Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

احتجاجات وسط الجزائر العاصمة ضد الاستعمار الفرنسي - أرشيف
احتجاجات وسط الجزائر العاصمة ضد الاستعمار الفرنسي - أرشيف

في مثل هذا اليوم 14 أبريل 1939 توفي القيادي والمناضل في حزب الشعب الجزائري (أحد مساعدي مصالي الحاج)، أرزقي كحال، متأثرا بمرض فتك به في سجن بربروس بالجزائر العاصمة بعد أكثر من سنة على اعتقاله من قبل سلطات الاستعمار الفرنسي التي رفضت علاجه قبل أن تنقله للمستشفى في آخر لحظات حياته، وقد أثار رحيله غضبا بين مناضلي الحركة الوطنية.

من رحم المعاناة

وسط ظروف اجتماعية قاسية صنعتها السياسية الاستعمارية الفرنسية في الجزائر مطلع القرن العشرين، ولد أرزقي كحال (1904/1939) بمنطقة قنزات بني يعلى بسطيف (شرق)، ويقول الباحث في تاريخ الجزائر بجامعة "اكستر" البريطانية، حسني قيطوني، إن السنوات التي أعقبت احتلال الجزائر "كانت صعبة كشفت فيها فرنسا عن بشاعتها وبطشها الاستعماري بحق الجزائريين الذين جوعتهم بعد أن سلبت أراضيهم وممتلكاتهم لصالح المعمرين".

ويضيف قيطوني متحدثا لـ"أصوات مغاربية" أن تلك الظروف "كانت تُعِدّ رجالا من طينة الكبار لمرحلة النضال السياسي الذي تبعه اندلاع الثورة، وكان من بينهم أرزقي كحال الذي غادر نحو فرنسا، وهناك انضم للحركة الوطنية منذ 1932، متأثرا بالنضال السابق لحزب نجم شمال أفريقيا"،  الذي أسسه، عام 1926، الزعيم السياسي الجزائري مصالي الحاج (1898/1974) بفرنسا، لجمع شمل المهاجرين من الدول المغاربي.

تحدي الاستعمار

كان الاستعمار الفرنسي قد "وضع أرزقي كحال تحت المراقبة المستمرة نظرا لنشاطه ضمن صفوف الحركة الوطنية بالضاحية الغربية لباريس، وتحديدا مدينة ننتار الفرنسية التي كان يقطن فيها"، مثلما يشير إليه أستاذ التاريخ بجامعة الشلف محمد بن ترار في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، الذي أضاف أن كحال "انخرط في حزب الشعب وتدرج في مسؤولياته ثم عاد للجزائر رفقة القيادي عبد الله فيلالي، بعد توقيف مصالي سنة 1937، متحملا مسؤولية الأمين العام لخزينة حزب الشعب الجزائري".

كانت عودة أرزقي كحال للجزائر "بداية للعد التنازلي لتوقيفه، فقد تمكنت الشرطة الفرنسية في فبراير 1938 من اعتقاله بسجن بربروس رفقة عدد من قيادي حزب الشعب".

ووفق المتحدث فإن السلطات الفرنسية اعتبرت نشاطه في الجزائر "تهديدا للاستقرار"، كما أنها أرادت "بث الخوف في أوساط مناضلي الحزب، بعد أن عزلته في السجن، ورفضت علاجه إلى  أن وضعته في المستشفى ومنعت الزيارة عنه في آخر أيام، رغم مرضه الشديد في أكتوبر 1938 وإلى غاية تاريخ وفاته".

ويذكر بن ترار أن ذلك خلّف غضبا بين الجزائريين الناشطين الذين خرج بعضهم في مسيرة احتجاجية"، وفي سبتمبر من  نفس السنة حلت السلطات الفرنسية حزب الشعب واعتقلت ما تبقى من مناضليه.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية