تزخر تونس بالعديد من المعالم التاريخية والمواقع الأثرية والمتاحف المعروفة عالميا كمسرح الجم وجامع الزيتونة ومتحف باردو، ما يجعل هذا البلد المغاربي واحدا من بين الوجهات المفضلة للراغبين في دراسة التاريخ.
وإلى جانب هذه المعالم المعروفة، توجد العديد من المواقع الأخرى التي لا تقل قيمة لكنها لا تحظى بالاهتمام ذاته، من بينها "حنايا زغوان" التي وصفها الرحالة ابن أبي دينار بـ"أهرامات تونس"، وفقا لمقال منشور على موقع المعهد الوطني للتراث (حكومي).
إليكم بعض الحقائق والمعلومات عن "الحنايا" التي أمنت نقل المياه على مسافة عشرات الكيلومترات من مدينة زغوان إلى قرطاج:
معلم روماني
شيّد الرومان، المعلم المعروف اليوم بـ"حنايا زغوان" في الفترة ما بين 117 و138 ميلادي انطلاقا من جهة زغوان المعروفة بكثرة مياهها وينابيعها العذبة.
و"الحنايا" هي قنوات لنقل المياه من مدينة زغوان نحو قرطاج التي كانت مركز الحكم، وقد اتخذ بناء "الحنايا" أشكالا مختلفة.
تم بناء الحنايا بأمر من الإمبراطور أدريانوس لجلب المياه من زغوان إلى قرطاج، بعد أن اجتاحت البلاد 5 سنوات من الجفاف، وفق ما جاء في مقال للباحثة محبوبة اليحياوي نشرته على موقع المعهد الوطني للتراث.
وحسب المصدر ذاته فإن تشييد "الحنايا" استمر نحو 30 عاما بعد دراسة قام بها الجيش الروماني أظهرت القدرة على مواجهة الصعوبات الجغرافية والبناء في مناطق مرتفعة وأخرى منخفضة.
وتصف وزارة الشؤون الثقافية "حنايا زغوان" بأنها واحدة من "أهم الشواهد التّاريخية بهندستها المعمارية الرومانية، بنيت في عهد الإمبراطور ادريانوس. ومنها يتم إيصال المياه إلى قرطاج عبر الحنايا، إضافة إلى التدخلات التطويرية والصيانة في عهد المستنصر بالله الحفصي".
إبداع هندسي
اعتمد الرومان العديد من التقنيات الهندسية لبناء "الحنايا" فهي جسور معلقة في مواضع وقنوات مغطاة في مواقع أخرى وذلك حسب طبيعة المكان الذي تمر به.
وبهذا الخصوص، جاء في مقال منشور على موقع "بوابة تونس" "من المثير للإعجاب أن "الحنايا" تنخفض في بعض الأماكن لتلامس الأرض، خاصة عند سهول "مقرن" و"هنشير الداموس"، ثم ترتفع بنحو 20 مترا في اتجاه المحمدية وباردو ووادي الليل وصنهاجة".
وفي السياق ذاته، كتبت الباحثة محبوبة اليحياوي أن "المشروع اكتسب أهميته، من خلال قدرة من شيّده آنذاك على مواجهة الصعوبات الجغرافية والبناء في مناطق مرتفعة وأخرى منخفضة، تطلبت إقامة أقواس عالية لنقل المياه، وهو إنجاز قياسي بالنّظر إلى تلك الفترة الزمنية وللمعدات الموجودة آنذاك".
ويقدر طول الحنايا بنحو 132 كيلومترا وتشمل إلى جانب قنوات النقل أحواض تجميع في نقاط الانطلاق بزغوان وصهاريج لتخزين المياه واستغلالها عند نقاط الوصول بقرطاج.
ولحمايته قانونيا صنفت تونس "الحنايا" كمعلم تاريخي وطني كما تم تصنيفه أيضا ضمن القائمة التمهيدية للتراث العالمي لمنظمة اليونسكو.
ورغم هذه الإجراءات فإن ذلك لم يمنع العديد من أعمال التخريب التي طالت "الحنايا" في عدد من المواقع من ذلك ما جرى في منطقة المحمدية عام 2018 عندما تم هدم جزء منها بواسطة "جرافة".
- المصدر: أصوات مغاربية/ مواقع محلية