يشترك المغاربيون في عادات وطقوس يحرصون على إحيائها كل عام احتفالا بذكرى المولد النبوي، حيث تقام ليالي الأمداح والابتهالات وتكثر صلة الرحم وتتعطر البيوت بالبخور وتحمل أطباق الكسكس إلى المساجد والزوايا.
وعلى خلاف بعض دول الشرق الأوسط، تبدأ بعض الدول المغاربية بالاحتفال بالمناسبة أياما قبل الذكرى وتستمر في أخرى لأسابيع، تعبيرا عن محبة وتقدير شعوب المنطقة للنبي محمد.
تعرف على عادات كل بلد مغاربي احتفالا بالمناسبة.
الجزائر
تتميز الاحتفالات بذكرى المولد النبوي في هذا البلد المغاربي بإقامة ليالي المديح وبإعداد أطباق "الشخشوشة" و"الرشتة" والكسكس وحلوى "زرير" و"الطمينة"، بالإضافة إلى طقوس وعادات أخرى مرتبطة بهذه المناسبة الدينية.
وعلى غرار بعض الدول المغاربية، تبدأ الاحتفالات بالمناسبة أسبوعا قبل حلولها، حيث تعرض الأسواق عجائن "الرشتة" التقليدية وكل الضروريات لإعداد طبق ليلة "سيدنا النبي".
وتحافظ الأسر الجزائرية على إحياء هذه المناسبة وتحرص في ليلتها على أن تكون وجبة العشاء في بيت الجد والجدة، ويسيرون أفرادا وجماعات إلى المساجد لإحياء الذكرى.
المولد في الجزائر#المولود_النبوى_الشريف pic.twitter.com/nDwQPUQWSX
— بنت دزاير 🇩🇿 (@fatimaazahra132) September 27, 2023
إلى جانب ذلك، تعد هذه المناسبة في الجزائر فرصة للتصدق على الفقراء والمساكين، وتقام الولائم الجماعية في المدن والقرى لكسر الفواق الاجتماعية وتعظيم صلة الرحم.
من مظاهر الاحتفال بالمناسبة أيضا ختان الأطفال خصوصا في المناطق الجنوبية للبلاد، كما تحيي الزوايا في هذه المناطق حلقات المديح التي تستقطب آلاف الموردين.
تونس
استقبلت مدينة القيروان التونسية (وسط) في الساعات القليلة الماضية مئات الآلاف من الزوار الذين توافدوا على المدينة لإحياء ذكرى المولد النبوي في مسجدها العتيق "عقبة بن نافع".
وتتزين المدينة أسبوعا قبل حلول المناسبة لاستقبال العشرات من الطرق الصوفية وتُسمع الأذكار والابتهالات والأدعية في مختلف أزقتها التاريخية.
وتتوقع السلطات التونسية أن تستقطب ذكرى إحياء المولد النبوي في القيروان هذا العام أزيد من مليون ونصف زائر، وتطمع أن تزيد المناسبة من إشعاع المدينة وتحويلها إلى تظاهرة عالمية.
يشترك التونسيون في إحيائهم لذكرى المولد النبوي في عادات وتقاليد مع باقي الشعوب المغاربية، ويتميزون بأخرى يعود بعضها لمئات السنين.
ومن بين تلك العادات، إعداد طبق "عصيدة الزقزقو" الذي تحول مع مرور السنوات إلى طبق رئيسي يؤثث موائد التونسيين في ليلة المولد النبوي، وتتكون هذه الأكلة من الزقوقو (ثمرة الصنوبر الحلبي) والسكر والماء والدقيق والحليب والبيض والفواكه الجافة، التي تستعمل للزينة على غرار اللوز والفستق.
إلى جانب ذلك، يختار التونسيون مناسبة المولد النبوي لإقامة حفلات الخطوبة ولإتمام إجراءات الزواج، كما تعد المناسبة فرصة لختان الأطفال ولصلة الرحم.
ليبيا
على غرار باقي الدول المغاربية، تبدأ الاحتفالات في ليبيا بذكرى المولد النبوي بـ"ليلة الموسم"، وهي الليلة التي تسبق حلول موعد الذكرى.
تتزين البيوت بالفوانيس والقناديل وتتعطر بأجود أنواع البخور، استعدادا لاستقبال الذكرى، وتستيقظ الأمهات صبيحة المناسبة لأعداد طبق العصيدة بدبس التمر.
