يعد "باب غدر" أحد الأبواب الرئيسية بالمدينة العتيقة بمحافظة الكاف شمال غربي تونس تم تشييده في العهد الحسيني (1705-1957) وشكل على امتداد تاريخه نقطة ضعف وخطر على المدينة المحصنة بالأسوار الشاهقة من جميع الاتجاهات وكان معبر الأعداء لدخول المدينة.
أسالت أسطورة هذا الباب الكثير من الحبر ونسجت حوله عديد الحكايات عن "الغدر والخيانة" والتي تناقلتها الألسن واحتفظت بها الذاكرة الشعبية في هذا البلد المغاربي.
أصل التسمية والنشأة
يقول الباحث في مجال التراث محمد التليلي إن "باب غدر" هو باب وظيفي خاص وجد بالمدينة العتيقة بالكاف التي كانت في شكل قلعة كبيرة محصنة بأسوار شاهقة وقد تم إحداث هذا الباب في العهد الحسيني في سنوات ما بعد 1746 وهو أحد الأبواب الفرعية للمدينة مثل باب السواني وباب الجبّانة (المقبرة).
وأوضح التليلي في حديث لـ"أصوات مغاربية" أن أصل تسمية " باب غدر" ارتبط بأحداث تاريخية من بينها محاولات اختراق لقلعة الكاف عبر هذا الباب الخفي الذي كان يستخدم فقط من طرف الباي وحاشيته ويمكّن من الولوج إلى خارج القلعة دون أن يتم التفطن إليهم أو رصد حركتهم.
وتابع المتحدث أن أبوابا أخرى في محافظتي سوسة وتونس وكذلك مدينة فاس المغربية تحمل اسم "باب غدر" وهي كانت بمثابة المنافذ السرية للمدن المحصنة بالأسوار.
"غدر وخيانة"
يروي التليلي أن الأحداث التاريخية التي ارتبطت بـ "باب غدر" تكشف أن هذا الباب خان الحصن والحصانة وتحول إلى نقطة ضعف لقلعة الكاف المحصنة حيث ساهم وجوده في منخفض في تسرب الأعداء إلى داخل مدينة الكاف.
وأشار المتحدث إلى أنه خلافا لما يروج في الذاكرة الشعبية بأن هذا الباب كان فتحة منسية استغلها الجيش الفرنسي لاحتلال مدينة الكاف في 1881، مؤكدا أن إنشاء المدينة تم قبل هذا التاريخ بعشرات السنين.
وتتناقل الذاكرة الشعبية في تونس اليوم "خرافة" مفادها أن في ساحة القصبة بالكاف وتحديدا قرب "باب غدر" توجد مرآة تكشف عن "الخيانة الزوجية" قد لجأ إليها المتزوجون لمقياس مدى صدق "الشريك".
معالم أثرية مهملة
وأشار التليلي إلى أن هناك العشرات من المعالم التاريخية المهملة في الكاف بينها مبان أثرية متداعية للسقوط مثل "الحصن الصغير بالقصبة" و"البازليك" و"زاوية عبد الله بومخلوف" موضحا أن بعض هذه المعالم تعرض للتخريب والنهب نتيجة "قلة الوعي المجتمعي في الجهة".
ودعا التليلي السلطات التونسية إلى العمل على ترميم المعالم الأثرية بمحافظة الكاف باعتبارها شاهدا على تلاقح الحضارات بالمنطقة، حاثا على ضرورة إدراج بعض الأماكن والمعالم فيها على لائحة التراث العالمي.
المصدر: أصوات مغاربية