قبل 53 عاما وفي مثل هذا اليوم (18 أكتوبر 1970)، تعرّض القائد الثوري والمناضل الجزائري البارز، كريم بلقاسم، للاغتيال في ظروف غامضة بفندق في مدينة فرانكفورت الألمانية.
كان هذا الثائر البارز أحد مفجري الثورة التحريرية في 1 نوفمبر 1954، وأصبح قائدا للمنطقة الثالثة "القبائل"، وقاد العمليات العسكرية الأولى ضد المراكز والقوات الفرنسية في المنطقة، كما تولى حقائب وزارية في الحكومة المؤقتة قبل الاستقلال، وشارك في مفاوضات إيفيان.
بعد استقلال الجزائر في 5 يوليو 1962، رفض كريم بلقاسم - وهو من مواليد سنة 1922 بقرية تيزرى نعيسي بولاية تيزي وزو - الاعتراف بشرعية الحكومة التي تم تشكيلها، وكذا التوجهات السياسية التي تبنتها، فاختار صف المعارضة رفقة قياديين تاريخيين آخرين من شاكلة محمد بوضياف، حسين آيت أحمد، ومحمد خيضر.
لم يستقر به المقام طويلا في بلاده، إذ رحل للإقامة في بلدان أوروبية مختلفة، ومن هناك قام في أكتوبر 1967 بتأسيس حزب معارض يحمل اسم "الحركة الديمقراطية من أجل التجديد الجزائر".
عُرف في هذه المرحلة بمعارضته الشديدة لنظام الرئيس الأسبق هواري بومدين، وظل يطلق التصريحات المطالبة بالتغيير السياسي إلى حين عثور مصالح الأمن على جثته داخل غرفة بأحد الفنادق بمدينة فرانكفورت الألمانية سنة 1970.
رغم مرور كل هذه المدة على رحيل كريم بلقاسم، فإن وفاته أو اغتياله يبقي لغزا مطروحا في الساحة السياسية في الجزائر في ظل تضارب الاتهامات بين من يُحمل السلطة حينها مسؤولية الوقوف وراء تصفيته وبين من يبرئها من ذلك.
اغتيالات مغاربية غامضة
وبين الستينات والتسعينات، عرفت بلدان مغاربية أخرى اغتيالات مشابهة لسياسيين بارزين، أبرزهم منصور الكيخيا، الوزير الذي قال "لا" للديكتاتور الليبي السابق، معمر القذافي.
ففي 1962، يوم كانت ليبيا لا تزال تحت حكم الملك السنوسي، شغل منصور الكيخيا مناصب دبلوماسية رفيعة في جنيف والأمم المتحدة.
بعد الانقلاب على الملك، حافظ الكيخيا على موقعه في الدبلوماسية الليبية، بل وصل في أوائل السبعينات إلى أعلى الهرم الدبلوماسي الليبي حاملا حقيبة الخارجية، إلا أنه قدم استقالته في 1973 فاختار المنفى.
وفي عام 1993 وأثناء رحلة له في القاهرة لعقد ميثاق بين أطياف المعارضة الليبية، تم اختطافه أمام أحد الفنادق، وكانت تلك نهايته.
بعد الانتفاضة على القذافي، دُفن رفات الكيخيا في مدينة بنغازي في 2012، في جنازة رسمية وشعبية.
وعرفت تونس حوادث مماثلة، أشهرها اغتيال المعارض البارز، صالح بن يوسف، في 12 أغسطس 1961.
تولى صالح بن يوسف وزارة العدل وعارض سنة 1955 الاستقلال الداخلي عن فرنسا، الذي قبل به الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، وطالب باستقلال كامل، ما أدى إلى حدوث صدام بينهما.
غادر صالح بن يوسف القاهرة مع زوجته، التي كان لاجئا فيها، بعد تقارب عبد الناصر وبورقيبة، وتوجه إلى ألمانيا.
دُبرت له مكيدة في فنادق "روايال" بمدينة فرانكفورت، حيث كلّمه أحد أقاربه وطلب منه الحضور من أجل الحديث مع وسيط لترتيب لقاء صلح بينه وبين بورقيبة، وعندما ذهب تعرض للاغتيال في الفندق.
المهدي بن بركة
وتظل قضية المناضل اليساري الشهير، المهدي بن بركة، الأكثر غموضاً في المغرب، فقد اختفى فجأة في 29 أكتوبر 1965 في باريس وسط شكوك باغتياله تحت التعذيب، بين يعتقد آخرون أن القضية ما تزال مصنفة "اختفاء قسري".
عشر سنوات بعد ذلك، وتحديدا يوم 18 ديسمبر 1975، تعرّض النقابي والسياسي اليساري المغربي، عمر بن جلون، لعملية اغتيال أمام بيته بواسطة عناصر يشتبه بانتمائها إلى الشبيبة الإسلامية، لكن البعض ما يزال يشكك في دوافع اغتياله والجهات "الخفية" الضالعة في مقتله.
وكان بن جلون واحدا من أبرز الوجوه المعارضة خلال السبعينات وفي فترة شهدت توترا شديدا بين اليساريين والسلطات.
موريتانيا
وفي موريتانيا، تظل ملابسات مقتل قائد الجيش الأسبق، محمد الأمين ولد انجيان، يوم 8 يونيو 2003، غامضة إلى حد بعيد.
فقد كان العقيد ولد انجيان يتولى رئاسة الأركان العامة للجيش الموريتاني إلى غاية سنة 2003 حينما اخترقت رصاصة رأسه ولم يعرف إلى حدود الآن من قتله.
وبينما تتهم أطراف نظام الرئيس الأسبق، معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، وأطراف بالجيش في الضلوع في الاغتيال، يعتقد آخرون أنه قضى خلال محاولة انقلاب فاشلة قادها تنظيم "فرسان التغيير" بقيادة الضابط السابق، صالح ولد حننا، في يونيو 2003.
المصدر: أصوات مغاربية