في مثل هذا اليوم من أبريل عام 1980، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" نداء إنقاذ مدينة فاس المغربية التي تحمل إرثا تاريخيا ذا بعد ثقافي وعمراني يعود لما قبل 12 قرنا.
ويأتي هذا النداء بعد أن أصبحت المدينة مهددة في مآثرها وشواهدها التاريخية بسبب وطأة السنين والضغط السكاني، وبعد أربع سنوات على إعلان "اليونسكو" مدينة فاس "كنزا ثقافيا للإنسانية" وعيا منها بالمخاطر المحدقة بتراثها.
وجاء نداء إنقاذ فاس على يد مدير "اليونسكو" سابقا السينغالي أمادو مختار مبو، الذي ذكر وفق ما نقلته وكالة الأنباء المغربية أنه "بمناسبة انعقاد العديد من الاجتماعات مع الملك الحسن الثاني، طلب منه إطلاق نداء دولي للحفاظ على فاس".
وتبعا لذلك، ذكرت مجلة "دعوة الحق" التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، أن "فاس كانت نموذج المدينة الإسلامية في مهرجان العالم الإسلامي الذي عقد في لندن في منتصف السبعينات"، موضحة أن منظمة "اليونسكو" قررت إنقاذها كجزء من التراث الإنساني ورصدت من أجل ذلك 20 مليار دولار.
واعتبر المصدر ذاته، أن "انبثاق فكرة النداء العالمي لإنقاذ مآثر مدينة فاس كان مؤشرا إلى ابناء الوطن العربي قبل غيرهم كشركاء في ذلك التراث للإسهام كل حسب طاقته في ذلك الواجب القومي".
وبعد نداء التضامن الدولي الذي أطلقه المختار مبو من أجل إنقاذ التراث الثقافي والمعماري العريق لمدينة فاس، تم تصنيفها عام 1981 من قبل "اليونسكو" ضمن التراث العالمي الإنساني.
وتقول منظمة "اليونسكو" عبر موقعها الرسمي، إن مدينة فاس "عرفت عصرها الذهبي في القرنين الثالث عشر والرابع عشر تحت حكم المرينيين عندما أصبحت عاصمة المملكة بدلا من مراكش"، لافتة إلى أنه رغم تقل مركز العاصمة إلى الرباط عام 1912 حافظت فاس على موقعها كعاصمة ثقافية وروحية للبلاد.
وبحسب معطيات نشرتها وكالة الأنباء المغربية، تحتضن مدينة فاس 9 آلاف منزل تاريخي و43 مدرسة قرآنية، و83 ضريحا، و176 مسجدا، و1200 ورشة حرفية للصناعة التقليدية، بالإضافة إلى جامعة القرويين التي أسستها فاطمة الفهرية عام 859 ميلادية لتكون أقدم جامعة في العالم.
وهذه بعض المعلومات التاريخية عن هذه المدينة وفق ما جاء في كتاب "مدينة فاس في عصري المرابطين والموحدين" لصاحبه جمال أحمد طه.
بداية التأسيس
بعد هزيمة العلويين في موقعة الفخ، تمكن إدريس الأول من الفرار إلى المغرب، فاجتمعت عليه قبائل الأمازيغ وبايعته على الحكم، لكنه سرعان ما توفي بمدينة وليلي تاركا زوجته كنزة الأمازيغية وهي حامل.
وضعت كنزة مولودها بعد شهرين من وفاة المولى إدريس الأول، سهرت على تربيته هي وإخوتها إلى أن بلغ إدريس الثاني 12 سنة حيث بايعته قبائل الأمازيغ وتوافد عليه الناس من سائر البلدان بأفريقيا والأندلس.
تزايد الأنصار حول إدريس الثاني جعله يفكر في بناء مدينة أخرى غير وليلي، وهي الفكرة التي سرعان ما تحققت ببناء قلعة كبيرة بأسوار عالية تخترقها أبواب ووسطها سوق وقصر.
جامع القرويين
في سنة 857 ميلادية، أسست فاطمة الفهرية جامع القرويين بالضفة اليسرى لوادي فاس.
سخرت فاطمة الفهرية جميع ما تملك من ميراث لتأسيس جامع القرويين وكانت مصرة على أن يتم بناؤه وفق مواصفات بعينها فكانت كل يوم تتبع عمليات البناء من خلال المكلفين بتشييد الجامعة.
وتنحدر فاطمة الفهرية من ذرية عقبة بن نافع مؤسس مدينة القيروان، حيث ولدت فاطمة، وقد نزحت وهي صغيرة مع أهلها من مدينة القيروان إلى المغرب وبالضبط في فاس
أول ملاح
في القرن 13 ميلادي ومع وصول المرينيين إلى الحكم بالمغرب بنوا عاصمتهم في فاس الجديدة وتركوا فاس القديمة.
صور من حي الملاح بفاس سنة 1930م حيث يتجسد التعايش بين المسلمين واليهود المغاربة.#الصحراء_الشرقية_المغربية pic.twitter.com/P9wceYsJoy
— ۞FAYZA🇲🇦🇲🇦🐦۞ (@fayza2024_) April 26, 2023
قسم المرينيون الحي الجديد بفاس إلى 3 أحياء، حي يضم قصور الأمراء المرينيين وحي خاص بالعائلات المهاجرة من الأندلس وحي لليهود وأطلقوا عليه الملاح لكون المكان الذي بني فيه كان سوقا للملح.
- المصدر: أصوات مغاربية