شخصية بابا سالم
"بابا سالم" شخصية تراثية جزائرية تعود إلى ما قبل الوجود العثماني

"بابا سالم" شخصية من التراث الجزائري القديم تعود إلى ما قبل الوجود العثماني (١٥١٦ - 1830 ميلادي)، لكنها لا تزال تعيش إلى الوقت الحاضر.. فما قصته؟

"بابا سالم" هو رجل يجوب العاصمة والمدن الكبرى غربي البلاد مشيا، يرقص تارة تحت أنغام آلتي "القرقابو" (آلة إيقاعية) والبندير أو الدربوكة ويتلو دعوات أو يغنّي تارة أخرى، ويتلقى مقابل ذلك بعض المال من المارّة.

القرقابو.. دليل قدُوم "بابا سالم"

يطلق "بابا سالم" أهازيج في الشوارع وهو يقفز ويرقص، ويتحلّق حوله المارة والأطفال وتطل عليه النسوة من الشرفات.

يشدّ "بابا سالم" الأنظار إليه أوّلا بآلة القرقابو، التي يعزف عليها بطريقة تجلب إليها الأسماع من بعيد، فهمي آلة نحاسية يُسمع صوتها من أبعد مكان.

ويكون "بابا سالم" دوما مرفوقا بشخص يحمل البندير أو الدربوكة يضرب على إحداهما، وفي مناطق الغرب الجزائري يعزف "بابا" سالم على آلة "القمبري" الوترية التقليدية الشبيهة بالقيثارة.

رجل من أفريقيا يتحدّى الاستعمار!

تتفق الروايات الشعبية بأنّ أصل "بابا سالم" من أفريقيا جنوب الصحراء، ويعتقد الجزائريون بأّنه "درويش" جاء من تلك الدول مهاجرا نحو شمال أفريقيا بحثا عن الرزق، ثم بقي في البلاد واستطاع أن يستمر في حرفته متجاوزا الاحتلال الفرنسي، الذي حارب موروث الجزاريين.

ويرتدي "بابا سالم" طربوشا أحمر وسروالا تقليديا يقال له "سروال بودلِّيوة" لأن فيه قطعة تتدلّى حين يُلبس، وتدل ملابس هذا الرجل على أنه فقير، وهي ما تجعل الناس يشفقون عليه ويتصدقون عليه ببعض المال حسب قدرتهم.

عادة ما يغنّي هذا الشخص مدائح في شخص رسول الإسلام النبي محمّد أو أغان من التراث، ومن الأماكن التي يتردّد عليها الأعراس كما يظهر في المواسم مثل المولد النبوي، حيث يمكنه أن يحصل على قسط وافر من المال.

وتنتشر صورة قديمة لهذه الشخصية على مواقع إلكترونية جزائر، يظهر فيها "بابا سالم" جالسا وهو يخيط قبعة، كما تتناول وسائل الإعلام المحلية سيرة هذا الرجل، الذي يُدخل السرور على الجزائريين حيثما حلّ.

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

بعض قيادات الثورة الجزائرية - أرشيف
بعض قيادات الثورة الجزائرية - أرشيف

تحل اليوم الذكرى الثانية والستين لرحيل سفير الثورة الجزائرية المتنقل، فرانس فانون (1925/1961) بالعاصمة الأميركية، واشنطن، متأثرا بمضاعفات مرض سرطان الدمّ بينما كان سنه لا يتجاوز 36 عاما.

ومنذ اندلاعها في فاتح نوفمبر عام 1954 اهتمت الثورة الجزائرية بالنشاط الديبلوماسي علما أن بيان الثورة كان قد أعلن عن عدد من الأهداف الخارجية على رأسها "تدويل القضية الجزائرية". 

"دعم عربي ومغاربي"

وفي هذا الصدد، يتحدث المؤرخ الجزائري، محمد الأمين بلغيث عن أولى الخطوات التي "مهدت ليبلوماسية الثورة عن طريق الشاذلي المكي (أحد قادة التيار الاستقلالي (1913/ 1988)، الذي مثل الجزائر في دول المشرق العربي خصوصا في القاهرة"،.

وقد تجلى دور الشاذلي المكي، وفق بلغيث، عندما شارك في المؤتمر "الآفرو أسيوي" بباندونع (إندونيسيا) في أبريل 1955، حيث "كان تسجيل المؤتمر للقضية الجزائرية ضمن جدول أعماله بمثابة أول انتصار ديبلوماسي باهر للثورة".

ويرى بلغيث في حديث مع "أصوات مغاربية" أن "الجهود المشرقية والمغاربية في دعم الثورة في المحافل الدولية، ساهمت بشكل كبير في التعريف بالقضية الجزائرية"، مشيرا إلى أن عددا من الدول العربية والمغاربية "خصصت تمثيلياتها الديبلوماسية في الأمم المتحدة للتعريف بالقضية الجزائرية".

ويؤكد المتحدث أن هذا "الدعم غير المحدود ساهم في التعجيل بفتح مكتب لجبهة التحرير الوطني بنيويورك في مارس 1956، برئاسة امحمد يزيد"، مضيفا أن "الجبهة فتحت مكاتب لها في معظم الدول العربية، كما في جاكارتا ونيودلهي وكراتشي، ومكاتب إعلامية في روما وبون ولندن وجنيف، وفي بلدان أفريقية في مقدمتها العاصمة الغانية آكرا التي كان على رأس ممثليتها المناضل فرانس فانون".
 
"تدويل القضية الجزائرية"

من جانبه، يؤكد أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر، عبد القادر كرليل، أن الثورة الجزائرية "حققت نجاحات ديبلوماسية رفعت من معنويات المقاتلين، وذلك بطريقة تدريجية".

ويتابع كرليل مشيرا في السياق إلى دور الوفد الخارجي للثورة بالقاهرة الذي كان يتكون من أحمد بن بلة، حسين آيت أحمد ومحمد خيضر، والذي جدد مؤتمر الصومام (20 أغسطس 1956) الثقة فيه.

ويرى كرليل في حديث لـ"أصوات مغاربية" أن "فعالية ديبلوماسية الثورة ظهرت بشكل أكبر عقب تأسيس الحكومة الجزائرية المؤقتة في 19 سبتمبر 1958"، والتي أسندت فيها حقيبة الخارجية لمحمد الأمين دباغين (1917/ 2003)، حيث "نصبت أجهزتها الدبلوماسية في الخارج، وفتحت مكاتبها في الدول التي اعترفت بالثورة الجزائرية".

ويتطرق كرليل إلى "مساعي الديبلوماسية لتسجيل القضية الجزائرية في الأمم المتحدة منذ 1955، قبل أن يتم تبني لائحة اعترفت بحق الشعب الجزائري في تقرير المصير خلال الدورة الخامسة عشرة التي انعقدت في يوليو 1960".

ويخلص المتحدث ذاته إلى التأكيد على أهمية الدور الذي لعبته ديبلوماسية الثورة الجزائرية مشددا على أنها "جردت فرنسا من حلفائها في المحافل الدولية، وحققت انتصارات أممية بعد تدويل القضية الجزائرية".

  • المصدر: أصوات مغاربية