقاد، إذ كتب الصحافي والناقد الفني المصري، طارق الشناوي، متسائلا "ابن الفنانة البكر أشار إلى أنه لن يمانع في تقديم حياتها، على شرط أن يشرف على السيناريو،  هل يصلح الورثة للقيام بهذا الدور؟".

قبل أن يضيف "رياض يعرف مؤكداً الكثير الذي لا يعلمه أحد عن أمه، هذه حقيقة، إلا أنه أيضاً بالضرورة لا يعرف الكثير، تلك أيضاً حقيقة"، مردفا: "سنوات عديدة في حياة وردة لم يعاصرها قطعاً رياض، كما أنه عاش القسط الأكبر من حياته في الجزائر، فكيف يصبح هو المرجعية؟".

وشدد على أن "الورثة دائماً ما يتحمّسون لرؤية وجه واحد مثالي؛ بل ملائكي، لمورثهم". 

وقد ردّ نجل الفنانة موجهاً كلامه لطارق الشناوي بالقول "أتفق معك تماماً في أن تدخّل الورثة بتفاصيل السيناريو تنتج عنه شخصية ملائكية"، لكن أشار إلى أنه المرجعية "الأكثر دراية" بوالدته، وأن ما يحركه هو "الاطمئنان إلى جودة العمل وخروجه بمقاييس عالية، خصوصاً أن مسلسلات السير الذاتية عادة ما تتعرّض للنقد، ونادراً ما تنجح". 

وقال إن إرث وردة  "ليست تحت سيفه"، وإنه لن يتدخل في صلاحيات صناع العمل السينمائي "حال التوصّل إلى اتفاق واضح لإتمام المشروع الفني"، غير أنه عاد واشترط ضرورة "الوقوف على الأخطاء التاريخية الواردة" بشأن مسيرتها الحافلة بالعطاء الفني. 

إرث عابر للدول 

وتُعد قصة هذه المطربة فريدة من نوعها، فقد ولدت في فرنسا شهر يوليو 1939، ثم بزغ نجمها في مصر ، وعاشت ردحاً من الزمن في الجزائر.

 واسمها الحقيقي وردة فتوكي، سليلة أب جزائري ينحدر من ولاية سوق أهراس (شرق) وأم لبنانية من عائلة بيروتية تدعى يموت.

غنّت وردة في فرنسا حيث أدت أغاني لأم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ، ثم عادت مع والدتها إلى لبنان وقدمت أغاني خاصة بها.

 سافرت إلى مصر عام 1960 بدعوة من المنتج والمخرج حلمي رفلة، الذي قدمها في أولى بطولاتها السينمائية في فيلم "ألمظ وعبده الحامولي" ليصبح فاتحة إقامتها المؤقتة بالقاهرة.

يرى البعض أن مصر، حيث وصلت إلى العالمية، هي بيتها الأول، لأنها عاشت في البلد نحو 42 عاما، بينما قضت عقدين في فرنسا، ونحو 10 سنوات بالجزائر. 

​​اعتزلت الغناء بداية السبعينيات بعد زواجها، حتى طلبها الرئيس هواري بومدين كي تغني في عيد الاستقلال العاشر لبلدها عام 1972، بعدها عادت إلى الغناء فانفصل عنها زوجها، جمال قصيري. 

عادت إلى القاهرة، وانطلقت مسيرتها من جديد، وتزوجت الموسيقار المصري الراحل، بليغ حمدي.

تعاونت وردة مع كبار الملحنين ومنهم؛ محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي ومحمد القصبجي وفريد الأطرش ومحمد الموجي وسيد مكاوي، وحلمي بكر وصلاح الشرنوبي.

وبعد سنوات من الأمجاد الفنية، رحلت وردة في الـ 17 من ماي عام 2012، ودفنت في الجزائر.

ويقول ابنها إنها لم تطلب دفنها في هذا البلد المغاربي، قائلا في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط" إن "قرار الدفن في الجزائر كان قراري أنا وشقيقتي، لنتمكّن من زيارة قبرها والاهتمام به، وحينها وجدنا كل الدعم والمساندة من السلطات الجزائرية في نقل الجثمان بطريقة تليق بها ودفنها في مربّع الشهداء بمراسم رسمية". 

ويخشى عشاق هذه الأيقونة الفنية أن تؤدي الخلافات حول إرثها إلى تعطيل مشروع تحويل قصتها إلى مسلسل درامي يخلد ذكراها في الشاشة الصغيرة أيضا. 

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

قصيدة شويخ من ارض مكناس لأبي الحسن الششتري الاندلسي ، كتبت بالاصل في المغرب ، واشتهرت في العراق ودول الخليج بعد أن لحنها...

Posted by Ghassan Mahdy on Sunday, July 4, 2021

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

قصيدة «شويّخ من أرض مكناس»، كتبها مولانا ابي الحسن الششتري قبل 700 عام.. انتشرت بشكل كبير مؤخرا بصوت عبد المجيد عبد الله وخلقت للمغرب ولمكناس اشهارا كبيرا.. هذه القصيدة لحنها الموسيقار البحريني خالد الشيخ وأول من غناها هو الفنان الخليجي البحريني احمد الجميري سنة 1982، ثم المغنية أحلام.. لكن لا أحد يعرف كيف حصل عليها.. القصيدة كتبت بالدارجة المغربية القديمة لكنها اشتهرت كثيرا بالخليج ويحفظها الجميع..

Posted by ‎فدوى رجواني‎ on Monday, January 23, 2023

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية