Former Algerian president Ahmed Ben Bella and his wife Zohra Sellami arrive in Algiers from exile, on September 27, 1990 aboard the ferry Hoggar.
الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة في يوم عودته من المنفى

في مثل هذا التاريخ قبل 33 عاما عاد أحمد بن بلة، الرئيس الأول لجزائر ما بعد الاستقلال،  إلى بلاده بعد تسع سنوات قضاها في المنفى، وذلك بعد إزاحته من الحكم في عملية قادها العقيد هواري بومدين الذي تولى الحكم إلى غاية وفاته في ديسمبر 1978.

الإزاحة والمنفى

تولى بن بلة وهو الرئيس الأول لجزائر ما بعد الاستقلال، السلطة في 15 أكتوبر 1963، واستمر رئيسا للبلاد إلى غاية 19 يونيو 1965 حين نفذ العقيد هواري بومدين عملية عسكرية باسم "التصحيح الثوري" لإزاحته والتي اعتبرها البعض "انقلابا عسكريا".

وبحسب تقرير لوكالة الأنباء الجزائرية  فقد بقي بن بلة بعد ذلك "رهن الإقامة الجبرية إلى غاية يونيو 1979" إذ "تم إلزامه بعد ذلك بالإقامة في المسيلة قبل الإفراج عنه في أكتوبر 1980".

ويقول الإعلامي الجزائري الذي عايش تلك الفترة، أحمد أوكيلي إن "نقل بن بلة من الاعتقال إلى الإقامة الجبرية كان مقدمة للإفراج عنه، وكان له ذلك بمغادرته البلاد إلى منفاه الاختياري بعد أن أفرج عنه في 30 أكتوبر 1980" مشيرا إلى أنه قضى معظم فترة المنفى في مدينة لوزان السويسرية.

ظروف العودة

في مطلع تسعينات القرن الماضي كانت الجزائر "تعيش بداية مرحلة جديدة من الديموقراطية، اتسمت بالانفتاح السياسي والإعلامي الذي أقرته البلاد، بعد تعديل الدستور الذي صوت عليه الجزائريون في فبراير 1989 في سياق الإصلاحات التي جاءت على إثر أحداث 5 أكتوبر 1988، والتي أنهت 26 سنة من هيمنة الحزب الواحد" يقول أوكيلي.

ويضيف أوكيلي في حديث لـ"أصوات مغاربية" أن "البلاد كانت بحاجة إلى عودة كافة الشخصيات السياسية المتواجدة في الخارج، وطي صفحة الخلافات، خصوصا الذين كانت أحزابهم تنشط في الداخل بعد اعتماد التعددية السياسية، ومن هؤلاء بن بلة الذي كان يتزعم حزب البديل المعارض الذي أسسه عندما كان مقيما في منفاه بسويسرا".

شارك حزب البديل المعارض في الحياة السياسية بالجزائر، إلا أن بقاء زعيمه التاريخي في الخارج "لم يرق للسلطة التي رأت بأن بقاء بن بلة في منفاه لا يتلاءم والتوجه السياسي الجديد"، يقول أوكيلي مضيفا أن عودة بن بلة بعد 9 سنوات قضاها في المنفى "كانت مؤشرا قويا على حسن نوايا السلطة في ذلك الوقت".

"لحظات عاطفية"

"أخبرنا الرايس بن بلة مسبقا بتاريخ عودته المصادف ليوم 27 سبتمبر 1990، وطلب من المتواجدين في الجزائر ممن لم تصادر السلطات جوازات سفرهم السفر إلى إسبانيا قبل يومين من ذلك التاريخ لملاقاته في مدينة برشلونة التي كان سيصل إليها قادما من سويسرا، وذلك لمرافقته خلال عودته إلى الجزائر العاصمة على متن رحلة بحرية".

هكذا كانت ترتيبات عودة "الرايس" بن بلة، كما يرويها الناشط السياسي السابق في حزب البديل المعارض، الكاتب محمد سريج، الذي كان من بين المقربين لأحمد بن بلة خلال تواجده في منفاه بسويسرا.

يوضح سريج أنه لم يتمكن من السفر لملاقاة بن بلة في إسبانيا لأن السلطات سحبت جوازه في وقت سابق، ولكنه يردف "تمكنا من حشد مئات الأشخاص والسفر للعاصمة على متن حافلات للمشاركة في الاستقبال الشعبي الذي حضرناه للزعيم بن بلة".

ويصف سراج لحظة وصول بن بلة رفقة أسرته إلى ميناء الجزائر العاصمة بالقول "كانت لحظات عاطفية، إنه بن بلة الذي قاد الثورة الجزائرية، وتعرض للسجن من قبل الفرنسيين، ثم قاد البلاد، قبل أن يتعرض للسجن ثانية لكن من قبل رفاقه السابقين"، مضيفا أن بن بلة "تحدث أمام الجماهير خارج الميناء عن تطلعاته في جزائر المستقبل وعن التعددية السياسية، ثم انتقل لقضاء أول ليلة بعد عودته من المنفى، في فندق الأوراسي بالعاصمة".

ويختم المتحدث ذاته مؤكدا أن بن بلة "شارك بإيجابية في كافة المراحل التي قطعتها البلاد بعد ذلك، وكانت السلطات قد وضعت تحت تصرفه إقامة خاصة في حي حيدرة الراقي بالعاصمة".

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

قصيدة شويخ من ارض مكناس لأبي الحسن الششتري الاندلسي ، كتبت بالاصل في المغرب ، واشتهرت في العراق ودول الخليج بعد أن لحنها...

Posted by Ghassan Mahdy on Sunday, July 4, 2021

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

قصيدة «شويّخ من أرض مكناس»، كتبها مولانا ابي الحسن الششتري قبل 700 عام.. انتشرت بشكل كبير مؤخرا بصوت عبد المجيد عبد الله وخلقت للمغرب ولمكناس اشهارا كبيرا.. هذه القصيدة لحنها الموسيقار البحريني خالد الشيخ وأول من غناها هو الفنان الخليجي البحريني احمد الجميري سنة 1982، ثم المغنية أحلام.. لكن لا أحد يعرف كيف حصل عليها.. القصيدة كتبت بالدارجة المغربية القديمة لكنها اشتهرت كثيرا بالخليج ويحفظها الجميع..

Posted by ‎فدوى رجواني‎ on Monday, January 23, 2023

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية