رحيل شريف حماني.. من يكون قُطب الأغنية الأمازيغية الملتزمة بالجزائر؟
21 أكتوبر 2023
Share on Facebook
Share on Twitter
التعليقات
نعى ناشطون ورسميون جزائريون على شبكات التواصل الفنان شريف حماني، قُطب الأغنية الملتزمة في منطقة القبائل وسط الجزائر، الذي رحل الجمعة في مستشفى بباريس عن 67 عاما، إثر مرض عضال.
وقالت وكالة الأنباء الجزائرية على موقعها الإلكتروني، إن حماني "اشتهر على الساحة الفنية الوطنية منذ الثمانينات.. وترك إرثا فنيا تستلهم منه الأجيال الصاعدة" .
وهزّ خبر رحيل حماني الساحة الفنية في الجزائر، حيث نعت وزيرة الثقافة صورية مولوجي الفنان الراحل، عبر منشور على الحساب الرسمي للوزارة في فيسبوك، وقدمت تعازيها لذويه.
ودوّن الناشط نبيل فرحي على فيسبوك، واصفا حماني بـ"الاستثنائي في فنّه"، فقال "توفي شريف حماني.. استثنائي هو تراثه الفني، ونحن نشكره بصدق على ذلك وسوف تستمر أعماله لمرافقتنا، وأتقدم بالتعازي لأسرته وأصدقائه وجميع المقربين منه".
ومن أبرز أغاني حماني "آ ثالا" وتعني المنبع، كما استلهم منه فنانون أمازيغ من منطقة القبائل الكثير من الأغاني مثل معطوب الوناس.
ووُلد حماني، الملقب بـ"دّا شريف"، في 22 ماي 1956 بمنطقة بني دوالة بولاية تيزي وزو وسط الجزائر.
كان مولعا منذ صغره بالطرب الشعبي القبائلي، حيث تأثرا بكبار فناني المنطقة من أمثال؛ سليمان عازم والشيخ الحسناوي وطالب رابح وغيرهم.
تعرّف الجمهور الجزائري على حماني أول مرة سنة 1974 وهو في 18 من العمر، من خلال برنامج إذاعي على القناة الإذاعية الثانية، يستعرض فيه الفنّانون الهواة موهبتهم في الغناء من كل مناطق البلاد.
كان على حماني ألا يبقى هاويا خصوصا وأنه عاشق كبير للفن، فدخل معهد الموسيقى بالعاصمة وتعلم الموسيقى وأصول الفن وتخصص في الطابع القبائلي.
في العام 1983 كانت الانطلاقة الفعلية لـ"دّا شريف" حيث صار يطلّ على الجمهور في المهرجانات الغنائية وعلى التلفزيون، ومن أشهر أغانيه؛ "إنتاس إ يماس" (أخبروا والدته) و"أور سقار جيغكم" (لا تقولي بأنني تركت) و"غاراناغ اد شهدن" (ستشهد علينا الدموع) و"لا تواليغ" ( إنني أرى) و"كس أوغور" ( لا تقلق ) وغيرها من الأغاني.
كانت كل أغاني شريف حماني عن الصداقة والحب والثقافة والانتماء الأمازيغي والوالدين، بألحان هادئة وصوته الرخيم.
وتعرف الجزائر، ومنطقة القبائل خصوصا، الفنان الراحل بأنه أحد أيقوناتها الكبرى فنّيّا، سافر إلى عواصم عديدة وكان سفيرا للغناء الأمازيغي.
أدّاها كاظم الساهر وآخرون.. قصة أغنية مغربية عمرها 7 قرون
26 أكتوبر 2024
Share on Facebook
Share on Twitter
التعليقات
نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.
ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.
أصل الأغنية
تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.
درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.
وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.
انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.
نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.
وتقول الأغنية:
شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس
وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي
أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس
وأشْ على النَّاسِ منِّي
أش عليّا يا صاحب
مِن جمِيع الخَلايقْ
إِفْعَل الخيرَ تنْجُو
واتبعْ أهلَ الحقائق
لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ
إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق
خُذ كلاَمِي في قُرْطاس
واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي
أشْ عَلَيَّا مِن الناس
وأشْ على النَّاسِ منِّي
ثم قول مبين
ولا يحتاج عبارة
أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ
إِفْهَمُوا ذِي الإشاره
وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي
والعصي والغَزَارَه
هكذا عِشْتُ في فاسْ
وكَذاكْ هُونْ هُونِي
أشْ عَلَيَّا مِن الناس
وأشْ على النَّاسِ منِّي
ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.
حياة جديدة بعد مئات السنين
وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.
أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.
انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.
وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.
عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.
وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.
وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.