Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

عز الدين مجوبي
الممثل المسرحي الجزائري الراحل عز الدين مجوبي

إذا كان رجال الجيش والشرطة والأسلاك الأمنية بالجزائر قد واجهوا المتشددين المسلحين بالسلاح خلال ما عرف بـ"العشرية السوداء" في التسعينيات، فإن رجال الفن واجهوهم بالمسرح والسينما ودفعوا الثمن بأرواحهم.

ومن هؤلاء الممثل والمدير السابق للمسرح الوطني الجزائري عز الدين مجوبي (1945-1995)، وقد دفع هو أيضا روحه ثمنا في هذه المعركة غير المتكافئة بين السلاح والفن، بعدما رفض الاستسلام لتهديداتهم.

فمن يكون هذا الرجل، الذي بات "السيّد الثاني" للمسرح الجزائري وتحوّل إلى أيقونة فنية في البلاد؟

مولد في ولاية ثورية

ولد عز الدين مجوبي في 30 أكتوبر 1945 شرقي الجزائر وتحديدا بمدينة عزابة التابعة لولاية سكيكدة، وهي ولاية ثورية كبيرة، نفّذ فيها الثوار أكبر هجوم على قوات الاحتلال الفرنسي في 20 أغسطس 1955 عُرفت باسم "هجمات الشمال قسنطيني".

بعدما درس المرحلة الابتدائية في مسقط رأسه قبل الاستقلال، انتقل مجوبي إلى الجزائر العاصمة سنة 1963، وهناك دخل المعهد البلدي للموسيقى والمسرح بالعاصمة وتكوّن جيدا، ومن ثم شقّ طريقه من هناك نحو عالم الفن، والذي سيموت بسببه. 

احترف مجوبي المسرح بداية من سنة 1966 عندما التحق بالمسرح الوطني الجزائري، وبعد مسيرة قصيرة فيه انضمّ للفرقة المسرحية الأولى للإذاعة والتلفزة الجزائرية.

زواج من سيدة مسرحيّة

على خشبة المسرح تعرّف مجوبي على رفيقة دربه، فلم تكد سنة 1973 تنقضي حتى تزوج من الممثلة المسرحية آمنة عيسى بتلمسان غربي الجزائر، وأنجب منها طفلين هما؛ خير الدين وبدر الدين، وقد رافقته آمنة في رحلته التمثيلية إلى آخر يوم في حياته.

يصف الموقع الإلكتروني للمسرح الوطني الجزائري علاقة آمنة بزوجها قائلا، إن آمنة "ظلّت تعتبر عز الدين الصديق والزوج والرفيق والأخ والزميل فوق الركح".

في سنة 1974 عاد مجدّدا إلى المسرح الوطني الجزائري ممثّلا ومساعد مخرج وكاتبا، ولمع نجم مجوبي رفقة كل من؛ مصطفى قزدرلي وزياني شريف عياد ودليلة حليلو وصونيا مكيو ومحمد بن قطاف.

خزّان أعمال خالدة

من أعماله مسرحية "الصّمود" (1975) التي تروي قصة فلسطين، و"قالوا العرب قالوا" (1983) و"بابور غرق" في السنة ذاتها، و"غابو الأفكار" (1986)، التي نال بها جائزة أحسن إخراج بالمهرجان الوطني للمسرح المحترف بالعاصمة.

أما أعماله الخالدة فهي؛ "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" (1987)، وهي عمل يتحدث عن تضحيات الثوار الجزائريين ثم يعود إلى الحاضر لينتقد الأوضاع في البلاد، ومسرحيتي "خريف 1988" و"القلعة" (1990)، والفيلم التلفزيوني "لحن الأمل" (1993).

ومسرحية "عالم البعوش" (1993)، التي فازت بجائزة أحسن ممثل في مهرجان أيام قرطاج المسرحية بتونس في السنة ذاتها، كما نال جائزة أحسن إخراج عن مسرحية "لحوينتة" (1994).

أيضا كان مجوبي أستاذا في الإلقاء والنطق بالمعهد الوطني العالي للفنون الدرامية، كما أسس فرقا مسرحية هاوية عبر عديد الولايات.

مجّوبي مسؤولا.. ومغدورا

وفي أواخر يناير 1995 عُيّن مجّوبي مديرا للمسرح الوطني الجزائري، وكان قبلها مديرا للمسرح الجهوي لولاية باتنة (شرق) ثم مديرا للمسرح الجهوي لولاية بجاية (شرق)، لكنّه لم يلبث في منصبه الجديد سوى أياما قليلة.

ففي 13 فبراير 1995 اغتاله متشددون برصاصة في الرأس غير بعيد عن مبنى المسرح الوطني الجزائري، كتمت صوته على الخشبة إلى الأبد بعدما رفض الاستسلام لتهديداتهم ولغيره من زملائه بالتوقف عن التمثيل، وكان موته فاجعة كبيرة لأسرته الصغيرة ولأسرته الفنية وللجزائريين جميعا.

كان مجوبي "السيّد الثاني" للمسرح خلفا لرفيقه على الخشبة عبد القادر علولة، الذي رحل قبله بسنة واحدة برصاص المتشددين أيضا.

رحل مجوبي تاركا رصيدا كبيرا من الأعمال المسرحية خصوصا والتلفزيونية، ويقول الموقع الإلكتروني للمسرح الوطني الجزائري عن حياته على الخشبة "كان مبدعا لحظة الإعلان عن ميلاد شخصية جديدة على الركح.. وصافيا عندما يرهق مشاعره لحظة رسم ملامحها.. وفي ذلك كان يسعى نحو الكل في إمتاع جمهوره، فلا يُختزل هذا الوصف إلاَّ في عز الدين مجوبي الفنان المغدور.." 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

قصيدة شويخ من ارض مكناس لأبي الحسن الششتري الاندلسي ، كتبت بالاصل في المغرب ، واشتهرت في العراق ودول الخليج بعد أن لحنها...

Posted by Ghassan Mahdy on Sunday, July 4, 2021

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

قصيدة «شويّخ من أرض مكناس»، كتبها مولانا ابي الحسن الششتري قبل 700 عام.. انتشرت بشكل كبير مؤخرا بصوت عبد المجيد عبد الله وخلقت للمغرب ولمكناس اشهارا كبيرا.. هذه القصيدة لحنها الموسيقار البحريني خالد الشيخ وأول من غناها هو الفنان الخليجي البحريني احمد الجميري سنة 1982، ثم المغنية أحلام.. لكن لا أحد يعرف كيف حصل عليها.. القصيدة كتبت بالدارجة المغربية القديمة لكنها اشتهرت كثيرا بالخليج ويحفظها الجميع..

Posted by ‎فدوى رجواني‎ on Monday, January 23, 2023

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية