ظلّ موعد تفجير الثورة الجزائرية سرّا كبيرا أخفاه القادة التاريخيون الستّة عن أقرب المقربين إليهم، وكان العاشر من أكتوبر 1954 يوما حاسما قبل أيام قليلة على الإعلان عن الثورة، فماذا حدث في هذا اليوم؟
ميلاد جبهة التحرير
في مثل هذا اليوم قبل 69 عاما، اجتمع قادة الثورة التحريرية الجزائرية الستة وهم مصطفى بن بولعيد، ديدوش مراد، العربي بن مهيدي، محمد بوضياف، رابح بيطاط وكريم بلقاسم، لتقييم حصيلة عملها لثلاثة أشهر هي يوليو وأغسطس وسبتمبر.
يُطلق على هذا الاجتماع في أدبيات الثورة التحريرية بـ"اجتماع لجنة الستة"، تم فيه تقييم التحضيرات البشرية والمادية واتخذت فيه ثلاث قرارات كبيرة.
جرى الاجتماع في بيت المناضل مراد بوقشورة في منطقة "لابوانت" بالعاصمة الجزائر، ويذكر المؤرخ الجزائري الراحل يحي بوعزيز في كتابه "ثورات الجزائر في القرنين 19 و20"، أن أبرز ما تم في هذا الاجتماع هو "اتفاق لجنة الستة على اسم التنظيم الجديد، الذي يحل محل اللجنة الثورية للوحدة والعمل، واتفق الحاضرون على اسم جبهة التحرير الوطني، أي الإعلان عن ميلاد جبهة جديدة".
وستصنع جبهة التحرير الوطني التاريخ، بعد هذا الاجتماع، بتفجيرها ثورة مسلحة ضد الاحتلال الفرنسي دامت اكثر من سبع سنوات، انتهت باستقلال الجزائر بعد 132 من الاحتلال.
تقسيم البلاد
تقرر في هذا الاجتماع أيضا تقسيم البلاد إلى خمسة مناطق وعلى رأس كل منها أحد القادة الستة التاريخيين، وكان التقسيم كما يلي:
منطقة الأوراس وأسندت قيادتها لمصطفى بن بولعيد ويساعده كل من شيحاني بشير وطاهر نويشي.
منطقة الشمال القسنطيني ويقودها ديدوش مراد ونائبيه زيغود يوسف وعبد الله سعيدي محمدي.
منطقة الوسط ويقودها رابح بيطاط بمساعدة سويداني بوجمعة.
منطقة القبائل ويرأسها كريم بلقاسم ويساعده عمر أوعمران وطاهر زعموم.
منطقة الغرب ويقودها العربي بن مهيدي ونائبه رمضان بن عبد المالك.
أما العضو السادس في مجموعة القادة الستة وهو محمد بوضياف، فلم يُمنح أية مسؤولية ميدانية، وأسندت له مهمة التنسيق بين المناطق الخمس وأيضا بين الثورة في الداخل وممثليها في الخارج.
بيان أول نوفمبر
تقرر أيضا في هذا الاجتماع إعداد وثيقة توجّه للشعب الجزائري كلّه، تدعوه إلى المشاركة في الكفاح المسلح تحمل عنوان "بيان أول نوفمبر".
ويشير الباحث الجزائري عمار قليل في كتابه "ملحمة الجزائر الجديدة"، إلى أن بيان أول نوفمبر "حدد الأسباب والأهداف والوسائل والشروط للكفاح المسلح".
كان هذا الاجتماع على درجة كبيرة من الخطورة بسبب حساسية القرارات التي اتخذت فيه قبيل تفجير إحدى أكبر الثورات في القرن الحديث، لذلك أحيط بسرية كبيرة، وبعد الاجتماع افترق القادة ولقي كل مصيره بين من قُتل خلال الثورة ومن عاش بعد الاستقلال.
- المصدر: أصوات مغاربية