Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

Picture released on October 3, 1958 of French General Charles de Gaulle meeting Algerians during his visit to Orleansville, now called Chlef, Algeria.
من زيارة الجنرال ديغول إلى الجزائر عام 1958

في مثل هذا اليوم من عام 1960 استقبل الجنرال ديغول بمقر الإليزيه في باريس قائد الولاية الرابعة التاريخية العقيد محمد زعموم المعروف بـ"سي صالح"، رفقة مساعدين له، وذلك بعد اتصالات فردية بين ثوار في هذه المنطقة والسلطات الفرنسية دون علم القيادات السياسية والعسكرية العليا للثورة الجزائرية.

يذكر مقال تحت عنوان "قادة الولاية الرابعة" للكاتب صالح بلحاج أنه إلى جانب "سي صالح" حضر اللقاء مع ديغول من الجانب الجزائري كل من جيلالي بونعامة المعروف بـ"سي محمد" ولخضر بورقعة.

يشير المصدر ذاته إلى تلك القضية بوصفها "من الأحداث المؤلمة التي وقعت أيام الثورة" مشيرا إلى أنها عُرفت بـ"قضية قادة الولاية الرابعة ، ويقال لها أيضا قضية سي صالح، من اللقب الحربي لقائد هذه الولاية في ذلك الوقت، واسمه محمد زعموم، من عائلة زعموم المعروفة التي أمدت الثورة منذ ما قبل انطلاقها بالعديد من أبنائها". 
 
في ما يلي يتحدث مؤرخون عن ظروف ذلك اللقاء ونتائجه: 

"فكرة خطيرة"

تعتبر الولاية الرابعة التاريخية التي كان يقودها العقيد صالح زعموم، قلب الثورة الجزائرية نظرا لحساسية المناطق التي تشملها من الشلف غربا إلى بومرداس شرقا وبينهما نواحي مدينة الجزائر العاصمة التي كان يوجد فيها المعمرون الأوروبيون بكثافة.

ويقول الباحث في تاريخ الجزائر بجامعة "إكستر" البريطانية، حسني قيطوني، إن الثورة كانت تمر في تلك الفترة بـ"مرحلة صعبة بسبب نقص إمدادات الذخيرة والسلاح للمقاومين في الجبال، والضغوط المتزايدة على الشعب من طرف الاستعمار الفرنسي نظير دعمه العمل المسلح".

ويتابع قيطوني حديثه لـ"أصوات مغاربية" موضحا أن تلك المرحلة شهدت أيضا "صراعات قيادية حادة، بسبب الاختلاف حول التفاوض ومستقبل الكفاح وأولوية قيادات الخارج على الداخل"، مضيفا أنه في ظل هذه الظروف "اقتنع العقيد زعموم (1928/ 1961)، بفكرة التفاوض مع الاستعمار لتهدئة الجبهة وهي فكرة عرضها عليه بعض مساعديه".

ويؤكد المتحدث ذاته أن "عدة عوامل ساهمت في نجاح خطة التواصل تتمثل في رغبة الفرنسيين في فتح حوار مع جبهة الداخل عوضا عن قيادة الخارج، ووجود مساعدين اقتنعوا وأقنعوا زعموم بالفكرة الخطيرة التي كلفتهم غاليا".

"فصل القيادات"

من جانبه، وفي سرده لظروف ذلك اللقاء، يقول المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث إن ذلك كان نتيجة "نجاح الدعاية الفرنسية التي عملت على محاولة فصل قيادات الثورة السياسية والعسكرية عن بعضها البعض"، مضيفا أن الفرنسيين "انفردوا بالعقيد زعموم الذي كان بعيدا عن القيادات العليا".

ويتابع بلغيث حديثه لـ"أصوات مغاربية" موضحا أن "الاتصالات التي بدأت في مارس 1960 مع الفرنسيين خلصت إلى  تسهيل ظروف تنقل العقيد زعموم ومساعديه إلى الإليزيه في باريس، حيث استقبلهم الجنرال ديغول واستمعوا لعروضه بالعفو والانخراط في الحياة المدنية أو الانضمام للجيش الفرنسي"، مضيفا أن هدف الفرنسيين من وراء ذلك كان "إحداث شرخ داخل الثورة، والعمل على استدراج قيادات أخرى بشكل شخصي".

ونتيجة لذلك اللقاء، يقول بلغيث إن "نهاية العقيد زعموم كانت مأساوية، حيث ظل منبوذا بين رفاقه بعد عزله في صائفة 1960" وكان "ينتظر الفصل في أمره، بعد تنفيذ الحكم في مساعدين له قبل أن يُقتل في كمين نصبته له القوات الفرنسية بمنطقة البويرة (وسط) يوم 20 يونيو 1961 أثناء ترحيله لشرح قضيته أمام القيادة في تونس".

ورغم أنه توفي قبل أن يتمكن من شرح قضيته وموقفه، فإن الباحث في التاريخ، حسني قيطوني يرفض وصف زعموم بأنه "كان خائنا أو سعى لخيانة الثورة، بل بالعكس من ذلك" مضيفا أنه "كان يبحث عن مخرج للثورة ولمنطقته المحاصرة أمام قلة الموارد والسلاح، وأن يبعث برسالة تؤكد وجود قيادة سياسية وعسكرية من الداخل بإمكانها التفاوض".

  • المصدر: أصوات مغاربية
     

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية