Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

جنود فرنسيون
جنود فرنسيون يوقفون جزائريين خلال فترة الاحتلال

في مثل هذه الأيام من سنة 1945 انفجرت بالجزائر، التي كانت تحت الاحتلال الفرنسي، مظاهرات شعبية عارمة انطلقت في 8 ماي ودامت أكثر من ثلاثة أسابيع، قابلتها القوات الفرنسية بعنف أسفر عما سمته الجزائرية"مجازر" بينما تسميه فرنسا "أحداثا"، وهذا أول خلاف بين الطرفين.

صادف 8 ماي 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية، فخرج آلاف الجزائريين إلى شوارع المدن الكبرى، وخصوصا سطيف وقالمة وخرّاطة (شرق)، فرحا بالحدث ولمطالبة فرنسا بالوفاء بوعدها لهم، القاضي بمنحهم استقلالهم جزاء لهم على مشاركتهم مع قوات الحلفاء في هزيمة النازية.

خلاف في المصطلح والأرقام

واجهت السلطات الفرنسية الجزائريين بالرصاص، فسقط ضحايا، وهنا مكن الخلاف الثاني بين الجانبين الجزائري والفرنسي.

فإذا كان الخلاف الأول يتعلق بالاصطلاح الجزائري على ما جرى بأنها "مجازر" والاصطلاح الفرنسي بأنها "أحداث"، فإن الخلاف الثاني يتعلق بتقدير عدد الضحايا، حيث تقول التقديرات الجزائرية إنها 45 ألف قتيل، أما التقديرات الفرنسية فتحصر العدد في قرابة 15 ألف قتيل.

يذكر الباحث الجزائري عيناد ثابت رضوان في كتابه "8 ماي 1945 والإبادة الجماعية في الجزائر"، بأن يومية "لاديباش دالجي" أوردت في عددها الصادر في 30 يونيو 1945، بأن عدد الضحايا "لا يتجاوزن نسبة 5 بالمائة من مجموع سكان تلك المناطق، البالغ عددهم آنذاك حوالي مليون نسمة (سكان مناطق الاحتجاجات)".

ويضيف "أما عدد الضحايا فكان 45 ألف شهيد من الجانب الجزائر"، ويشير المصدر ذاته إلى أن جريدة جمعية العلماء المسلمين أشارت إلى أن "العدد 85 ألفا".

"حزب الشعب" و"جمعية العلماء".. وأرقام "توبرت"

ويجدر بالذكر أن مصدر الرقم 45 ألف ضحية جزائرية قدّمه "حزب الشعب الجزائري"، الذي كان المحرّك الأساسي لهذه الاحتجاجات. 

الرقم الأقصى الذي تحدثت عنه السلطات الفرنسية هو 15 ألف قتيل جزائري، حسبما جاء في تقرير "لجنة توبرت" (الجنرال بول توبرت) المكلفة من طرف السلطات الفرنسية بالتحقيق، والتي لم يُنشر تقريرها أبدا بأمر من الجنرال شارل ديغول، بعدما أمر بتوقيف عملها.

وتستند اللجنة الفرنسية في ذلك إلى ما تسميه الأرشيف المدني البريطاني والفرنسي، وتذهب إلى حصر الرقم بين 6 آلاف و15 ألف قتيل جزائري.

رقم أميركي

من جهته يقول أستاذ التاريخ بجامعة سطيف شرقي الجزائري العكروت خميلي، إن السلطات الجزائرية تسمي ما حدث بـ"المجازر، لتحميل الفرنسيين مسؤولية ما حدث، أما الطرف الفرنسي فيسميها أحداثا وأعمال شعب، ليحمّل المسؤولية للجزائريين"، وقد عنونت صحف فرنسية آنذاك بهذه العناوين.

ويكشف خميلي في حديث مع "أصوات مغاربية"، بأن هناك "رواية أميركية تحدثت عن سقوط أكثر من 80 ألف ضحية جزائرية، ليكون هذا مصدرا ثالثا لما حدث، فيما تعترف الرواية الفرنسية بالحد الأدنى من الضحايا".

ويختم خميلي حديثه بالتأكيد على أن "مجازر الثامن ماي تعدّ واحدة من أهم أركان ملف الذاكرة، الذي قال الرئيس الجزائري إنه يبدأ من أول يوم دخل فيه الاحتلال الفرنسي إلى الجزائر في الخامس يوليو 1830 إلى يوم خروجه في الخامس يوليو 1962، ولا يتعلق بثورة التحرير التي دامت سبع سنوات، خصوصا وأن الأمر يتعلق بحدث كبير بات من الرموز التاريخية للبلاد".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية