يحتفي العالم، اليوم الاثنين، باليوم العالمي للفن، الذي أقرته اليونسكو لرفع الوعي بالفنون وتطويرها ولتسليط الضوء على مساهمة الفنانين في تحقيق التنمية المستدامة.
ويعد الفنان المغربي الراحل، موحا والحسين أشيبان، الشهير بـ"المايسترو"، واحدا من الفنانين المغاربيين الذين تخطت شهرتهم حدود المغرب الكبير، وإليه يرجع الفضل في التعريف بفن أحيدوس الأمازيغي (رقصة جماعية تؤدّى على أنعام الدف) الذي تشتهر به منطقة الأطلس، وسط المغرب.
فمن يكون أشيبان؟
ولد موحا والحسين أشيبان عام 1903 في قرية أزرو نايت لحسن، الواقعة بإقليم خنيفرة بالأطلس المتوسط، في كنف أسرة تعيش على الفلاحة والرعي.
كانت طفولة موحا عادية، قضى معظمها في رعي الغنم وفي مساعدة أسرته في الحرث والحصاد، لكنه كان دائم الحضور في جلسات فن ورقص أحيدوس في قريته.
انضم موحا في مرحلة لاحقة من شبابه إلى كتيبة الجيش الفرنسي خلال فترة الحماية بالمغرب (1912-1956) وشارك في الحرب العالمية الثانية، لكنه سرعان ما تحول في مرحلة لاحقة إلى واحد من مناهضي الاستعمار الفرنسي للمغرب ما دفع سلطات الحماية إلى فصله من سلك الجندية.
وبعد استقلال المغرب، برز اسم موحا والحسين أشيبان في الساحة الفنية المغربية، غير أن شهرته لم تبلغ مداها إلا أواسط سبعينيات القرن الماضي.
يجمع المهتمون بفن أحيدوس الأمازيغي على أن موحا كان أول من عرّف بهذا الفن في المغرب وخارجه، وبأنه نجح في إخراجه من فن فولكلوري إلى فن راق لا يختلف عن باقي التعبيرات الفنية العالمية.
وعن فنه، قالت الكاتبة المصرية مروة صلاح متولي، في مقال بـ"القدس العربي"، إن عروض أشيبان تجمع بين "المتعة الفنية، والتأثير البصري والسمعي والوجداني، ويشيع جو من الدهشة والإعجاب".
وأضافت "عندما يظهر موحا والحسين أشيبان، بهندامه المنتقى والمرتب بعناية ومظهره الأيقوني، يبدو كأنه خرج للتو من لوحة فنية أبدعها رسام ماهر من وحي المغرب، وأن كل شيء مرسوم بدقة، من العمامة إلى البلغة، والجلباب الأبيض والشكارة المزركشة، أو الحقيبة المعلقة على جسده بشكل جانبي".
كان موحا والحسين أشيبان يتقدم فرقته بخطوات قليلة، ويوجه أعضاءها برقصاته المتماشية مع إيقاعات الدف بخفة ورشاقة تشد الناظرين.
"مايسترو عالمي"
وتعد فترة الثمانينيات من أزهى فترات الفنان المغربي الراحل، إذ قاده نجاحه خلال تلك الفترة إلى زيارة الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الأوروبية للمشاركة في تظاهرات فنية عالمية.
ومن بين تلك التظاهرات، مشاركته في افتتاح كأس العالم بإسبانيا عام 1982، وتنشيطه لعروض في فعاليات "والت ديزني" بالولايات المتحدة عام 1984.
وخلال عرضه هناك، أعجب الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان بالفنان المغربي وأطلق عليه لقب "المايسترو"، وعرض عليه الإقامة بالولايات المتحدة لكن أشيبان رفض عرضه وعاد إلى المغرب.
وكان أشيبان قريبا أيضا من القصر الملكي بالرباط، وكان من بين الفنانين الذين اعتادوا تنشيط الحفلات التي كان ينظمها العاهل المغربي الراحل، الحسن الثاني.
شارك الراحل خلال مسيرته التي امتدت لأزيد من 60 عاما في 150 من الملتقيات والمهرجانات الدولية، حاز خلالها على أوسمة وجوائز عالمية على غرار وسام الفنان العالمي الذي سلمته له ملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث الثانية عام 1981.
وفي فبراير عام 2016، أعلن عن وفاة موحا والحسين أشيبان في قريته "أزرو آيت لحسن"، نواحي خينفرة، عن عمر 113 عاما، وفق وكالة الأنباء المغربية.
وخلفت وفاة الراحل حزنا كبيرا في الأوساط الفنية المغربية، وبعث الديوان الملكي برقية تعزية لأسرته، وصفه فيها الملك محمد السادس بـ"أحد رواد الفن الأمازيغي الأصيل" وبـ"مدرسة معطاءة، ساهمت ليس فقط في إثراء فن أحيدوس، وتطويره وصيانته، وإنما أيضا في التعريف بالثقافة الأمازيغية، مما جعله، بما حباه الله من حس فني مرهف وروح مرحة، وأداء متميز، يتخطى بفنه حدود أرض الوطن".
المصدر: أصوات مغاربية