عرفت البلدان المغاربية الخمسة (ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب وموريتانيا) منذ الاستقلال في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، العديد من الكوارث الطبيعة (زلازل، فيضانات وعواصف) خلفت آلاف القتلى وأضرارا هائلة بملايير الدولارات.
ويُعيد الزلزال الذي ضرب، الأسبوع الماضي، إقليم الحوز، وسط المغرب، والإعصار الذي اجتاح سواحل ليبيا، مطلع هذا الأسبوع، إلى الأذهان ذكريات وآلام شعوب المنطقة جراء كوراث مفجعة، وفي ما يلي نبذة عنها.
الجزائر.. أمطار 2001 "المتوحشة"
شهدت الجزائر منذ الاستقلال (عام 1962) العديد من الكوارث، من الزلازل إلى الحرائق، لكن واحدة من أفظع الكوارث الحية والراسخة في الأذهان هي فيضانات باب الواد في 2001.
ففي يوم السبت المصادف الـ10 من نوفمبر من ذلك العام، استيقظ الجزائريون على وقع أمطار طوفانية جرفت الحي الشعبي "باب الواد" بالعاصمة.
كانت السيول تجرف، في طريقها من أعالي منطقة بوزريعة بالعاصمة إلى البحر، عشرات الضحايا والعديد من السيارات والشاحنات، مخلفة نحو 733 قتيل.
وتؤكد بعض التقارير أن 100 شخص فُقدوا أيضا في السيول الضخمة، التي استمرت لنحو ساعة ونصف. وقدرت الخسائر المادية لأحداث "السبت الأسود" بـ 2.5 مليار دولار.
تونس.. زوبعة صحراوية وعاصفة الأسبوعين
في خريف عام 1969، تسببت ظروف جوية غير عادية في أوروبا وشمال أفريقيا في حدوث زوبعة صحراوية هائلة تلتها أمطار طوفانية كبيرة أغرقت تونس متسببة في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
ووصفت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية حينها ما وقع بالظاهرة النادرة في الأرصاد الجوية، مشيرة إلى أن أسبابها غير معروفة.
وخلفت هذه العاصفة المطرية مقتل نحو 542 شخص، واعتبرتها نيويورك تايمز حينها بـ"الأسوأ في تاريخ تونس"، إذ أغرقت أيضا أعدادا كبيرة من الماشية، ودمرت الطرق الرئيسية وخطوط السكك الحديدية.
وبعد أسبوعين من الأمطار والفيضانات المستمرة، تكبدت تونس خسائر بنحو 40 مليون دولار، وهو مبلغ ضخم جدا في الستينات.
ليبيا.. إعصار "دانيال" الأسوأ
تُعد المحنة التي يعيشها الليبيون حالياً الأسوأ بعد الاستقلال، إذ لقي نحو 3000 شخص مصرعهم جراء الفيضانات الناجمة عن الإعصار المتوسطي "دانيال". وهناك تخمينات رسمية تضع رقم الضحايا عند 10 آلاف شخص.
وضربت العاصفة شرق البلاد بعد ظهر الأحد، خصوصا بلدات الجبل الأخضر الساحلية (شمال شرق) إلى جانب بنغازي حيث تم الإعلان عن حظر للتجول وإغلاق المدارس.
ووصف خبراء العاصفة دانيال، التي ضربت أيضا أجزاء من اليونان وتركيا وبلغاريا في الأيام الأخيرة حيث أسفرت عن سقوط 27 قتيلا على الأقل، بأنها "شديدة للغاية من حيث كميّة المياه التي تساقطت خلال 24 ساعة".
موريتانيا.. مجاعة أوائل السبعينات
عاشت منطقة الساحل بين 1960 و1980 موجات جفاف حادة تسبب في مجاعات لم تسلم منها موريتانيا.
فقد أدى جفاف أوائل السبعينات إلى نفوق 80 في المئة من الماشية بموريتانيا، كما قضى العديد من الأشخاص بسبب المجاعة.
وبحسب الباحث الأنثروبولوجي الأميركي، توماس كي بارك، فإن "حصيلة المعاناة الإنسانية كانت هائلة" في هذا البلد المغاربي، إذ أن غالبية السكان غادروا قراهم بعد أن "قلب التأثير المؤلم للجفاف إلى أنماط حياة غالبية السكان"، و "حلت المساعدات الغذائية (توزيع الحبوب المجانية، والحليب المجفف) محل الإنتاج المحلي من الغذاء إلى حد كبير".
ولا توجد أرقام دقيقة عن الضحايا الموريتانيين، لكن ذروة المجاعة في بلدان الساحل عام 1973 خلفت مصرع 100 ألف شخص.
المغرب.. هزة تدفن مدينة
خلف الزلزال، الذي ضرب أكادير (جنوب وسط المغرب) في فبراير 1960، حوالي 15 ألف قتيل، أي ما نحو ثلث ساكنة المدينة آنذاك.
بعد الاستقلال في 1956، كانت أكادير مدينة فقيرة حيث جلّ المنازل مشيّدة بالطين الحجر. وعندما ضرب الزلزال، الذي لم تجاوز قوته 5.7 على سلم ريختر، تحوّلت معظم المباني إلى غبار في ظرف وجيز، وكانت إمكانية إنقاذ الأحياء في بعض المناطق شبه مستحيلة.
وأُطلق على أكادير عندئذ لقب "المدينة الميتة"، فمثلا في منطقة تالبرجت لم ينج سوى 10 أشخاص من أصل خمسة آلاف نسمة. وعندما هرعت فرق الإنقاذ إلى المدينة، واجهتها صعوبة لوجستية في التنقل وسط الركام.
المصدر: أصوات مغاربية/ وسائل إعلام أميركية