محمد الأمين باي.. هذه قصة آخر "ملوك تونس"
"نلغي النظام الملكي إلغاء تاما ونعلن أن تونس دولة جمهورية"، جملتان مهدتا في 25 يوليو 1957 لإنهاء أزيد من قرنين ونصف من حكم العائلة الحسينية لتونس التي بدأت في العام 1705.
التحول إلى جمهورية بعد عام وبعض الأشهر فقط من حصول هذا البلد المغاربي على استقلاله (20 مارس 1956) لم يكن بشكل مفاجئ إذ سبقته العديد من المحطات التاريخية التي مهدت له.
في هذا التقرير، تستعرض لكم "أصوات مغاربية" جوانب من حياة آخر "ملوك تونس" محمد الأمين باي، كيف تلقى قرار إلغاء الملكية وبأي طريقة تمت معاملته بعد خلعه عن عرشه.
من هو محمد الأمين باي؟
تتفق المصادر التاريخية على أن محمد الأمين باي آخر بايات تونس ولد في العام 1881 وتوفي في 30 سبتمبر 1962 أي بعد سنوات قليلة من تنحيته من منصبه كملك للبلاد.
ونُصب محمد الأمين في العام 1943 بايا على تونس خلفا لشقيقه المنصف الذي كان يعرف بـ"ملك الشعب" و"باي الشعب" قبل أن يخلعه الاستعمار الفرنسي ونفيه إلى الجزائر ثم إلى مدينة "بو" الفرنسية التي توفي فيها عام 1948.
وتذهب قراءات إلى أن باي تونس الأخير لم يكن يحظى بشعبية جارفة على عكسه سلفه المنصف باي الذي اكتسبها من خلال مساندته لمطالب قادة الحركة الوطنية في التحرر من الاستعمار الفرنسي.
وفي علاقته بمطالب التحرر الوطني تقول الباحثة ليلى ذياب في مقال لها على موقع "المنتدى الثقافي" إن "محمد الأمين باي لم يساند القضية الوطنية"، لكنه "لم يكن عثرة في طريقها ومسارها التّحرري".
يوم العزل
يوم الـ25 من شهر يوليو 1957، عقد المجلس القومي التأسيسي جلسة مثلت لحظة فارقة في تاريخ هذا البلد المغاربي بتحويله من مملكة إلى جمهورية.
وسبقت هذا اليوم العديد من التواريخ المفصلية التي مهدت لإنهاء إرث أزيد من 250 عاما من حكم الدولة الحسينية، أبرزها إصدار أمر يلزم الباي بقبول الدستور الجديد للبلاد وتعيين الحبيب بورقيبة "وزيرا أكبرا" وصياغة أمر يقلص امتيازات الأسرة الحاكمة ثم إلحاق الجيش الملكي بالجيش التونسي حديث النشأة.
تذكر الدكتورة أروى العبيدي في دراسة لها على موقع "انكفاضة" " يوم إعلان الجمهورية، توجه وفد مكون من أحمد المستيري وزير العدل، وعلي البلهوان الكاتب العام للمجلس، وإدريس قيقة مدير الأمن الوطني، ووزراء آخرين إلى قصر قرطاج تحت حراسة الجيش لإعلام الباي بقرار المجلس التأسيسي".
وتضيف العبيدي "استمع الباي، الذي كان مرتديا جبة بيضاء وطربوشاً، إلى قرار إعلان الجمهورية الذي تلاه عليه السيد البلهوان وهو واقف ومحاط بأبنائه الثلاثة. كان شاحبا للغاية ولم يدل بأي تصريح حتى انسحب الوفد. وعلى إثر ذلك أبلغ مدير الأمن الوطني الحاكم المخلوع بقرار الحكومة وضعه رهن الإقامة الجبرية في أحد منازله بمنوبة(قرب العاصمة تونس)".
كيف عومل بعد الخلع ؟
أوردت مقالة منشورة على موقع مجلة "ليدرز" التونسية أنه بعد إعلامه بقرار الخلع، "نقل الباي صحبة زوجته وأولاده وبناته وصهره وولي العهد حسين إلى مقر إقامتهم الجديد وهو قصر الهاشمي الكائن بسيدي عمر على مشارف مدينة منوبة".
بدورها تذكر الباحثة ليلى ذياب أنه "بعد مغادرة القصر تمّ انتزاع أملاك العائلة بمقتضى قانون، ثمّ بدأت سلسلة المحاكمات التي شملت جل أفراد العائلة المالكة".
وجاء في الدراسة ذاتها للدكتورة أروى العبيدي أن "مصادرة الممتلكات المنقولة وغير المنقولة للعائلة الملكية جاءت مخيبة لآمال الدولة حيث لم تكن العائلة على ما يبدو تنعم بثروات طائلة في نهاية عهدها، بل تقلصت ثروتها وكانت ترزح تحت ثقل الديون".
المصدر: أصوات مغاربية/ مواقع محلية