بعض المتضررين من زلزال أكادير عام 1960
بعض المتضررين من زلزال أكادير عام 1960

قبل 63 عاما وبالتحديد في الـ29 من فبراير 1960، نجا لحسن الرصافي (83 عاما) من زلزال أكادير، الذي قُتل فيه نحو 15 ألف شخص، وخلّف دمارا هائلا جعل الناس يطلقون على أكادير  حينها "المدينة الميتة". 

لكن الزلزال الأخير، الذي حرّك أيضا هذه المدينة الساحلية جنوب البلاد، كان له وقع كبير على لحسن، إذ عادت إليه ذكريات أليمة من تلك المرحلة، وأطلقت العنان بداخله لمشاعر مدفونة منذ عقود. 

وفي مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسية، يقول هذا الثمانيني إنه عاش أهوال هزة 1960 وفقَد حينها أفرادا من عائلته، لكن ما غيّر بالفعل حياته هو الزلزال الأخير الذي ضرب بقوة، قبل أيام، أقاليم الحوز وتارودانت وشيشاوة.

ويضيف ​​"لقد ندمت دائما على عدم قدرتي على البكاء بعد زلزال أكادير"، لكن بعد الأحداث الأخيرة في نواحي مراكش "بكيت بغزارة. لست أنا من يبكي، فالدموع تسيل وتنسكب من تلقاء نفسها".

ويسترسل قائلا "لم أكن أتخيل أبدا أنني سأعيش هذه المأساة مرتين، إنه أمر مريع.. لا أستطيع أن أجمع شتات نفسي، لقد غيرتني تماما".

ورغم أن زلزال التاسع من سبتمبر الجاري لم يُخلف قتلى في أكادير، إلا أن لحسن يقول "شعرنا به بقوة…كنتُ جالسا مع زوجتي وابنتي عندما شعرنا برجّة قوية دفعتنا إلى جانب ثم ردتنا مرة أخرى. لم نتمكن من النهوض بفعل الصدمة. وعندما استجمعنا أنفسنا، ركضنا إلى الحديقة". 

حينما ضرب زلزال أكادير في الستينات كان لحسن في مطلع العشرينيات من عمره طالباً بالثانوية، ويتطلع لتجاوز محنة وفاة والده في حادث عمل واضطرار والدته لتأجير غرف بالبيت للغرباء.

ويضيف "كانت تلك الليلة هي الأطول في حياتي. تمكنت من إنقاذ والدتي وأختي، ولكن ليس طفليها الصغيرين. وفي المجمل، لقي 11 شخصا مصرعهم في منزلنا".

لاحقا، التَحق لحسن بالمدرسة الثانوية في العاصمة الرباط، وفي "كل يوم أحد، كنتُ أذهب أنا وزملائي لمشاهدة مباراة كرة قدم. كان الأمير مولاي الحسن (الحسن الثاني لاحقا) ينتظرنا ليأخذنا إلى الملعب…كان يجلس معنا على الأرض، وكان يعطينا القليل من المال، ويسألنا عن أحوالنا ويواسينا".

حقائق عن زلزال أكادير

يشار إلى أن قوة زلزال أكادير بلغت 5.8 على سلم ريختر، وهي بالمعايير العلمية الحديثة هزة متوسطة. لكن ورغم ذلك، حوّلت المدينة - التي ستصبح لاحقا ثاني أكبر مركز سياحي في المملكة بعد مراكش - إلى حطام بأضرار هائلة.

في الستينات، كانت جلّ المنازل في عموم المدينة مشيّدة بالطين والحجر. وعندما اهتزت الأرض تحوّلت معظم المباني إلى غبار في ظرف وجيز، وكانت إمكانية إنقاذ الأحياء في بعض المناطق شبه مستحيلة.

وحتى المباني الكبيرة لم تسلم من الدمار، إذ انهارت العديد من الفنادق والعمارات، ودُمرت أنظمة الصرف الصحي ومحطات الإطفاء. وأدى الزلزال أيضا إلى اشتعال الحرائق لأيام عدة بسبب قلة الإمكانيات والتجهيزات.

وتزامن الزلزال مع ارتفاع درجات الحرارة في المدينة، ما تسبب في تعفن سريع للجثث وتلوث الجو وانتشار فئران الصرف الصحي والذباب، بحسب كتاب "الكوارث الطبيعية" لكاتبه لي دايفيس.

وبالإضافة إلى آلاف القتلى، أدّى الزلزال إلى جُرح 12 ألف شخص وتشريد ما لا يقل عن 35 ألفا آخرين.

  • المصدر: أصوات مغاربية / موقع صحيفة "لوموند" الفرنسية 

مواضيع ذات صلة

يقع الميناء على بعد نحو 50 كيلومترا من مدينة طنجة

يحتفل العالم الخميس، (28 سبتمبر)، باليوم الدولي للملاحة البحرية، وهي مناسبة للتذكير بالأهمية الاقتصادية الكبيرة للبنى التحتية الضخمة، التي تسهل مهمة الشحن البحري الدولي.

ووفقاً للأمم المتحدة، فإن النقل العابر للمحيطات يحمل على عاتقه" ما يزيد عن 80 في المائة من مجمل التجارة العالمية"، وهو أيضا "أكفأ السبل وأقلها كلفة لنقل البضائع على الصعيد العالمي ذلك أنه يتيح خدمات يُعتمد عليها ومنخفضة الكلفة للنقل بين البلدان، ما ييسر التجارة ويساعد على نشر الرخاء بين الأمم والشعوب".

وفي العالم 44 دولة غير ساحلية معظمها بأفريقيا، لكن الدول المغاربية جميعاً تطل على البحار، ما يُمكنها من استغلال المحيطات لتعزيز التجارة والرفع من المبادلات الاقتصادية، وهو ما قام به المغرب منذ عام 2007 حين دشن أكبر الموانئ بالقارة الأفريقية وضمن الأفضل في العالم: "طنجة المتوسط" (Tanger-Med).

وفي ما يلي بعض مميزات الميناء الذي يفصل بين قارتين وينتشر على مساحة جغرافية شاسعة شمال البلاد.

الرؤية والافتتاح.. ثم التوسع  

منذ مطلع القرن الحالي الحادي والعشرين، شكل مشروع "طنجة المتوسط" أولوية استراتيجية للحكومة المغربية، إذ اعتُبر جزءا من السياسة الاقتصادية المغربية الساعية للاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة، خاصة مع الاتحاد الأوروبي.

ويقع الميناء على بعد نحو 50 كيلومترا شرق مدينة طنجة. 

وانطلقت أعمال البناء في المشروع في 2003، وفي عام 2007 تم تدشين ميناء طنجة المتوسط 1. بعد ذلك بنحو عامين، ثم إطلاق منصة طنجة المتوسط الصناعية، وفي 2010 أضيفت إلى هذه المشاريع ميناء مخصص للركاب، ثم في 2012 مصنع رونو وهو أكبر وحدة لإنتاج السيارات في القارة الأفريقية. 

وفي 2019، أصبح ميناء طنجة المتوسط الأكبر سعة في البحر الأبيض المتوسط، إثر إطلاق عمليات ميناء طنجة المتوسط 2. 

وفي الواقع، فإن هذا الميناء العملاق عبارة عن مجمع من ثلاثة موانئ تنتشر على مساحة تبلغ ألف هكتار، وهي: ميناء طنجة المتوسط 1، وميناء الركاب والدحرجة، وميناء طنجة المتوسط 2. 

التصنيف العالمي والاستثمارات 

صُنف الميناء ضمن أفضل 50 ميناء للحاويات عبر العالم في مؤشر مجلس الشحن العالمي (WSC)، وهو التنظيم العالمي الذي يمثل صناعة الشحن البحري الدولي.

وبناء على بيانات عام 2019، جاء "طنجة المتوسط" في المرتبة 37. ويرتبط الميناء بنحو 186 ميناء في 77 بلدا حول العالم. 

وموّلت الدولة المغربية إحدى محطات الميناء باستثمار بلغ 1.37 مليار دولار، بالإضافة إلى 1.37 مليار دولار استثمارات لشركات خاصة في الميناء الثاني. 

وتستحوذ أفريقيا على النسبة الأهم (38 بالمئة) من تعاملات الميناء، تليها أوروبا بـ27 بالمئة ثم آسيا 26 بالمئة فأميركا بـ9 بالمئة.

أرقام وعائدات ضخمة 

يضم الميناء أربع محطات لنقل الحاويات بقدرة معالجة تبلغ 9 ملايين حاوية.

وبحسب أرقام نشرها موقع "طنجة المتوسط"، ففي 2021، مرت 7.17 مليون حاوية من هذا الميناء. 

وعلاوة على ذلك، تبلغ الطاقة التصديرية السنوية للسيارات التي يتم تجهيزها للشحن والتصدير نحو مليون مركبة، وتصل الطاقة الاستيعابية لميناء الركاب 700 ألف شاحنة، ويعبره سبعة ملايين مسافر سنويا. 

وفي المجمل، يوظف الميناء 95 ألف شخص، وسجل العام الماضي رقم معاملات بقيمة 113 مليار درهم (13 مليار دولار).

وفي يناير الماضي، قالت السلطات المشرفة على الميناء إن ما يزيد عن 14 ألف سفينة رست بالمركب المينائي عام 2022، ما يعني "نموا بـ 32 مقارنة مع سنة 2021، بما فيها 961 سفينة عمالقة حجم يفوق 290 مترا".

واستعاد الميناء أيضا نشاطا كبيرا في 2022 بعد رفع القيود الصحية المرتبطة بجائحة كورونا، إذ استقبل الميناء ما مجموعه ما يزيد عن مليوني مسافر.

المصدر: أصوات مغاربية/ وكالات /موقع "ميناء طنجة المتوسط"