بعد أزيد من أسبوعين على الزلزال العنيف الذي ضرب وسط المغرب وخلف خسائر بشرية ومادية، انطلقت مؤخرا عمليات ترميم وإصلاح بعض البنايات التاريخية المتضررة وبينها جامع "خربوش" الشهير والموجود في قلب المدينة العتيقة بمراكش.
يأتي ذلك بعد أن سجلت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، في معاينتها الأولية لأضرار زلزال الحوز بمدينة مراكش التي أدرجت في عام 1985 في قائمة التراث العالمي لليونسكو، "انهيار مئذنة مسجد خربوش في ساحة جامع الفنا بالكامل تقريبا".
مأذنة جامع خربوش التي انهارت في المدينة العتيقة في #مراكش، بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة.. صورة لها بعد وقبل.. #f24 @France24_ar #زلزال_المغرب pic.twitter.com/39GP9Q5FSL
— Abdallah Malkawi (@Abdala7) September 11, 2023
وفي هذا الصدد، تداول نشطاء في منصات التواصل الاجتماعي، صورا ومقاطع فيديو تبين الأضرار التي لحقت بمسجد "خربوش" جراء الزلزال العنيف الذي ضرب إقليم الحوز وبلغت قوته 7 درجات بحسب المركز المغربي للبحث العلمي والتقني، بلإضافة إلى صور تظهر انطلاق عمليات الترميم.
#نتلاقاو_فمراكش
— Leɛyun 🇲🇦 ۞ (@5_ersito) September 24, 2023
الأشغال على قدم وساق لترميم المباني الأثرية بالدينة العتيقة بمراكش
انطلاق اشغال إصلاح واعادة ترميم صومعة #مسجد_خربوش الشهير بساحة جامع الفنا بمدينة #مراكش حيت تضررت الصومعة التاريخية وانهارت اجزاء منها خلال الزلزال الذي ضرب المنطقة. pic.twitter.com/oKF1MIUsdf
تشييده
يشتهر المسجد الذي يقع بساحة "جامع الفنا" الشهيرة في الطريق إلى مدخل المدينة القديمة من جهة "درب ضباشي" بجامع "خربوش"، إلا أن تسميته القديمة كانت جامع "القصابين أو الجزارين"، وفق ما ذكره عدد من الخبراء والباحثين.
وفي هذا الصدد، يذكر رئيس جمعية "مُنية مراكش" لإحياء تراث المغرب وصيانته، جعفر الكنسوسي، بأن "تسميته بجامع القصابين عرف بها منذ زمن الموحدين وتعني الجزارين"، موضحا أن "المكان الذي بني فيه كان حومة القصابين كما هو مذكور في المصادر الترجمية خصوصا عند ابن الزيات في كتابه التشوف إلى معرفة رجال التصوف".
ويضيف الخبير في التراث الثقافي والروحي للمدن العتيقة بالمغرب، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "كتاب "التشوف" قد حدد الفترة التي شيّد فيها المسجد وذلك قبل سنة 583 هجرية (الموافق لـ 1187 ميلادية)"، مشيرا إلى أن ذلك دليل على بنائه في عهد الموحدين.
وجاء في كتاب ابن الزيات (التشوف) في جزء بعنوان "ترجمة أبي علي 'ويسينن' ابن عبد الله البردعي الأسود"، أنه"نزل بمراكش وبها مات عام ستة وثمانين وخمسمائة (586هجرية)... سمعت محمد بن أحمد الزناتي يقول: جلست يوما بدكان أبي ويسينن مع موسى بن مسعود المعلم قبلي مسجد الجزارين"، ويقول محقق الكتاب أحمد التوفيق في تعليقه على هذا المسجد "لعله مسجد القصاصين الذي ذكره صاحب الإعلام، وحي القصابين معروف إلى اليوم بمراكش".
ويشرح الكنسوسي أن كلمة "قصاب" تعني الجزار وأن هذا المسجد كانت تحيط به دكاكين الجزارين في زمن حكم الموحدين الذي عرفت فيه المدينة التوسع نحو الجهة الشرقية من ساحة جامع الفنا، لافتا إلى أنه "قد تعاقب على مكان القصابين تواجد دكاكين الجزارين وبائعي الشواء إلى اليوم".
تسميته
وترجع تسميته بجامع "خربوش" نسبة إلى أحمد خربوش الحمري الأصل والمراكشي المسكن بحي "ديور الصابون"، والذي "كان أمينا لرحبة الحنطة وأحد المقررين لباشا مراكش التهامي الكلاوي" بحسب ما يوضح الكنسوسي.
ويتابع الكنسوسي حديثه، بأن المسجد كان بدون مئذنة في عهوده الأولى وتم تشييد صومعته في مطلع عام 1930، مشيرا إلى أن بابه الغربي المنفتح على سوق الأحذية من أبوابه القديمة التي بقيت صامدة.
وفي تقرير لها عام 2012 أوردت صحيفة "التجديد" المحلية بأن "مسجد القصابين حسب الروايات الشفوية لم تقم فيه صلاة الجمعة إلا ابتداء من سنة 1985"، مبرزة أن ما يميزه هو احتفاظه على عادة قديمة حيث يرفع المؤذن راية زرقاء في أعلى الصومعة بعد عصر كل يوم خميس ولا تبدل بأخرى بيضاء إلا قبل ساعة ونصف من آذان صلاة الجمعة، "وهي لتذكير الناس بهذه الصلاة والفريضة الكبيرة، كما تستعمل لتعويض نقص وصول صوت الآذان إلى المسامع".
- المصدر: أصوات مغاربية