جانب من مشاركة رماة تقليديين في عرض عسكري موريتاني - أرشيف
جانب من مشاركة رماة تقليديين في عرض عسكري موريتاني - أرشيف

تعتبر لعبة الرماية التقليدية "الشارة" من أهم الرياضات التراثية بموريتانيا، إذ تعرف جميع أقاليم البلاد تنظيم دورات سنوية لهذه اللعبة وسط إقبال كبير من المشاركين والجماهير، كما يحاول المهتمون بالمجال نقلها للمستوى الإقليمي.

وأعلنت السلطات بهذا البلد المغاربي قبل أسبوعين تشكيل لجنة مؤقتة لتسيير مسابقات الرماية التقليدية، في محاولة حكومية لتنظيم هذا القطاع كبير الإقبال.

وتضم تلك اللجنة ممثلين عن وزارتي الداخلية والدفاع، ويرأسها الأمين العام لوزارة الثقافة والشباب والرياضة إضافة لشخصيات مرجعية في مجال الرماية التقليدية، بهدف النظر في ملفات الفرق المشاركة في المسابقات وأماكن تنظمها.

ورغم حجم الإقبال الكبير والتعاطي الجماهيري مع هذه اللعبة التقليدية إلا أنها ظلت عاجزة عن الخروج من إطارها المحلي ومشاركة الرماية الموريتانية في مسابقات عالمية.

وتنظم البلاد بشكل سنوي مسابقة رسمية لهذه اللعبة تحمل اسم "كأس رئيس الجمهورية للرماية التقليدية" وأقيمت مطلع العام الجاري ضمن فعاليات "مهرجان مدائن التراث" وبإشراف من رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني.

"تقليد قديم وتسويق ضعيف"

كما تعاني هذه اللعبة بحسب الباحث في التاريخ الموريتاني الحسن ولد المختار، من ضعف في "الرعاية والتسويق الرسمي لها"، إذ أنها تمثل "تراثا يعبر عن تاريخ هذه المنطقة ونمطا من أنماط التسلية لهذا الشعب صمد على مر السنين".

ويضيف المختار، في حديث مع "أصوات مغاربية" أنه من الأدلة على ارتباط الموريتانيين بهذه التسلية التراثية بالرصاص الحي "تجد أن كل رام معروف له سلاح سماه اسما خاصا ويحرص على ألا يستخدمه غيره إذ أن ذلك يتنافى مع أصول اللعبة".

وأرجع المتحدث نفسه تفسير ذلك إلى التقاليد المتبعة في إمارات سبقت استقلال البلاد، مثل إمارة تكانت (شرق البلاد ووسط البلاد حاليا) التي كان للأسرة فيها "خيل خاصة كفرس الأمير بكار ولد سويد أحمد العود"، مضيفا: "حتى خناجرهم كانت لها أسماء خاصة مثل (حزاز لكروش/قاطع البطون).

"تتطلب مهارة"

وحول طبيعة هذه اللعبة يقول باب عبد الغفور عضو فريق "بولحراث" للرماية التقليدية إن هذه الرياضة باتت ذائعة الصيت بسبب "المهارة التي تتطلب والفرح والسرور الذي تدخله على الرماة والمتفرجين".

وأضاف عبد الغفور، في تصريح لـ "أصوات مغاربية" إن "عدد الفرق المشاركة في المسابقات الحالية بات يزيد في بعض الأحيان على ٧٠ فريقا وبكل فريق ٣ أعضاء لكل واحد منهم الحق في استخدام ثلاث رصاصات".

وأردف المتحدث نفسه، أن الفريق الفائز هو من يصيب أكبر عدد من "لباش" (الأهداف) التي تكون عادة على بعد مئتي متر من الرامي ويجب تدمير الهدف بشكل كامل "حتى يتم احتساب النقطة".

من جانبه أشار المختار إلى أن لعبة "الشارة" تحمل جميع ملامح الألعاب الناجحة ويمكن أن تكون لعبة إقليمية إذا قامت وزارة الثقافة بدورها في هذا الصدد، وأردف: "هناك انتشار كبير لها جنوب المغرب وشمال مالي كما أن المنطقة لها ألعاب أخرى مشابهة".

ونوه المتحدث نفسه إلى أن "الشارة ليست فقط مصدر متعة وحيازة أسلحة و ذخيرة مرخصة بالنسبة للمشاركين فيها بل لها دور اجتماعي و اقتصادي يجب أن تلعبه"، لذلك طالب من الدولة ضخ المزيد من التمويلات لها باعتبارها وسيلة لـ"التعارف بين مختلف ولايات الوطن وأداة لإنعاش المناطق المستضيفة لها اقتصاديا".

وكانت الحكومة الموريتانية قالت في العام الماضي على لسان وزير الثقافة والشباب والرياضة السابق ووزير التعليم الحالي المختار ولد داهي، إنها زادت الميزانية المخصصة لتحفيز الرماية بنسبة 50% في ميزانية 2022. 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

قصيدة شويخ من ارض مكناس لأبي الحسن الششتري الاندلسي ، كتبت بالاصل في المغرب ، واشتهرت في العراق ودول الخليج بعد أن لحنها...

Posted by Ghassan Mahdy on Sunday, July 4, 2021

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

قصيدة «شويّخ من أرض مكناس»، كتبها مولانا ابي الحسن الششتري قبل 700 عام.. انتشرت بشكل كبير مؤخرا بصوت عبد المجيد عبد الله وخلقت للمغرب ولمكناس اشهارا كبيرا.. هذه القصيدة لحنها الموسيقار البحريني خالد الشيخ وأول من غناها هو الفنان الخليجي البحريني احمد الجميري سنة 1982، ثم المغنية أحلام.. لكن لا أحد يعرف كيف حصل عليها.. القصيدة كتبت بالدارجة المغربية القديمة لكنها اشتهرت كثيرا بالخليج ويحفظها الجميع..

Posted by ‎فدوى رجواني‎ on Monday, January 23, 2023

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية