صورة لقصر البديع بمراكش
صورة لقصر البديع بمراكش- أرشيف

أعلنت وزارة الثقافة المغربية، الإثنين، عن إعادة افتتاح المآثر التاريخية بمدينة مراكش والتي تضررت بالزلزال الذي ضرب وسط المغرب في الثامن من شهر سبتمبر الماضي. 

وأوضحت الوزارة في بلاغ لها أنها عملت على وضع "برنامج استعجالي" لإعادة ترميم مآثر تضررت بفعل الزلزال بهدف ضمان افتتاحها تزامنا مع فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وذكر المصدر ذاته أنه تم، أول أمس الأحد، افتتاح "قصر الباهية" و"قصر البديع" و"مقابر السعديين" بشكل رسمي، مشيرا إلى أن هذه المآثر استقبلت منذ الأحد وإلى غاية مساء أمس الإثنين حوالي 6000 من الزوار المغاربة والأجانب.

وكان الزلزال الذي ضرب وسط المغرب قبل شهر، قد خلف أضرارا بعدد من المباني التاريخية المعروفة في البلاد والمدرج بعضها في قوائم التراث العالمي والإسلامي، ومن بينها معالم تاريخية بمدينة مراكش التي أدرجت عام 1985 في قائمة التراث العالمي لليونسكو.

وفي ما يلي نبذة عن المواقع التاريخية التي أعيد افتتاحها بمراكش:

قصر الباهية

يعود تاريخ بناء قصر "الباهية" إلى أواخر القرن التاسع عشر، أي في عهد الدولة العلوية وتحديدا في فترة حكم السلطان عبد العزيز، إذ أمر أحمد بن موسى الملقب بـ"باحماد" والذي كان يشغل وظيفة الحاجب والصدر الأعظم، ببنائه عام 1859. 

ترجح العديد من المصادر أن بن موسى اختار أن يسمي القصر الذي استمر بناؤه لسبع سنوات بـ"الباهية" تكريما لزوجته التي كانت تحمل اسم "باهية".

وكانت هذه المعلمة التي  تصل مساحتها الإجمالية إلى 22 ألف متر مربع مسكنا لبن موسى وعائلته، وهي تتميز بمعمارها وحدائقها ونافوراتها وساحاتها الظليلة.

استضاف قصر "الباهية" المقيم العام الفرنسي خلال فترة الحماية الفرنسية وهو حاليا متحف تاريخي وفضاء سياحي مميز.

قصر البديع

يعود تاريخ بناء قصر "البديع" إلى أواخر القرن السادس عشر من طرف السلطان أحمد المنصور الذهبي، حيث قام ببنائه احتفالا بانتصاره على البرتغاليين في معركة "وادي المخازن" الشهيرة.

جلب السلطان لبناء القصر عمالا وحرفيين من عدة بلدان بما فيها إسبانيا والبرتغال واستغرق بناؤه 16 عاما.

كان "البديع" يستقبل مختلف الاحتفالات التي كان يقيمها السلاطين السعديون وقد "حظي بشهرة واسعة قائمة إلى حد ما على الإفراط والإسراف"، وهو ما دفع لاحقا، بحسب ما ورد في مقال على موقع "الرابطة المحمدية للعلماء"، السلطان العلوي إسماعيل بن الشريف إلى اتخاذ قرار هدم البناية "التي لم يتبق منها اليوم سوى جزء من جدار السور، تبلغ سماكته مترين، وميدان مع آثار صهريجين مائيين وحدائق، وجناح من الأجنحة مع عواميده وبعض العناصر الزخرفية".

مقابر السعديين

تعتبر "مقابر السعديين" أيضا من المعالم القليلة التي ما زالت شاهدة على عهد السعديين، وبحسب مقال على موقع "الرابطة المحمدية للعلماء" شكلت هذه المعلمة في الأصل "ملحقة لمسجد القصبة، حيث كانت تقوم العائلات الحاكمة الموحدية والمرينية بدفن بعض أقربائها. ولكن المباني الحالية ترقى كلها للفترة السعدية".

شيد السلطان عبد الله الغالب عام 1557 النواة الأولى لهذه المعلمة من القبة الشرقية وهي أقدم قبة بالروضة، ليدفن فيها والده محمد الشيخ، وفي وصفها يقول المصدر ذاته "تنتظم القبة في بناية من الطراز التقليدي وتضم قاعة مربعة ذات مشكايات مزينة بالمقرنصات، وزخرفت النقوش الجصية بتذهيبات متعددة الألوان".

 

استمر السلطان أحمد المنصور الذهبي في أعمال التوسعة والتزيين في هذه المقابر حيث دفن هو ووالداه وأخوه وعدد من أفراد الأسرة.

وبعد السعديين، شيد عدد من العلويين قبورهم داخل هذا المبنى، إذ يضم حاليا 56 شاهدا جنائزيا، و100 قبر تتوزع بين القبب والبقعة الواسعة المسورة.

  • المصدر: أصوات مغاربية / موقع "visit Morocco"/موقع "الرابطة المحمدية للعلماء"

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

قصيدة شويخ من ارض مكناس لأبي الحسن الششتري الاندلسي ، كتبت بالاصل في المغرب ، واشتهرت في العراق ودول الخليج بعد أن لحنها...

Posted by Ghassan Mahdy on Sunday, July 4, 2021

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

قصيدة «شويّخ من أرض مكناس»، كتبها مولانا ابي الحسن الششتري قبل 700 عام.. انتشرت بشكل كبير مؤخرا بصوت عبد المجيد عبد الله وخلقت للمغرب ولمكناس اشهارا كبيرا.. هذه القصيدة لحنها الموسيقار البحريني خالد الشيخ وأول من غناها هو الفنان الخليجي البحريني احمد الجميري سنة 1982، ثم المغنية أحلام.. لكن لا أحد يعرف كيف حصل عليها.. القصيدة كتبت بالدارجة المغربية القديمة لكنها اشتهرت كثيرا بالخليج ويحفظها الجميع..

Posted by ‎فدوى رجواني‎ on Monday, January 23, 2023

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية