في مساعيها لحماية الحرف المحلية التقليدية من الاندثار، تتحرك الحكومة الموريتانية عبر برامج تعريفية وطنية حول التراث الثقافي، الذي يتعرض منذ سنوات لمنافسة شديدة من تدفق المنتجات المستوردة بأسعار رخيصة.
والأربعاء، أعلن وزير التجارة والصناعة والصناعة التقليدية والسياحة، لمرابط ولد بناهي، أن حكومة بلاده تستعد لتنظيم النسخة الأولى من الأيام الوطنية للصناعة التقليدية، بهدف "الاحتفاء بالصناعة التقليدية الموريتانية وتراثها الثقافي ورفع الوعي العام بأهمية الحفاظ على تقاليدنا الحرفية لأجيال المستقبل".
وتأتي هذه المبادرة الجديدة لتسليط الضوء على أهم ملامح الصناعة التقليدية والتراث الثقافي، مثل خياطة الخيام التراثية الصحراوية، وصناعة السجاد والمنسوجات الجلدية، بالإضافة إلى الأدوات الموسيقية التي ظلت توارثتها الأجيال.
وفي ما يلي أبرز المنتجات المحلية المعرّضة، في السنوات الأخيرة، لخطر الإهمال:
الخيمة.. أيقونة الصناعة الموريتانية
صناعة الخيمة إرث محلي يتناقل عبر الأجيال، فالخيام هي السكن الأصلي للمجتمع الموريتاني البدوي. وتصنع الخيمة الصحراوية من وبر الإبل أو الماعز، كما أنها تتسم بكونها مفتوحة في كل الاتجاهات ومصممة لضروريات الحياة البرية والتنقل المستمر.
والخيمة حاضرة في التاريخ الموريتاني المعاصر، إذ أنه تختها أُعلن استقلال البلاد عام 1960، وعقدت الحكومة أول اجتماع بعد رحيل الاستعمار، كما نظمت تحت ظلالها مناسبات وطنية كبيرة وقمم عربية، آخرها القمة العربية الـ27 في 2016.
"التاسوفرة" و"الظبيه" و"إليويش"
التاسوفرة هو كيس جلدي تستخدمه العائلات لحفظ الأشياء ذات القيمة العالية، مثل الملابس والفضة، وأحيانا أدوات الشاي. وتتميز هذه النوعية من الحقائب بكونها مصنوعة من جلود الأغنام المدبوغة والمزخرفة بأنواع مختلفة من الصباغة والرسوم.
والظبيه أيضا هو نوع من الحقائب، لكنها تختلف عن التاسوفرة، إذ ليست على درجة كبيرة من الإتقان الفني، لكنها رغم ذلك تتميز بمتانة جلدها، وتستخدم لحفظ الحبوب الخاصة بالاستهلاك اليومي في فترات التنقل.
أما إليويش فهي بساط الصلاة، الذي يستخدمه الرجال، وخاصة الأعيان الكبار، ويصنع هذا النوع من السجاد الفاخر من جلد مدبوغ ومصبوغ ومزركش بأشكال فنية إسلامية، كما يضم أحيانا رموزا لـ"دفع عين الحاسدين".
وفي حين يستخدم إليويش في الغالب للصلاة، إلا أن الأغنياء يستخدمونه أيضا كبساط للراحلة أثناء ركوب الإبل.
منسوجات جلدية ومتاع البيت
ولأن الخيمة تكتسي أهمية بالغة في المجتمع الموريتاني، فإن الأثاث الخاص بتوفير وسائل الراحة مهم أيضا. وعلى سبيل المثال، يتقن الصانع الموريتاني المحلي أنواعا مختلفة من المنسوجات على غرار الحصائر التقليدية والوسائد المحشوة بالصوف والمطرزة بعناية في أطرافها الملساء لتوفير الاسترخاء.
وإضافة إلى ذلك، تُزين الخيام أيضا بالأسرة والفرو وأباريق صنع الشاي وحلي النساء و"التيزيات" (دعامات الهودج) وأنواع مختلفة من الأدوات التقليدية، التي يتخصص في صناعتها فئة المعلمين، وهم أحد مكونات المجتمع الموريتاني إلى جانب "البيظان"، و"لحْراطين" (أرقاء سابقون).
ويرى البعض أن الإرث الموريتاني التقليدي يضع مجتمع "لمعلمين" في منزلة مقدرة باعتبارهم ورثة الحرف والمهن والفنون، مثل صناعة الأواني من الخزف والنعال الجلدية والمواد المعدنية المختلفة، في حين يرى آخرون أن هؤلاء "الصناع" يعانون "نظرة دونية".
وكانت الحكومة الموريتانية بدأت مشروعا لإنشاء قرية مخصصة للصناعة التقليدية في العاصمة نواكشوط بهدف دعم هؤلاء الصناع التقليديين بمبلغ ناهز حوالي 120 مليون دولار.
أدوات الموسيقى التقليدية
ويفتخر الموريتانيون أيضا بالموروث الموسيقي التقليدي الذي يستخدم آلتين طربيتين مهددتين بالزوال وهما "آردين"، و"التدنيت".
وتُعد "آردين" آلة طربيّة خاصة بالسيدات والفنانات فقط، بخلاف آلة الرجال "التدينيت".
وتقوم الموسيقى التقليدية - والمعروفة محلياً بـ"أزوان" - على هاتين الآلتين الوتريتين، بالإضافة للطبل.
وتُصنع هذه الآلات بشكل يدوي من الجلود والأشجار المتوفرة في بيئة البلاد الصحراوية.
وفي 2017، أسست السلطات مهرجانا خاصا للاحتفاء بالأدوات الموسيقية التقليدية، وينظم بين شهري أكتوبر وديسمبر في العاصمة نواكشوط.
وفي السنوات الأخيرة، بدأت موريتانيا الترويج لهذا الإرث الثقافي في مهرجانات ومعارض سياحية دولية.
المصدر: أصوات مغاربية