التقى وزير المجاهدين وذوي الحقوق الجزائري، العيد ربيقة، هذا الإثنين بالجزائر العاصمة، عددا من أعضاء "جمعية مجاهدي فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا"، وهم قُدماء المقاومين الجزائريين، الذي نقلوا الثورة إلى فرنسا وكانوا ينشطون في عموم أوروبا.
لقاء الوزير ربيقة مع فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، جاء "بمناسبة الذكرى 62 لليوم الوطني للهجرة 17 أكتوبر 1961والدور الذي لعبته فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا بنقل الثورة لأرض العدو، وتأطير المهاجرين الجزائريين كقاعدة خلفية للثورة، لتدويل القضية الجزائرية وتحقيق النصر المبين"، وفق ما ورد في تقرير لوكالة الأنباء الجزائرية.
فمن يكون هؤلاء وما دورهم خلال ثورة التحرير الجزائرية؟
الولاية السابعة
تاريخيًّا يُطلق على هذه الفدرالية اسم "الولاية السابعة"، في إشارة إلى أنها امتداد للولايات الست داخل الجزائر، وهي مناطق قسمتها قيادة الثورة خلال "مؤتمر الصومام" تقع في الجهات الأربع للبلاد، لتنظيم العمل المسلح ضد الاحتلال الفرنسي طيلة فترة الثورة.
جرى التأسيس الفعلي للفيدرالية أشهرا قليلة بعد اندلاع الثورة في نوفمبر 1954، حيث كلفت قيادة الثورة القائد البارز في صفوفها والرئيس الأسبق للجزائر محمد بوضياف، بتأسيس تنظيم تحت اسم "فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا".
ضمت الفدرالية مناضلين ثوريين أبرزهم؛ مراد طربوش وأحمد مهساس ومحمد مشاطي ومحمد زروق وعبد الرحمان غراس وغيرهم.
كان القائد الأول للفيدرالية هو مراد طربوش، وفي ماي 1955 تشكّلت هيئة جديدة للفيدرالية قسمت فرنسا إلى مناطق وكل منطقة يشرف عليها قائد أو أكثر.
المهمة الرئيسية
تلخّصت المهمة الرئيسية لهذا التنظيم هي "نقل الثورة إلى داخل فرنسا وتعريف الرأي العام الفرنسي بها، وتجنيد العمال الجزائريين هناك في حركة التحرير وتوعية الأحزاب والقوى المتقدمة في فرنسا بالقضية الجزائرية"، وفق ما يشير إليه الباحث الجزائري أحمد صاري في بحث بعنوان "دور المهاجرين الجزائريين في الثورة التحريرية".
مرّ تأسيس الفيدرالية بأربع مراحل؛ الأولى من 1954 إلى 1955، الثانية من 1955 إلى 1956، والثالثة من 1956 إلى 1957، لكن المرحلة الأهم بدأت من 1957 إلى 1962.
في هذه المرحلة بدأت مرحلة العمليات المسلحة ضد الفرنسيين في فرنسا تأخذ منحى متصاعدا ومؤثرا، بعد تصاعد الحرب ضد الثوار في الجزائر، وترأس الفدرالية حينذاك القائد الثوري عمر بوداود.
أخطر عمليات الفدرالية
بلغ عدد عمليات الفدرالية في هذه المرحلة في فرنسا 242 هجوما، خلّفت عشرات القتلى وجرح ما لا يقل عن 188 آخرين، ومن أشهرها إحراق مخازن الوقود في مدينة مرسيليا وتخريب خط للسكك الحديدية بين مدينتي باريس ولوهافر ، وتفجير قنبلة داخل سيارة جنود فرنسيين وقطع أسلاك الهاتف وغيرها.
لكن أخطر العمليات كانت محاولة اغتيال حاكم الجزائر جاك سوستال في باريس، والتي شكّلت رسالة تهديد خطيرة إلى الحكومة الفرنسية حينها، مفادها قدرة الثورة على الوصول إلى رجال الصف الأول من السياسيين الفرنسيين، ونجحت الفدرالية بهذه العمليات في إيصال صوت الثورة إلى الرأي العام الفرنسي وأوروبا والخارج.
استهدفت عمليات الفدرالية الجيش والدرك والشرطة والمنشآت المدنية والعسكرية وقطارات الشحن وغيرها من المصالح الفرنسية، وقد فشلت السلطات الفرنسية في القضاء عليها وتحوّلت إلى سلاح فتّاك للثورة في عقر الديار الفرنسية.
كانت الفدرالية وراء تنظيم المسيرات السلمية في باريس، والتي تسببت في مجازر 17 أكتوبر 1961، التي حدثت في مثل هذا اليوم وخلفت مئات الضحايا والجرحى والمعتقلين من الجزائريين على يد القوات الفرنسية.
- المصدر: أصوات مغاربية