حنبعل
حنبعل هو أحد أهم القادة العسكريين في تاريخ الدولة القرطاجية

سيتمقص الممثل الأميركي، دينزل واشنطن، شخصية القائد العسكري القرطاجي، حنبعل، في فيلم جديد سيتم عرضه قريبا على منصة "نتفلكس".

وتدور أحداث الإنتاج السينمائي الجديد حول أهم المعارك التي خاضها حنبعل في حروبه ضد الإمبراطورية الرومانية، وفق ما كشفت عنه منصب نتفلكس على صفحتها بموقع "أكس".

وأبدت العديد من المواقع العالمية اهتماما بهذا العمل الفني الجديد الذي يثير جدلا كبيرا في الساحة التونسية على خلفيات عديدة، لعل أبرزها تخوف بعض الأطراف من إمكانية "تحريف بعض الحقائق التاريخية عن حياة القائد العسكري حنبعل".

وذكر موقع "هوليوود روبرتر" أن مهمة كتابة سيناريو الفيلم أسندت إلى جون لوغان، الحائز على ثلاث مرات على جائزة الأوسكار، والذي سبق له تأليف فيلمي "دي أفياتور" "The Aviator" و"غلادياتور" "Gladiator" لريدلي سكوت، أما الإخراج فسيكون لأنطوان فوكوا.

حنبعل.. "كابوس روما"

وحنبعل هو أحد أهم القادة العسكريين في تاريخ الدولة القرطاجية، وحقق العديد من الإنجازات في حياته، لعل أهمها قيامه بمحاصرة روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية لمدة 15 عاما وكاد يطيح بها، وفق ما تؤكده بعض المصادر التاريخية.

ولد حنبعل بمدينة قرطاج، أحد أهم المناطق السياحية حاليا في العاصمة تونس، سنة 247 قبل الميلاد، انضم في بواكير عمره إلى الجيش القرطاجي قبل أن يصبح قائدا عليه، سنة 221 قبل الميلاد، وهذا بعد مقتل زوج أخته صدربعل العادل.

وفي شهر ديسمبر من سنة  218 قبل الميلاد تمكنت جيوش الدولة القرطاجية من إلحاق هزيمة نكراء بالقوات الرومانية في معركة تريبيا فيما يعرف تاريخيا بالحرب البونيقية الثانية بين عامَي 218 و201 قبل الميلاد.

خلال هذه المرحلة استطاع حنبعل اجتياز جبال الألب حتى وصل إلى إيطاليا واحتل معظم مدنها قبل أن يقوم بمحاصرة روما لمدة 15 عاماً.

جدل في تونس..

ولم يسبق للتونسيين مشاهدة أي عمل سينمائي أو فيلم محلي يخلد سيرة هذا القائد العسكري، رغم الثقل الكبير الذي يتمتع به في تاريخ هذا البلد المغاربي، مع العلم أن نداءات عديدة تقدمت بها عدة أطراف من أجل إنجاز عمل فني حول الدور الذي لعبه في الحفاظ على الإمبراطورية القرطاجية خلال سنوات طويلة.

ردا على ذلك يقول الكاتب التونسي، محمد الناصر المولهي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، "الفيلم الذي تنوي منصة نتفلكس عرضه حول حياة القائد العسكري حنبعل والحروب التي خاضها ضد الإمبراطورية تعد سابقة بالنسبة هذا الرمز التاريخي"، مؤكدا أن "تونس لم تشهد إنجاز سوى بعض الوثائيقات والسرديات التاريخية حول بطولاته".

وأرجع المتحدث سبب ذلك إلى "نقص الإمكانيات المالية والفنية في تونس على عكس ما تتوفر عليه السينما من وسائل ضخمة تسمح لهذا الفيلم من منافسة العديد من الأعمال الفنية الأخرى".

بالمقابل أطلق بعض النشطاء التونسيين حملة على مواقع التواصل الاجتماعي انتقدوا فيها مشروع منصة "نتفلكس"، وعبر بعضهم عن مخاوفه من تهميش أو تحريف العديد من الأحداث المهمة في حياة القائد العسكري حنبعل.

وكتب الإعلامي سمير الوافي على فيسبوك "الممثل العالمي العملاق أنطوني كوين مثل دور عمر المختار  في الفيلم الشهير الذي يحمل نفس الإسم وأخرجه مصطفى العقاد رحمه الله... وأبدع كوين في التقمص والتأقلم والتجسيد حتى صار عربيا حقيقيا في الفيلم رغم ملامحه الغربية...وأتقن تقمص روح الشخصية وأدق تفاصيلها حتى وهو صامت".

الممثل العالمي العملاق أنطوني كوين مثل دور " عمر المختار " في الفيلم الشهير الذي يحمل نفس الإسم وأخرجه مصطفى العقاد رحمه...

Posted by Samir Elwafi on Wednesday, November 15, 2023

وأضاف "الفيلم كان فكرة الزعيم الراحل معمر القذافي وأنتجه بميزانية ضخمة وسخية وتابعه وحرص على تنفيذه بإتقان من السيناريو الى الشاشة...أما فيلم  حنبعل  المنتظر فهو إنتاج غربي ولا مشكلة في الممثل لأن بطله دنزل واشنطن أحد عباقرة التمثيل...ولونه لا يستحق الانزعاج والجدل، لكن المشكلة هي السيناريو المجهول!! هل سينصف تاريخ وشخصية حنبعل بدون تسييس ولا تحريف ولا توظيف !؟؟ تلك هي المسألة، أما التمثيل والتقنية والميزانية والإتقان فنحن آخر من يشكك في الصناعة السينمائية الغربية".

ومن المعلقين من اتجه إلى انتقاد أصحاب مشروع فيلم حنبعل الجديد على خلفية اختيارهم للممثل دينزل واشنطن، ذي الأصول الأفريقية، معتبرين أن "الأمر لا يتناسب مع شكل القائد حنبعل صاحب البشرة البيضاء"، حسب قولهم.

لكن الكاتب التونسي، محمد الناصر المولهي يؤكد أن "بعض التعليقات تجاوزت حدود النقد المهني وهي قريبة إلى العنصرية المرفوضة".

 وأضاف "لا أحد يمكنه أن يثبت بشكل قطعي لون بشرة القائد حنبعل، وتركيز النقاش حول هذه الجزئية  لا يرقى بالحديث عن الدور الكبير الذي لعبه الأخير في تاريخ تونس وشمال أفريقيا".

وبخصوص مسألة الأمانة التاريخية وإمكانية تعريض سيرة حنبعل، أفاد المصدر ذاته في مكالمة هاتفية مع "أصوات مغاربية"، "سرد التاريخ بجميع تفاصيله ورواياته بالشكل الصحيح هي عمل خالص يقوم به المؤرخ، أما لغة السينما فتعتمد على لغة التشويق والمؤثرات، لذا لا يجب الخلط بين الأمرين".

أما التحفظ الوحيد الذي سجله المولهي على منتجي الفيلم فهو عدم استشارتهم لبعض الأطراف التونسية والإيطالية الملمة بتاريخ القائد حنبعل وجميع الأحداث التي عايشها".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

احتجاجات وسط الجزائر العاصمة ضد الاستعمار الفرنسي - أرشيف
احتجاجات وسط الجزائر العاصمة ضد الاستعمار الفرنسي - أرشيف

في مثل هذا اليوم قبل 67 عاما (4 ديسمبر 1956) تم إعدام المقاوم الجزائري عبد القادر بومليك بالمقصلة في سجن وهران (غرب) في الوقت الذي لم يكن سنه يتجاوز ثلاثين عاما.

جاء ذلك إثر اعتقاله ومحاكمته من قبل السلطات الاستعمارية الفرنسية على إثر تنفيذه لسلسلة من العمليات العسكرية ضد الفرنسيين.

نشاط نقابي وسياسي

في حديثه عن ظروف نشأة بومليك، يقول أستاذ التاريخ بجامعة وهران، محمد بلحاج، إن الظروف الاجتماعية لمعظم الجزائريين خلال النصف الأول من القرن الماضي "كانت صعبة للغاية بسبب هيمنة المعمرين على الأراضي والثروات في البلاد". 

ونتيجة لذلك "لم يتمكن الطفل عبد القادر بومليك (1926، 1956) من متابعة دراسته بسيدي بلعباس (غرب) بعد نيله لشهادة التعليم الابتدائي"، يضيف بلحاج في حديث مع "أصوات مغاربية"، مردفا أن تلك الأوضاع "زادت من حقد بومليك على الاستعمار".

سمحت الحركية النقابية والسياسية التي شهدتها تلك الفترة لبومليك بـ"الانخراط في الكونفدرالية العامة للشغل، والتي كانت مدينة سيدي بلعباس معقلا لها"، يوضح بلحاج، مشيرا إلى أنه كان إلى جانب النضال النقابي "من أنشط مناضلي الحزب الوطني المعروف بحركة الانتصار للحريات الديموقراطية".

من جانبه، يشير الباحث في تاريخ الثورة الجزائرية، محمد بن ترار في حديث مع "أصوات مغاربية" إلى عمل بومليك في مصنع للآجر بمدينة سيدي بلعباس حيث بدأ هناك "مسارا نقابيا طويلا قبل ينتقل للنشاط السياسي عقب اندلاع الثورة". 

ويتابع بن ترار أن نشاط بومليك النقابي ثم السياسي "لفت أنظار الاستعمار الفرنسي إليه، نظرا لعمله على نشر الوعي بين عمال وشباب القطاع الوهراني لغرب الجزائر عبر توزيع المناشير المناهضة للاستعمار"، الأمر الذي أدى إلى "وضعه تحت رقابة الإدارة الفرنسية".

السجن والإعدام 

عن نشاطه في الثورة الجزائرية، يقول بن ترار إن بومليك "استهل نشاطه الثوري مع نهاية 1954 بتشكيل خلايا متخصصة في القيام بعمليات عسكرية ضد المصالح الفرنسية في سيدي بلعباس وغيرها، وتنسيق العمليات بين عدة ولايات غربية من وهران وسيدي بلعباس وسعيدة إلى تلمسان".

قصة أشهر 3 إعدامات نفذتها فرنسا في حق مقاومين جزائريين
في مثل هذا اليوم  (21 يونيو) من عام 1955 أصدرت محكمة عسكرية فرنسية حكما بالإعدام على قيادي بارز في الثورة الجزائرية هو مصطفي بولعيد. وكان ذلك الحكم بمثابة الفصل الأول في سلسلة إعدامات نفذتها فرنسا في حق وجوه أخرى في الثورة الجزائرية بينهم أحمد زبانة والعربي بن مهيدي. 

ويتابع المتحدث مشيرا إلى عددا من العمليات التي نفذها بومليك سنة 1955 والتي "استهدفت منشآت اقتصادية تابعة للفرنسيين في سيدي بلعباس وضواحيها، كما استهدفت متعاونين مع الجيش الفرنسي، بالإضافة إلى وضع قنبلة قرب منزل محافظ للشرطة الفرنسية".

ردا على تلك العمليات، يوضح بلحاج أن السلطات الاستعمارية قامت بـ"المتابعة والتحقيق والتحري، إلى أن اعتقلت بومليك يوم 24 نوفمبر 1955 في سيدي بلعباس قبل أن يتم نقله بعدها إلى السجن المدني بوهران"، حيث كان يوجد أيضا الحاج بن علا (أحد قادة الولاية الخامسة التاريخية، وهران، ورئيس البرلمان الجزائري خلال فترة حكم أحمد بن بلة).

وبحسب بلحاج فإن تلك الفترة تزامنت مع "وجود بييار لامبير حاكم القطاع الوهراني الذي كان من أشد الحاقدين على بومليك".

وهكذا، يضيف المتحدث "أصدرت المحكمة العسكرية بوهران حكما بالسجن لمدة 20 سنة نافذة بحق بومليك، بتهم عدة وباعتباره من الخارجين عن القانون بالمفهوم الاستعماري، ثم استأنفت النيابة العامة فحكم عليه بالإعدام يوم 25 ماي 1956 وتم تنفيذ الإعدام بالمقصلة في يوم 4 ديسمبر 1956 في سجن وهران".

  • المصدر: أصوات مغاربية