عبد الحليم رايس
الممثل الجزائري الراحل عبد الحليم رايس

يعتبر الممثل عبد الحليم رايس (1924-1979)، واحدا من أركان المسرح الجزائري قبل وبعد الاحتلال الفرنسي، إلى جانب مؤسس المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي ومصطفى كاتب وعلال المحب ومحمد توري وغيرهم، كما أنه من أبرز مؤسسي الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، التي خاضت حرب الاستقلال.

ولد عبد الحليم رايس بمدينة وهران غربي الجزائر في شتاء سنة 1924، وذلك في الوقت الذي شهد أولى إرهاصات النضال السياسي، حيث بدأت تتعالى الأصوات المنادية باستقلال البلاد من براثن الاحتلال الفرنسي.

من عامل كهرباء إلى الفنّ

بعد طفولة قاسية حُرم فيها من مواصلة الدراسة بعد المرحلة الابتدائية، مثل باقي الجزائريين، بدأ الشاب عبد الحليم رايس حياته المهنية عاملا في شركة الكهرباء إثر انتقاله إلى مدينة الجزائر العاصمة بحثا عن عمل.

قاده حبّه للفنّ إلى أن يشتغل ممثلا في الإذاعة، ثم التحق في منتصف الأربعينات بـ"الفرقة العربية للمسرح"، التي أسسها رفقة صديقه مصطفى كاتب وآخرين.

قدّم رايس في بداياته أعمالا عديدة منها؛ مسرحية "صلاح الدين الأيوبي" التاريخية، وتمثيليات بوليسية على أمواج إذاعة الجزائر الناطقة بالعربية.

يقول الموقع الإلكتروني للمسرح الوطني جزائري، إن رايس "سعى رفقة أصدقائه (من خلال المسرح) لإيقاظ الضمير السياسي لدى الشعب وتوعيته، وعمل أيضا لتحضير الثورة والدعاية لها وشرح رسالتها".

رايس الثّائر

اشتغل رايس أيضا مع مؤسس المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي مدة طويلة ناهزت 8 سنوات، وفي سنة 1956 سافر إلى فرنسا بهدف ثوري، إذ كانت ثورة التحرير (انطلقت في 1 نوفمبر 1954) قد دخلت حينها سنتها الثانية.. سيتحوّل رايس بعد هذه المحطة إلى ثائر في وجه المحتل بالمسرح والفن عموما.

في باريس اتصل بأعضاء في "فيدرالية فرنسا لجبهة التحرير"، كان هذا التنظيم ذراع الثورة في فرنسا، وهناك ساهم في "تكوين خلية نضالية عُرفت بعدها بفرقة جبهة التحرير، وكان دورها يكمن في القيام بالدعاية وجمع الأموال" لصالح الثورة، مثلما يشير إلى ذلك الموقع الإلكتروني للمسرح الوطني الجزائري.

بعد قرابة سنتين من النشاط السري لصالح الثورة في فرنسا، سافر رايس إلى تونس في مارس 1958، وهناك أسس مع رفاقه "الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني"، لتكون الذراع الفنّيّة للثورة، والتي ترأّسها مصطفى كاتب وكان عبد الحليم رايس أمينا عاما لها، وبهذه الذراع سيخوض رايس ورفاقه "حربا فنيّة" ضد المحتل عبر عواصم العالم.

قدّمت الفرقة في بدايتها مسرحيتين هامتين كتبهما رايس هما؛ "أولاد القصبة" و"الخالدون" للتعريف بالقضية الجزائرية، ليس في تونس فحسب بل في دول عديدة سافرت إليها الفرقة، كما كتب مسرحية "دم الأحرار" سنة 1961، روى فيها معاناة الثوار في الجبال وقناعتهم بالكفاح حتى التحرير.

الموت على خشبة الفن

بعد استقلال الجزائر سنة 1962 استمرّ رايس في المسرح، ثم عُين في 1968 رئيسا لمصلحة الإنتاج بالإذاعة والتلفزيون الجزائريين لكنه لم يتنازل عن الفن واستمر في الكتابة والتمثيل.

أنتج أعمالا وطنية وعالمية منها؛ "اليتيم" و"القناع الحديدي" و"الرجل الذي يضحك" و"إفريقيا قلب واحد" و"132 سنة" و"العهد"، كما برز في السينما بدوره في الفيلم الثوري الشهير "الأفيون والعصا" رفقة صديقه مصطفى كاتب، وفي أفلام أخرى بينها "سنعود" و"الشبكة" و"المفيد".

ومثلما قضى حياته ثائرا ومقاوما للاحتلال على خشبة الفن بأعمال ثورية، فلقد كانت خاتمة رايس على الخشبة ذاتها وهو يؤدي الأعمال ذاتها وفي الشهر الذي انطلقت فيه الثورة.. شهر نوفمبر.

ففي الثامن نوفمبر 1979 توفي رايس بسكتة قلبية عن 55 سنة، أثناء تصوير الفيلم الثوري "السِّيلان" (السِّلك)، ويروي قصة أسلاك شائكة مكهربة أقامها المحتل لفصل الجزائر عن تونس والمغرب بهدف منع وصول السلاح إلى الثوار من الخارج، ومعاناة وبطولة المقاومين الجزائريين من أجل إدخال السلاح، أين يموت بعضهم صعقا بالكهرباء ويقضي آخرون بالألغام المزروعة هناك فيما ينجح آخرون في العبور بالسلاح.

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

منطقة سياحية بالجنوب الجزائري
تسجل صحراء الجزائر درجات حرارة قياسية

شهدت صحراء الجزائر الكبرى، في الأسابيع الماضية، حدثا طبيعيا نادرا تجلى في ظهور بحيرة جديدة بعد سيول وزخات مطرية عرفتها أجزاء واسعة من شمال إفريقيا في سبتمبر.

يتعلق الأمر، وفق ما نشره موقع "جيزمودو" المتخصص في أخبار الاكتشافات العلمية، الإثنين، بـ"سبخة المالح"، والمعروفة أيضًا باسم سبخة الملة، وهي بحيرة ملحية في ولاية بشار، جنوب غرب الجزائر، تعاني جفافا على طول العام، وتسجل درجات حرارة تعد الأشد في العالم.

وبحسب الموقع، تقدم بحيرة "سبخة المالح" تقدم فرصة للباحثين لدراسة ما كانت عليه الصحراء الكبرى قبل آلاف السنين، عندما كانت أكثر رطوبة من اليوم، وإن لم تكن غابة مطيرة. فوفقًا لمؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية،  عادة ما تتلقى الصحاري  أقل من أربع بوصات من الأمطار سنويًا، مما يشير إلى أهمية مثل هذه البحيرات العابرة في الحياة في أكبر صحراء غير قطبية في العالم.

وتظهر صور بالأقمار الصناعية الفروق في البحيرة خلال شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين، بين شكلها القاحل قبل الأمطار الأخيرة وظهورها بعدها بلون أخضر داكن نتيجة تراكم المياه.

من غابة لصحراء

يثير الموقع إلى أنه بين 11 ألفا و5 آلاف سنة مضت، أدى تغير في مدار الأرض إلى تحول الصحراء المغاربية الكبرى إلى بيئة أكثر خصوبة مما هي عليه اليوم، وهو ما يعرف بالفترة الرطبة الإفريقية. 

خلال تلك الفترة، رسم البشر القدماء مشاهد للحيوانات والصيد في الكهوف وعلى الصخور في مناطق أصبحت الآن جافة، مثل مصر، تشاد، والسودان. وكان مستوى البحيرات في شمال إفريقيا أعلى بكثير مما هو عليه اليوم، وكانت المنطقة أكثر خضرة.

ومع ذلك، يجادل بعض الجيولوجيين بأن الظروف المناخية خلال تلك الفترة لم تكن قادرة على توليد ما يكفي من الأمطار لملء العدد الكبير من البحيرات التي يُعتقد أنها كانت موجودة في الصحراء الكبرى. وفقًا لأرمان، فإن هناك خيارًا ثالثًا يتمثل في أن أحداث الأمطار القصوى، مثل تلك التي وقعت في سبتمبر في شمال غرب الصحراء، قد تكون كانت أكثر شيوعًا في الماضي. 

ونظرًا للوقت الذي تستغرقه البحيرات في الجفاف، فإن هذه الأحداث قد تكون كافية للحفاظ على البحيرات ممتلئة جزئيًا لفترات طويلة، ربما لسنوات أو عقود، دون الحاجة إلى هطول أمطار مستمرة.

ويؤكد موقع "جيزمودو" أن "سبخة الملاح" قد تظل ممتلئة لسنوات، مستشهدا بواقعة طبيعية سابقة. فعندما امتلأ قاع البحيرة المالح في عام 2008، لوحظ أن ماءها لم يتخبر تمامًا حتى عام 2012، وفقًا لتقرير صادر عن مرصد الأرض التابع لناسا. 

وهنا يقول الباحث موشيه أرمان من الجامعة العبرية في القدس "إذا لم نشهد أي أحداث مطرية أخرى، فإن البحيرة قد تستغرق حوالي عام لتتبخر تمامًا".