Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

الرئيسان السابقان أحمد بن بلة وهواري بومدين
الرئيسان الجزائريان السابقان أحمد بن بلة وهواري بومدين- سبتمبر 1962

بعيد استقلالها في الخامس من يوليو عام  1962، شهدت الجزائر خلافا حادا بين جيش الحدود والحكومة المؤقتة.

تحول الخلاف إلى أزمة سياسية وعسكرية استمرت طيلة شهري يوليو وأغسطس من تلك السنة، انتهت بدخول الجيش للعاصمة قادما من القاعدة الغربية للثورة حيث تمت الإطاحة بالحكومة المؤقتة.

فما هي قصة هذا الخلاف؟ وكيف انتهى؟ 

"خلافات منذ 1950"

مع إعلان وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962، بدأت رحلة الاستعداد لمرحلة الاستقلال وخروج الاستعمار الفرنسي، ويقول المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث إن "الخلافات بين قيادات الثورة ليست وليدة ذلك اليوم بل تشكلت منذ اكتشاف الاستعمار الفرنسي للمنظمة الخاصة سنة 1950" مشيرا إلى "صدام نشأ بين السياسيين والعسكريين آنذاك، ثم بعد مؤتمر الصومام في أغسطس 1956 بين قياديين من الخارج والداخل، كما ظهرت بشكل واضح قبيل اجتماع العقداء في أغسطس 1959 بتونس".

ويتابع بلغيث حديثه لـ"أصوات مغاربية" قائلا إن "فشل الحكومة المؤقتة في السيطرة على هيئة قيادة الأركان وجيش الحدود بالمغرب، ثم قرار رئيسها يوسف بن خدة عزل بعض قياديي الجيش وفشله في ذلك، كلها أمور أدت إلى عداء تاريخي بين الطرفين، دفع بالعقيد هواري بومدين الذي كان يدين له الجيش بالولاء إلى عقد تحالفات مع أعضاء من الحكومة للإطاحة بها، وتولي مجموعة وجدة التي توسعت إلى جماعة تلمسان الحكم".

ويرى المتحدث ذاته أن بومدين "وجد في انقسام الحكومة المؤقتة، وصراعاتها الداخلية، فرصة للتحالف مع بن بلة باعتباره رمزا تاريخيا"، مشيرا إلى أن بن بلة "واجه خلافات مؤتمر طرابلس في ماي 1962، وأعلن في 22 يوليو 1962 من تلمسان عن تشكيلة المكتب السياسي لجبهة التحرير لقيادة البلاد، بدعم كامل من قيادات تاريخية سياسية وعسكرية في مقدمتها هواري بومدين، فرحات عباس، محمد شعباني، علي كافي، عبد الحفيظ بوصوف، قايد أحمد، رابح بيطاط، محمدي السعيد، الطاهر الزبيري وعلي منجلي".

"معارك الإخوة الأعداء"

من جهته، يصف القيادي السابق في جيش الحدود، عبد القادر حنفي، ما حدث في صيف 1962 بـ"معارك الإخوة الأعداء الذين واجهوا بعضهم البعض غداة الاستقلال"، قبل أن يردف مبرزا بعض جوانب "زحف جيش الحدود في اتجاه العاصمة عقب استعدادات سياسية وعسكرية في تلمسان بداية من منتصف يوليو 1962".

ويشير حنفي في حديث مع "أصوات مغاربية" إلى أن أحمد بن بلة "استبق جيش الحدود بالتواجد يوم 2 أغسطس 1962 في الجزائر العاصمة، رفقة أعضاء المكتب السياسي كسلطة للأمر الواقع، مدعوما من الجيش بقيادة هواري بومدين"، وفي هذه الأثناء "خاض أفراد جيش الحدود الذين كانوا بعشرات الآلاف مواجهات ومناوشات في الشلف (غرب)، مع وحدات من جيش الداخل، توقفت بعد وساطات من أعلى المستويات".

وبحسب المتحدث ذاته فإن "خسائر في الأرواح سجلت بين الطرفين دون تحديد عددها رسميا، كما سقط ثوار من الطرفين في مناوشات على أبواب الجزائر العاصمة التي اقتحمتها القوات الموالية والمتحالفة مع قادة جيش الحدود قادمة من بعض الولايات التاريخية الأخرى في مطلع سبتمبر 1962"، مضيفا أن ذلك "مهد لتولي بن بلة الحكم وتشكيل حكومة من جماعة تلمسان بتحالف مع الجيش، بدل الحكومة المؤقتة التي كان يقودها يوسف بن خدة".

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية