تمر اليوم الأربعاء ذكرى معركة بين الجيش الفرنسي وقافلة متواضعة للمقاومين الجزائريين بجبل بشار بقيادة العقيد لطفي القائد التاريخي للولاية الخامسة (الغرب الجزائري) يوم 27 مارس 1960، أثناء عبوره الحدود الجزائرية قادما من المغرب.
من أدب المنفلوطي إلى الثورة
تأثر دغين بن علي (1934/ 1960) بالثقافة العربية ولغتها خلال دراسته الثانوية في مدينة وجدة بالمغرب "إلى درجة أنه اختار الاسم الثوري الذي عرف به (العقيد لطفي) تيمنا بالشاعر والأديب مصطفى لطفي المنفلوطي الذي كان شغوفا بكتاباته"، بحسب أستاذ التاريخ محمد بن ترار الذي أضاف أن دغين بن علي "الشاب اليافع لم تمنعه أوضاعه الاجتماعية وأسرته ميسورة الحال من الالتحاق بالثورة سنة 1955 وعمره لم يتجاوز الـ 21 سنة".
قطع لطفي مراحل عدة من التدرج في المسؤوليات قبل أن يصبح الرجل الأول في قيادة الولاية الخامسة (ناحية وهران والغرب الجزائري)، ويذكر بن ترار لـ"أصوات مغاربية" أنه تولى في البداية قيادة قسمة سبدو جنوب تلمسان، وهناك تولى تشكيل الخلايا السرية للمنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني التي يقوم أفرادها بربط الاتصال بين المواطنين والثوار".
ونتيجة لذلك ساهم لطفي في العديد من المعارك العسكرية التي تكبد فيها الجيش الفرنسي خسائر هامة سنة 1957، حسب محمد بن ترار الذي قال إن تلك النتائج "جعلت قيادة الثورة تعينه قائدا على المنطقة الثامنة بالولاية الخامسة التاريخية برتبة نقيب، ثم رائدا بمنطقة آفلو جنوب الجزائر، ثم عضوا بمجلس الولاية الخامسة في شهر ماي 1958، وعقيدا على رأس الولاية الخامسة التاريخية" .
أولوية الداخل على الخارج
أبان العقيد لطفي عن "كفاءة عسكرية جعلته يتحلى بالانضباط والصرامة، ويتفادى الميل نحو السياسة"، وفق حديث رئيس قسم التاريخ بجامعة سعيدة، عبد الرحمان قدوري، لـ"أصوات مغاربية"، لكن هذا لم يمنع لطفي من الميل نحو "نظرية أولوية الداخل على الخارج، رغم سفرياته إلى يوغسلافيا رفقة فرحات عباس بحثا عن الدعم الخارجي بالسلاح للثورة الجزائرية".
كان العقيد لطفي في كل مرة "يستعجل العودة إلي الداخل لمرافقة الجنود المقاومين في الجبال، وتأمين نقل السلاح من المغرب نحو الجزائر"، يضيف قدوري الذي أشار إلى أن العقيد لطفي "لم يتأخر مرة أخرى في العودة إلى الجزائر من الحدود الغربية بعد مشاركته في اجتماع العقداء العشرة الذي جرى في أغسطس 1959 بتونس لبحث الخلافات بين قيادات الثورة ومساعي الجنرال ديغول خنق الثورة بإقامة الأسلاك الشائكة في الحدود الجزائرية مع تونس والمغرب".
قرر العقيد لطفي الدخول للجزائر بعد عودته من اجتماع تونس الذي "لم يكن راضيا عن الخلافات التي ظهرت فيه بين القيادات الثورية"، يقول عبد الرحمان قدوري الذي أشار إلى "خطأ استراتيجي في تقدير العقيد لطفي لخطر تنقله بعدد متواضع من الثوار وأسلحة خفيفة"، فقد تمكن الفرنسيون من "رصده بجبل بشار قرب الحدود مع المغرب مستخدمين الطائرات والمدفعية في قصفه إلى أن سقط برصاص جنود الاستعمار دون استسلام مع رفاقه في مقدمتهم الرائد فراج واسمه لواج محمد (1934/ 1960) والذي كان أحد أبرز ضباط الولاية الخامسة".
المصدر: أصوات مغاربية