يُعتبر الجنرال الجزائري المتقاعد حسين بن حديد، الذي توفي قبل يومين، العسكري الوحيد الذي جاهر برفضه استمرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم منذ عهدته الرابعة في 2014، كما عارض توريث السلطة لشقيقه الأصغر السعيد بوتفليقة، وهي مواقف دفع ثمنها غاليا.
الثمن ذاته سيدفعه بن حديد مرة ثانية بعد اندلاع الحراك الشعبي في فبراير عام 2019، عندما اختلف مع القائد السابق للجيش أحمد قايد صالح بسبب رسالة مفتوحة بشأن التعامل مع مطالب الشارع الجزائري. فمن يكون الجنرال بن حديد؟
بن حديد "الصغير" في الثورة
ولد حسين بن حديد العام 1944 بمدينة قسنطينة شرقي البلاد، وانضم إلى ثورة التحرير ضد الاحتلال الفرنسي في سن صغيرة جدا (16 سنة)، لذلك يحمل صفة مجاهد.
بعد استقلال الجزائر العام 1962، اختار بن حديد الاستمرار في المسار العسكري وتخصص في سلاح الدبابات، بعدما تلقى تكوينا أكاديميا في الخارج خصوصا في روسيا والولايات المتحدة الأميركية.
ترقّى بن حديد في الرتب العسكرية وكان أعلى منصب وصل إليه قيادته للناحية العسكرية الثالثة غرب البلاد، ولعب دورا كبيرا خلال التسعينيات في مكافحة ظاهرة الإرهاب بمنطقة بشار في الجنوب الغربي.
في العام 1996 استقال من الخدمة في الجيش وتقاعد وتوارى عن المشهد تماما.
بن حديد يهاجم "آل بوتفليقة"!
في العام 2015 ظهر حسين بن حديد لأول مرة في الإعلام وهو يدلي بتصريحات وصفت بالخطيرة، هاجم فيها الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، ورفض استمراره في الحكم لعهدته لبرابعة بسبب مرضه.
الأخطر من ذلك كان اتهامه شقيق بوتفليقة الأصغر سعيد بوتفليقة بالسعي إلى وراثة الحكم من شقيه، وقال إن سعيد هو الذي يحكم البلاد ووصفه بـ"المختل عقليا"!، كما دافع عن قائد المخابرات السابق الجنرال توفيق وهاجم قائد أركان الجيش حينها أحمد قايد صالح، وقال إنه ليس أهلا للمنصب الذي يشغله!
أياما قليلة بعد هذه التصريحات اعتُقل بن حديد ووجهت له تهمة إفشاء أسرار عسكرية ومكث في السجن المؤقت قرابة سنة، وكان هذا أول ثمن يدفعه، ثم أفرج عنه بسبب متاعب صحية تتعلق بإصابته بسرطان البروستاتا، ومن يومها التزم بيته.
الرسالة والسجن.. ورد الاعتبار
بعد انطلاق الحراك الشعبي في فبراير 2019 الرافض لترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، وجد بن حديد الفرصة مناسبة لتجديد موقفه الرافض لحكم بوتفليقة، فنشر رسالة في شهر مايو 2019 على صفحات يومية محلية، خاطب فيها قائد الجيش السابق أحمد قايد صالح.
في هذه الرسالة طالب بن حديد قائد الجيش السابق بضرورة الاستماع لمطالب المتظاهرين المتمثلة في رحيل النظام كله وتنظيم مرحلة انتقالية وبعدها الذهاب إلى الانتخابات، فيما كانت قيادة الجيش تصر على حل دستوري يتمثل في تنظيم انتخابات رئاسية.
تسببت هذه الرسالة في اعتقال بن حديد مرة ثانية ووُضع في السجن بتهمة إضعاف معنويات الجيش، ليدفع بذلك الثمن الثاني، قبل أن يتم الإفراج عنه في يناير 2022 وكان المرض قد أنهكه.
في الخامس يوليو 2022 بمناسبة ستينية الاستقلال، فاجأ بن حديد الرأي العام المحلي بظهوره على كرسي متحرك، في حفل بوزارة الدفاع الجزائرية وحظي بتكريم رئاسي، وهو ما اعتُبر إعادة اعتبار لأحد أبناء المؤسسة العسكرية، ومن يومها اختفى الرجل إلى أن أعلن عن رحيله الأحد الماضي عن 79 عاما.
ووجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون برقية تعزية إلى عائلته وإلى الجيش كما حضر قائد أركان الجيش ومسؤولون في المؤسسة العسكرية، في جنازة عسكرية وشعبية لجنرال وقف مع الشعب في حراكه.
المصدر: أصوات مغاربية