على قُرون ثور وكبش.. كيف تصور أمازيغ الجزائر والمغرب مصير الأرض؟
قدّم الأمازيغ في الجزائر والمغرب منذ قرون تفسيرهم لحال الأرض ومصيرها، بناء على معتقدات كثيرا ما ارتبطت في مخيالهم الجماعي بعالم الحيوانات، وتحديدا حيوانين اثنين هما؛ الثور والكبش وذلك لحضورهما القوي في حياتهم اليومية.
وبهذا الخصوص تتردّد في منطقة القبائل بالجزائر- وفق ما يذكره الباحث المغربي محمد أوسوس في كتابه "كوكرا في الميثولوجيا الأمازيغية" – بأن الأرض محمولة بين "الثور (أزكر) والكبش (إيزيمّر).
زلازل وكسوف
ويسترسل أوسوس "فحين يتعب الثور أو الكبش، ويرغب في نقل الأرض من قرن إلى قرن لإراحة القرن المتعب، فإن الأرض تهتزّ، فينشأ عن ذلك هزة أرضية أو زلزال أو كسوف الشمس".
هكذا إذا يكون مصير الأرض معلّقا على حركة قرون ثور وكبش، حسب التفسير الأمازيغي القديم، الذي لا يستبعد أوسوس أن تكون له علاقة بنفسيات دينية قديمة قادمة من شرق الأرض.
تفسير آخر يرى بأن عملية نقل الأرض من قرني حيوان إلى آخر تتم كل سنة "مما يفسر الطقوس المحيطة بنهاية السنة وبداية سنة جديدة، وتذهب أخرى إلى أن الثور يختار بنفسه حين يتعب لحظة نقل العالم إلى القرن الآخر، مما يؤدي إلى حدوث الزلازل".
وترى رواية ثالثة بأن "النمو البطيء للقرون يتسبب في حدوث هزات أرضية، بينما تفسر أخرى هذه الزلازل بتحريك الثور لرأسه حين يتعب".
البيضاء الأربع واسترضاء الثور
هذه التفسيرات نفسها موجودة تقريبا لدى أمازيغ المغرب، لكن رواية سوسيّة بالمغرب - يقول المصدر السابق – تفيد بأن "الثور يقف بقوائمه الأربع فوق أربع بيضات، وأن ليلة رأس السنة (إيض ن أوسكّاس)، تعتبر لحظة محفوفة بالمخاطر".
ويسترسل كاشفا عن هذه الخطورة "ففي هذه المرحلة ينتقل العالم من قرن إلى آخر، بل إن ما يتم من طعام طقوسي بمناسبة ليلة رأس السنة في سوس مثلا (إيض ن يناير) إنما يكون لاسترضائه واتقاء غضبه، وضمان استمرار توازن العالم على قرنه".
أما في شمال المغرب "فيحكى أن الأرض تطفو على الماء كالسفينة تتلاعب بها الأمواج، ولإرساء توازنها أمر الخالق ثورا بحملها على قرنه، أما منخاراه فقد أوغلهما في البحر، وهو ما يؤدي إلى المد حين شهيقه والجزْر حين زفيره".
أما في مناطق أخرى في الجنوب مثل تانصفارت (قلعة مكونة) - يختم الباحث المغربي في التراث الأمازيغي - فالعالم يحمله ثوران يتناوبان على ذلك، فعندما يكل أحدهما ويريد تمريره إلى الآخر تحدث هزة أرضية".
المصدر: أصوات مغاربية