وإلى جانب طبق العصيدة، تتزين موائد الليبيين في المناسبة بأطباق شعبية أخرى كالقصب باللحم والرشتة والبازين والكسكس، بالإضافة إلى حلويات شعبية تعد خصيصا للاحتفال بالذكرى.
وللأطفال نصيب من الاحتفالات أيضا، إذ يلبسون ملابس تقليدية جديدة وتهدى لهم "الخميسة" (عبارة عن شجرة تُصنع من بقايا الخشب وتُضاء بالشموع وتعلق فوق الشمعدان) والقناديل، ويجوبون الأزقة يطرقون أبواب الجيران للحصول على الهدايا.
وفي ليلة المناسبة، تحيي المساجد والزوايا ذكرى المولد النبوي بالأناشيد الصوفية وتتعالي فيها أصوات الذكر ومدح الرسول.
موريتانيا
يحتفل الموريتانيون بالمناسبة منذ طلوع هلال شهر ربيع الأول من كل عام، وتستمر الاحتفالات إلى غاية الثاني عشر منه، حيث يعم الفرح عموم البلاد.
وتحظى ذكرى المولد النبوي بتقدير خاص في هذا البلد المغاربي، حيث تقام الابتهالات والأمداح في المساجد والزوايا وتنظم جلسات وملتقيات ثقافية احتفاء بالمناسبة.
واعتادت المحاضر التقليدية وقف الدروس العلمية مع اقتراب المناسبة وتعويضها بجلسات لدراسة سيرة النبي محمد.
ويقبل الموريتانيون على شراء الملابس التقليدية وتجمع النسوة في جلسات الحناء استعدادا ليوم المناسبة، ويكثر الإقبال على المداحين والمنشدين الدينيين.
أما على المستوى الرسمي، اعتادت موريتانيا تنظيم مهرجان المدن القديمة وهي مناسبة تخصصها السلطات لتسليط الضوء على مساهمة أربع مدن وهي شنقيط وادان وتيشيت ولاتة في إشعاع الثقافة الإسلامية ونشرها في دول غرب أفريقيا.
المغرب
تبدأ مظاهر الاحتفال بذكرى المولد النبوي بالمغرب مع مطلع شهر ربيع الأول، حيث تعرض الأسواق الشعبية أنواعا مختلفة من المكسرات ويزداد إقبال الناس على الخياطين وعلى تجار الملابس التقليدية الجاهزة.
وتعود احتفالات المغاربة بذكرى المولد النبوي إلى القرن السابع الهجري الموافق للثالث عشر الميلادي، وفق مقال نشرته مجال زمان المغربية.
ويوم الذكرى، يتباهى المغاربة بارتداء الملابس التقليدية وتمتلئ الموائد بأنواع مختلفة الأطباق والحلويات وتتبادل العائلات الزيارات والتهاني.
وفي المساء، تتعطر المساجد والزوايا بروائح البخور استعداد لاستقبال ليالي المديح، وترسل الأسر أطباق الكسكس إليها، موازاة مع ذلك، يرأس ملك البلاد حفلا دينيا لإحياء المناسبة بمسجد حسان بالرباط.
أمير المؤمنين يترأس اليوم الأربعاء إحياء ليلة المولد النبوي الشريف بمسجد حسان بالرباطhttps://t.co/zBjd3ZADzy
— Agence MAP (@MAP_Information) September 27, 2023
SM le Roi, Amir Al-Mouminine, préside mercredi une veillée religieuse en commémoration de l’Aid Al-Mawlid Annabaouihttps://t.co/tfBPr9J8tH pic.twitter.com/rzzjdALc1N
أما في مدينة سلا، قرب العاصمة الرباط، فتكون الساكنة على موعد مع موكب الشموع، وهو تقليد سنوي يجوب شوارع وأزقة المدينة تتخلله أهازيج المديح النبوي وتشارك فيه فرق صوفية من مختلف جهات البلاد.
وقالت وسائل إعلام محلية إن الذكرى ستلغى هذا العام بسبب كارثة الزلزال التي ضربت البلاد، مع الاقتصار على إقامة ليالي المديح في مساجد وزوايا المدينة.
المصدر: أصوات مغاربية