أحيا الناشطون الأمازيغ بالمغرب، أمس الأربعاء، الذكرى السادسة لرحيل إبراهيم أخياط، أحد أبرز مؤسسي الحركة الأمازيغية في المملكة وأحد أبرز الفاعلين الثقافيين الذين سخروا كتاباتهم وأبحاثهم دفاعا عن اللغة والثقافة الأمازيغيتين.
يلقب الراحل بـ"رائد النهضة الأمازيغية بالمغرب" وبـ"حكيم الحركة الأمازيغية"، وذلك لإسهاماته على مدار 77 عاما من حياته في خدمة المسألة الأمازيغية بالمغرب على أكثر من صعيد.
من سفوح الجبل إلى العاصمة
ولد إبراهيم أخياط عام 1941 بدوار إخياطن بأيت باها قرب أكادير، وسط المغرب، وانتقل في سن مبكرة إلى العاصمة الرباط حيث تابع دراسته من التعليم الابتدائي إلى التعليم الجامعي.
انخرط أخياط في سن مبكرة في الكشفية وارتقى فيها إلى نال رتبة قائد، كما تألق في رياضة الزوارق الشراعية وتوج بطلا للمغرب فيها عام 1967.
شكل العام نفسه، أي عام 1967 مرحلة فاصلة في حياة أخياط، فإلى جانب تتويجه بطلا للمغرب، كان ذلك العام سنة تأسيسه للجمعية المغربية لتبادل الثقافي (معروفة اختصارا بـ:لامريك) الجمعية المدنية الأولى في تاريخ المغرب التي رفعت شعار الدفاع عن الهوية الأمازيغية للبلاد.
كما عين أخياط في العام نفسه أستاذا لمادة الرياضيات والعلوم التطبيقية بمدرسة تكوين المعلمين بالقنيطرة قرب العاصمة الرباط، وموازاة مع عمله، كان أخياط يشرف بنفسه على تقديم دروس محاربة الأمية لفائدة التجار الأمازيغ بالعاصمة.
نضال على أكثر من صعيد
وفي عام 1974 أسس الراحل مجموعة "أوسمان" (تعني البرق) الأمازيغية، وهي أول مجموعة غنائية أمازيغية عصرية في تاريخ المغرب وواحدة من المجموعات التي تبنت الدفاع عن الهوية المغربية الأمازيغية في الكثير من أغانيها.
وبالعودة إلى إسهامات "لامريك" في رفع الوعي بالمسألة الأمازيغية بالمغرب، يوضح الباحث في الثقافة الأمازيغية، الحسين وعزي في كتابة "نشأة الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب"، أن نضال الجمعية مر بمراحل "اختارت التكيف مع الأيديولوجية السائدة فيما يخص اللغة والثقافة الأمازيغيتين والعمل الشكلي في إطارها للوصول إلى مواجهتها لاحقا، ويقتضي ذلك خلق تراكمات أولية في مجال تدوين الثقافة الشفوية التقليدية بجانب إنتاج الإبداعات العصرية".
في هذا الصدد، شرعت الجمعية ابتداء من 1975 في إصدار مجلتها الخاصة تحت اسم "أَرَّاتْنْ" (الكتابات) التي تعد وفق عدد من الباحثين، أول دورية أمازيغية بالمغرب، وتلا ذلك إصدار دوريات أخرى وكتب ودواوين شعرية.
كما كان الراحل أحد مؤسسي الجامعة الصيفية بأكادير عام 1979، وهو الملتقى الذي دعا في دورته عام 1980 إلى الاعتراف لأول مرة باللغة الأمازيغية وشكل بذلك أول خطوة في هذا المسار الذي توج بدسترة هذه اللغة عام 2011 لغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية.
إصدارات
كرس الراحل إبراهيم أخياط حياته للتأليف، وكانت بداية هذا المسار بديوان "تابرات" (الرسالة) عام 1992 وكتاب "لماذا الأمازيغية" عام 1994 وكتاب "رجالات العمل الأمازيغي: الراحلون منهم" عام 2004، كما أصدر عام 2007 كتاب "الأمازيغية هويتنا الوطنية" وكتاب "النهضة الأمازيغية كما عشت ميلادها وتطورها" سنة 2012 الذي تناول سيرته الذاتية في درب الدفاع عن الهوية الأمازيغية.
باغت المرض إبراهيم أخياط وأدخله الغيبوبة عام 2010 ما حال دون مشاركته الفعلية في الملتقيات الفكرية التي سبقت دسترة الأمازيغية عام 2011، لكنه ومجرد استعادة عافيته واصل النضال من أجل مغرب يتسع للجميع إلى أن وافته المنية في السابع من فبراير عام 2018.
وعنه قال الباحث يحي شوطي في مقال نشر بمجلة "معلمة" المغربية إن من أهم خصال الراحل "شخصيته العامة وعلاقاته الواسعة التي تخترق مختلف التيارات الفكرية والمجتمعية، وهي التي أهلته بلا منازع أن يوفر مساحات مهمة واسعة للقضية الأمازيغية، في سياق صعب كان الجميع ينظر بعين الريبة والتردد للأمازيغية، بدء من السلطة إلى مختلف التيارات السياسية والفكرية".
المصدر: أصوات مغاربية